التفكر والتدبر في خلق الله يفتح مسام العقل لتيارات الفكر فينتشي ويفرح فيحب الله اكثر واكثر ...
هذا ماحدث اليوم أثناء تقشيري للبرتقالة ثم وأنا اقطعها إلي فصوص بشكلها الهندسي البيولوجي الرائع. نسيت كل ما أفكر فيه من مشاغل الدنيا ورغباتها التي لا تنتهي ، وتوقفت للحظات عن التهام فص البرتقال الذي أنظر إليه بين أصابعي بلذة وشوق ونهم ، وتمعنت النظر فيه وفكرت وتدبرت كيف لبذرة صغيرة , لا تعي ما فيها , تتحول إلي هذا الشكل الهندسي المبدع الذي نسميه “برتقالة ” , بما فيها القشرة الخارجية والداخلية وتركيب وشكل الفصوص وتلاحمها سويا جنبا إلي جنب , والماء والسكر الذائب فيها , والبذور الساكنة فيها ، ومع أني درست البيولوجيا بما فيها أساسيات علم النبات , إلا أني أصبت بالدهشة ولم أملك إلا أن أصيح وأقول سبحان الله.
فاذا حدث ذلك معك , ونظرت وتمعنت في البرتقالة بتلك النظرة المدققة في هندسة خلق الله للنبات , أتوقع أن تتوقف عن التهام بقية فصوص البرتقالة , وتهرول إلي صديق لك من علماء النبات ، أو تبحث في الإنترنت لتبحث هناك عن إعجاز خلق البرتقال ، لعلك تفهم كيف بالله حدث ذلك. كيف لبذرة حجمها أقل من نصف سنتيمتر , عندما نزرعها في الأرض تخرج لنا شجرة برتقال , قادرة أن تنمو وتثمر , لتمنحنا هذه البرتقالة الرائعة في الطعم واللون والتركيب التشريحي والهندسي المملوء بكيمياء لها ليس فقط فائدة كبري ولكن أيضا طعم لذيذ.
ولو صادف وكان أمامك صينية فاكهة تحتوي علي حبة رمان مع حبة مانجو؛ وأصبع موز وعنقود عنب ، لسوف تزداد دهشتك. و قد تقرر , قبل أن يشتت عقلك , التوقف عن التفكير في هندسة وتركيب العنب والمانجو والرمان والبرتقال والبلح ، وتتفرغ للتلذذ بالطعم والرائحة. فسبحان الذي جعل في كل بذرة سرها وبصمتها وتفردها ، حتي إذا ألقينا خليطا من البذور في الأرض الواحدة ، نبتت وترعرعت أشجارا مختلفة، صنوان وغير صنوان رغم أنه يسقي بماء واحد وينموا في أرض واحدة .
وبصمة كل بذرة تكمن في السر الذي أودعه الله في جنينها من الجينات المغمورة بدقة في الكروموسومات. نعم , الجينات هي السر الأكبر الذي أودع الله فيه شكل ولون ورائحة وهندسة ومكونات خلقه من الأحياء، نبات وحيوان وإنسان. فمن حفنة من الجينات معبأة في خلية واحدة , يخرج فيلا أو أسدا أو فأرا أو صرصورا أو انسانا.
تلك هي المعجزة الكبري التي أودعها الله في كل خلية , كل حرف فيها له وظيفة كبري , يعرفها وينفذها في الوقت المحدد والمكان المحدد, وبتنسيق مذهل مع الجينات الأخري بذات الخلية أو مع تلك التي بالخلايا الأخري. كيف لتلك الجينات في خلية الجنين سواء بذرة نبات ما أو حيوان ما أو إنسان ما تتحول في هدوء ونظام محكم الي ملايين من الخلايا التي تتشكل مع الوقت إلي أنسجة مختلفة كل له وظيفته المختلفة، لهو اعجاز رب العالمين الذي أودع فيها أسراره التي مازلنا نجهل عنها الكثير.
وهكذا كلما أمسكت ببرتقالة وهممت علي أكلها , انتابتني تلك الأفكار التي لا تنتهي إلا بالتهام البرتقالة.
سبحنا الله العلي القدير وله في خلقه شئون …
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
سبحان الله .. جزاك الله خيراً أستاذنا الفاضل وعالمنا الجليل د.محمد لبيب سالم