لا نستطيع أبدًا أن ننفصل عن الطبيعة بكل ما فيها،لابد أن تؤثر علينا ونتأثر بها.
مساءًا إذا توجهت إلى نافذة الغرفة،ونظرت عبرها ووجدت القمر يضئ والنجوم باقية ومشرقة من حوله والسماء صافية لا يَخدشها شائب، فإنك ستشعر بداخلك بما يُعرف بالسلام والأمان.
أما إذا كان الوقت نهارًا ونظرت في المدى ووجدت نباتات ممتدة،وأشجارًا عالية،وزهور مُتفتحة فإن هذا أيضًا سيبني بيوتًا من السلام في داخلك.
لطالما حلم البشر الأسوياء بأن يعم السلام في أنفسهم أو من حولهم، ولكن الشر لابد أن يأخذ مكانه إلى جانب الخير.
حين بدأ الكون كان ومازال مُتناغمًا ومتكاملًا بما فيه،فمتى وُجد الخطر،كان ما يُقابله ما يَضمن السلامة وتخفيف هذا العبء.
ونحن لم ننسى الأسلحة النووية والكواراث التي أحدثتها المفاعلات النووية من إشعاعات تسربت ل الهواء والماء والتربة،وألحقت الأذى والضرر وأخفت مظاهر السلام والأمان.
ولكن لأن لكل داء دواء،كانت النباتات هي الأحق والأولى بتفريغ الأرض والمياه من الضرر وإعادة السلام من جديد.
فتم استخدام نباتات عديدة في التخلص من أضرار العناصر المُشعة في أوكرانيا وفوكوشيما،كنبات "الأمارانث"و"القطيفة" و"الخردل"، وعلى رأسهم نبات "عباد الشمس".
وكان ل عباد الشمس النصيب الأكبر في التخلص من النظائر المشعة التي علقت بالتربة وتسربت للماء في غضون وقت قياسي وبنسبة عالية، حيث كان له القدرة على امتصاص العناصر المشعة ورفعها إلى كتلته الحيوية التي تشمل أوراقه وسيقانه، ولحسن الحظ أن المواد المشعة التي يمتصها "العباد" مُشابهة ل العناصر التي يحتاجها في البناء الضوئي وتطور هيكله النباتي،إضافة إلى شكله الجميل الذي يدعو للتفاؤل إذا رأيته في حقول واسعة وممتدة.
وقد نجح "عباد الشمس" في ذلك نتيجة لنموه السريع،وقدرته على عزل الملوثات ومواصلة النمو من بعدها.
ولذا أصبح العالم يلجأ لعلاج الطبيعة بالطبيعة نفسها،بالكائنات التي نمت وتحملت التغيرات المختلفة وتأقلمت معها.
وأصبح "عباد الشمس" الزهرة الوطنية لأوكرانيا عقب ما خلت من الملوثات النووية،وعلى الرغم من أن تجربة "العباد"، لم تنجح بشكل واسع في فوكوشيما كما حدث في أوكرانيا ولكننا لم نَخسر كل شئ،وقد يعود ذلك لتأخر زراعة " العباد" حينها لبعد سنوات من حادثة فوكوشيما، حيث زاد امتصاص التربة للملوثات،ونتيجة لاختلاف نوعية التربة وربما نوع "عباد الشمس" المستخدم،وتركيز المواد المشعة وطبيعتها،ولكن التجربة مازالت قائمة وذات نتائج مقبولة.
ولأن المعالجة النباتية تحتاج لوقت طويل نوعًا،فيمكن الاستفادة من ذلك الوقت في تحويل تلك الملوثات إلى وقود حيوي ومصدر للطاقة للاستفادة الكاملة منها.
ولذا إذا رأيت" عباد الشمس" من حولك فابتسم وأرفع له القبعة لإنه جندي مناضل وصامد لأجل السلام.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات