"اذا كنت تهتم بجهازك المناعي فاهتم بتناول أوميجا"

تخيل أن جسمك قلعة محصنة وأن جهازك المناعي هو جيشك الذي يقاتل الغزاة من الميكروبات لكي يمنعها من دخول القلعة أو تسلق أسوارها العالية ثم تفاجأ أن جيشك قد انقلب وهاجم القلعة.


في هذه الحالة سوف تصاب القلعة بتحطيم أسوارها وبيوتها. هذا هو ما يحدث بالضبط عند الإصابة بمرض الذئبة الحمراء، والتصلب المتعدد، والتهاب المفاصل الروماتويد أو الصدفية، وهي من بين مئات أمراض المناعة الذاتية الأخرى. وبالطبع سوف تعاني من الألم والإرهاق والدوخة والطفح الجلدي والاكتئاب والعديد من الأعراض الأخرى.


فمع أن الهدف الرئيسي لجهازك المناعي هو حماية جسمك من البكتيريا والطفيليات والفيروسات والخلايا السرطانية ليبقي قلعة محصنة، إلا أنه أحيانا وتحت ظروف غير مفهومة يقوم بـمهاجمة جسمك عن طريق الخطأ بدلاً من حمايته. وهذا ما يسمي بأمراض المناعة الذاتية. وهناك أكثر من 100 من أمراض المناعة الذاتية المعروفة. تشمل الأمراض الشائعة الذئبة والتهاب المفاصل الروماتويد ومرض كرون والتهاب القولون التقرحي.

وللأسف من غير الواضح بدقة سبب قيام جهاز المناعة بهذا العمل الشنيع، والذي أشبهه بالخيانة والانقلاب هي جزء من ذاته، فلماذا تنقلب عليك الخلايا المناعية بدلا من ان تدافع عنك.. ولكن يبدو الأمر كما لو أنه لم يعد بإمكانه التمييز بين ما هو صحي وما هو غير صحي - بين ما هو أنت وما هو غازي.

فهل الخطأ في الخلايا المناعية أم في الخلايا التي تم مهاجمتها بدلا من الدفاع عنها. قد نُلقي اللوم على الخلايا المناعية بسبب فشله بعض منها في التعليم والتدريب أثناء فترة اعداها وتجهيزها وتجييشها في نخاع العظم والغدة التوتية الموجودة فوق القلب. وعندما تخرج هذه الخلايا التي فشلت في تعليمها ولم تتعلم التفرقة بين العدو والصديق فإنها تهاجم بعض خلايا الجسم أثناء المعارك. ولكن قد نُلقي باللوم على خلايا الجسم نفسها التي هوجمت بسبب عدم قدرتها على اصلاح ما حدث فيها من خلل أثناء المعارك واصابتها بفيروس أو بكتيريا فيتغير شكلها عن الطبيعي فيختلط الأمر علي الجهاز المناعي ويهاجمها ليتخلص منها فهو مبرمج علي التخلص من أي غريب ولو بالقليل.

ورغم من أن هذه النظريات قد تفسر بعض الشيء عن سبب حدوث أمراض المناعة الذاتية إلا أن الأسباب الحقيقية ما زال العلماء يبحثون عنها. ولكن اتضح أن هناك بعض من العوامل التي قد تزيد من فرص أمراض المناعة الذاتية بعض الأدوية مثل أدوية ضغط الدم والمضادات الحيوية- وجود أقارب مصابين بأمراض المناعة الذاتية. بعض الأمراض وراثية، التدخين، التعرض للسموم، السمنة، حدوث الالتهابات.

وبالطبع تؤثر أمراض المناعة الذاتية على أنواع عديدة من الأنسجة وأي عضو في جسمك تقريبًا مسببة مجموعة متنوعة من الأعراض بما في ذلك الألم والتعب (الإرهاق) والطفح الجلدي والغثيان والصداع والدوخة وأكثر من ذلك. تعتمد الأعراض المحددة على المرض الدقيق.

وتنتشر العديد من أمراض المناعة الذاتية عند النساء أكثر من الرجال. الأمراض شائعة ففي في الولايات المتحدة على سبيل المثال وجد أن 78٪ من مرضي المناعة الذاتية هم من النساء. ويوجد 1 من كل 15 شخصًا مصاب بأمراض المناعة الذاتية. وهناك مليون شخص يعانون من مرض الذئبة و1.4 مليون يعانون من مرض كرون أو التهاب القولون التقرحي. ولذلك تعد أمراض المناعة الذاتية واحدة من أهم 10 أسباب للوفاة لدى النساء في جميع الفئات العمرية حتى سن ٦٥.

وبالرغم من نجاح بعض العلاجات بما فيها العلاجات البيولوجية في التغلب على أعراض أمراض المناعة الذاتية من خلال تثبيط نشاط وعدد الخلايا المناعية، إلا أنه لم يتم بعد اكتشاف علاج للأسباب نفسها والتخلص نهائيا من المرض. ولكن من خلال قراءاتي للعديد من الأبحاث فقد أكدت الدراسات الحديثة والمتعاقبة أن تناول الأحماض الدهنية غير المشبعة من نوع أوميجا 3 والموجود في زيت كبد الحوت وزيت السمك مع التقليل من تناول الأحماض الدهنية غير مشبعة من نوع أوميجا 6 الموجودة في العديد من الزيوت مثل زيت بزور عباد الشمس وفي المكسرات واللوز والافوكادو يؤدي إلى تحس كبير في أعراض أمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة الحمراء والروماتويود.

والأحماض الدهنية نوعين فمنها المشبع والغير مشبع. والطبيعي منها أساسي لبناء الجسم الذي يحتاجها ليعمل بشكل صحيح لأنه غير قادر على إنتاجها بمفرده. وتدخل هذه الأحماض وخاصة النوع المسمى بالأحماض غير مشبعة في العمليات الفسيولوجيا لجميع أنواع الخلايا في الجسم ناهيك على انها جزء من مكونات الغشاء الخلوي. ولكن نوع الاحماض الدهنية وكميتها مهم جدا. وهذا يعني أنه يجب عليك الحصول عليها من الأطعمة المختلفة، ولكن بنسب يجب أن تعلمها. والأحماض الدهنية غير المشبعة نوعان هما أوميجا ٣ واوميجا ٦.

وقد أشارت العديد من الأبحاث إلى أن النظام الغذائي للقدماء كان يحتوي على كميات متساوية من الأحماض الدهنية غير المشبعة من نوع أوميجا 6 وأوميجا 3 الدهنية. لكن اليوم وللأسف، فإن الأنظمة الغذائية الغربية أعلى بكثير في أحماض أوميجا 6 الدهنية بنسبة 17: 1.

ووفقًا لأكاديمية التغذية وعلم التغذية بـأمريكا، فإن النساء والرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و50 عامًا يحتاجون إلى ما يقرب من 12 جرامًا و 17 جرامًا يوميًا من الأحماض الدهنية غير المشبعة. ولكن تشر الأبحاث أيضًا إلى أن تناول نسبة عالية من أوميجا 6 إلى أوميجا 3 يساهم في حدوث الالتهابات والأمراض المزمنة. ولضمان نسبة مناسبة بينهما، فمن الضروري تناول الأطعمة الغنية بالأوميجا 6 باعتدال مع تناول كمية جيدة من أحماض أوميجا 3 الموجودة في الأطعمة مثل الأسماك الدهنية والمكسرات والبذور.

ومن أهم الأحماض الدهنية الموجودة في الأغذية حمض اللينوليك المعروف بأوميجا-6 وحمض ألفا-لينولينيك المعروف بأوميجا-3، والذي يتم تحويله في الجسم إلى أحماض دهنية متعددة غير مُشبعة. هما حمض إيكوسابنتاينويك (EPA)، وحمض دوكوساهيكسانويك (DHA).


وهناك 10 أطعمة مغذية غنية بأحماض أوميجا 6 الدهنية، بما في ذلك محتويات حمض اللينوليك لكل وجبة.

1. الجوز:

الجوز هو نوع شائع من المكسرات المليئة بالعناصر الغذائية الهامة مثل الألياف والمعادن، بما في ذلك المنغنيز والنحاس والفوسفور والمغنيسيوم (4 مصدر موثوق). يمكن الاستمتاع بالجوز بمفرده كوجبة خفيفة مغذية، أو رشه على السلطات أو الزبادي أو دقيق الشوفان لتعزيز المحتوى الغذائي لهذه الوجبات. محتوى حمض اللينوليك في الجوز حوالي 10800 مجم لكل أونصة (28 جرام) ، أو 38100 مجم لكل 3.5 أوقية (100 جرام).

2. زيت القرطم (العصفر):

زيت القرطم (العصفر) هو زيت طبخ شائع يتم استخراجه من بذور نبات القرطم. مثل الزيوت النباتية الأخرى ، يحتوي زيت العصفر على نسبة عالية من الدهون الأحادية غير المشبعة ، وهي نوع من الأحماض الدهنية التي قد تساعد في تحسين صحة القلب (5 مصدر موثوق ، 6 مصدر موثوق). وزيت القرطم له نكهة محايدة ، مما يجعله رائعًا للاستخدام في البطاطس المقلية والمخبوزات وتوابل السلطة والصلصات. ويصل محتوى حمض اللينوليك في زيت العصفر إلي حوالي 1730 مجم لكل ملعقة طعام (14 جرام) ، أو 12700 مجم لكل 3.5 أوقية (100 جرام).

3. التوفو:

يُصنع التوفو عن طريق تخثر حليب الصويا والضغط على خثارة الصويا لتشكيل كتل طرية. توفر كل وجبة جرعة دسمة من العديد من العناصر الغذائية الرئيسية ، بما في ذلك البروتين والحديد والكالسيوم والمنغنيز ويضاف التوفو إلى تناوب الوجبة الأسبوعية عن طريق تقليب خليط التوفو أو رشه على السلطات أو استبداله باللحوم في الأطباق الرئيسية. ويصل محتوى حمض اللينوليك إلي 6060 مجم لكل ربع كتلة (122 جرام) ، أو 4970 مجم لكل 3.5 أوقية (100 جرام).

4. بذور القنب:

بذور القنب هي بذور نبات القنب، المعروف أيضًا باسم Cannabis sativa. بالإضافة إلى كونها محملة بالدهون الصحية للقلب، تعد بذور القنب مصدرًا رائعًا للبروتين وفيتامين E والفوسفور والبوتاسيوم. يمكن رش بذور القنب على العصائر والحبوب والسلطات واللبن للحصول على جرعة إضافية من العناصر الغذائية. ويصل محتوى حمض اللينوليك 8240 مجم لكل 3 ملاعق كبيرة (30 جرام) ، أو 27500 مجم لكل 3.5 أوقية (100 جرام).

5. بذور عباد الشمس:

بذور عباد الشمس هي البذور المغذية التي يتم حصادها من رأس نبات عباد الشمس. فهي غنية بشكل خاص بالفيتامينات والمعادن الهامة، بما في ذلك فيتامين E وعنصر السيلينيوم، وكلاهما يعمل كمضادات للأكسدة تحمي من تلف الخلايا والالتهابات والأمراض المزمنة. وتقدم بذور عباد الشمس مع نكهة الجوز وقوامها الطري والمقرمش إضافة رائعة للسلع المخبوزة والطواجن. ويصل محتوى حمض اللينوليك إلى 10.600 مجم لكل أونصة (28 جرام)، أو 37400 مجم لكل 3.5 أوقية (100 جرام).

6. زبدة الفول السوداني:

زبدة الفول السوداني عبارة عن كريمة مصنوعة من الفول السوداني المحمص. ليس الغني ليس فقط بالدهون الصحية والبروتينات، بل أيضًا بالعناصر الغذائية الرئيسية مثل النياسين والمنغنيز وفيتامين E والمغنيسيوم. كما أنه متعدد الاستخدامات ويسهل الاستمتاع به مع طبق الفواكه والخضروات، أو مزجه في العصائر ، أو إلى طبق الحلويات المفضل لديك. وتحتوي زبدة الفول السوداني علي حوالي: 1،960 مجم من حمض اللينوليك لكل ملعقة طعام (16 جرامًا) ، أو 12300 مجم لكل 3.5 أوقية (100 جرام).

7. زيت الأفوكادو:

زيت الأفوكادو هو زيت طبخ ينتج من لب الأفوكادو. بالإضافة إلى احتوائه على نسبة عالية من مضادات الأكسدة، فقد وجدت الدراسات التي أجريت على الحيوانات أن زيت الأفوكادو قد يحسن صحة القلب عن طريق تقليل مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية. ويحتوي زيت الأفوكادو أيضًا على نقطة احتراق عالية، مما يعني أنه يتحمل درجات الحرارة العالية دون أن يتحلل أو يتأسد. وهذا يجعله مثاليا لطرق الطهي عالية الحرارة، مثل الخبز والتحمير والقلي. ويحتوي زيت الأفوكادو علي حوالي: 1750 مجم من حمض اللينوليك لكل ملعقة طعام (14 جرام)، أو 12530 مجم لكل 3.5 أوقية (100 جرام).

8. البيض:

يمثل البيض إضافة لذيذة ومغذية ومتعددة الاستخدامات إلى نظامك الغذائي، حيث إنه مليء بمجموعة من العناصر الغذائية المهمة مثل البروتين والسيلينيوم والريبوفلافين. وعلى الرغم من أن البيض غالبًا ما يتم الاستمتاع بها مخفوقًا أو مقليًا أو مسلوقًا ، إلا أنه يمكن إضافته أيضًا إلى الإفطار والسندويشات والطواجن والسلطات لخلط وجباتك. ويحتوي كل بيضة كبيرة علي حوالي 594 مجم من حمض اللينوليك لكل 50 جرام.


9. اللوز:

اللوز هو نوع شائع من جوز الشجر الأصلي في الشرق الأوسط، ولكنه يُزرع الآن في جميع أنحاء العالم. إنه مصدر كبير للبروتين والألياف، إلى جانب فيتامين E والمنغنيز والمغنيسيوم. وعلى الرغم من أن اللوز يعد وجبة خفيفة مرضية من تلقاء نفسه، إلا أنه يمكنك محاولة تحميصها وإضافتها إلى الطعام لصنع زبدة لوز ناعمة ودسمة. ومحتوى حمض اللينوليك في اللوز يصل إلي حوالي 3490 مجم لكل 28 جرام.

10. الكاجو:

الكاجو هو نوع من المكسرات معروف بنكهته الزبدية وشكله الفريد. وهو غني بالعناصر الدقيقة، بما في ذلك النحاس والمغنيسيوم والفوسفور. تتمثل إحدى الطرق الشائعة لاستخدام الكاجو في تحويله إلى كريمة الكاجو عن طريق نقعه طوال الليل وهرسه في الطعام. وكريم الكاجو مثالي لتحسين النكهة والملمس والمغذيات لتوابل السلطة والصلصات والشوربات. ويصل محتوى حمض اللينوليك إلي 2،210 مجم لكل 28 جرام.

وفي النهاية وجب التنبيه علي أن أحماض أوميجا 6 الدهنية هي نوع من الدهون الأساسية التي تلعب دورًا مهمًا في صحتك العامة. والأطعمة مثل المكسرات والبذور والبيض والزيوت النباتية كلها مصادر ممتازة لأحماض أوميجا 6 الدهنية. ومع ذلك، من المهم أيضًا أن تستهلك الكثير من أحماض أوميجا 3 الدهنية للحفاظ على نسبة مفيدة من الدهون الصحية في نظامك الغذائي.


وأنا شخصيًا كنت قد أجريت ٤ بحوث علمية على فئران التجارب لدراسة تأثير الأحماض الدهنية من نوع اوميجا ٣ و ٦ علي حدوث الالتهابات ونمو الورم ووجدت أن نوع أوميجا ٣ يقلل الالتهاب بشدة علي عكس اوميجا ٦. وتم نشر هذه الأبحاث في الدوريات العلمية المحكمة وكان ذلك في نهاية التسعينيات وبداية ٢٠٠٠ عندما كان هذا الموضوع حديث ويشغل بال المجتمع.


عليك أن تحافظ على نسبة تناول الاحماض اوميجا ٣ الي اوميجا ٦ لتكون دائما لصالح اوميجا ٣ على أن تبقي النسبة من ٢ الي ١. أو على الأقل 1:1 لتجنب أمراض المناعة الذاتية. فلا تنسي أن تتناول السمك ولو مرة أسبوعيا ولا تفرط في استخدام "زيوت التحمير والقَليّ' الشائعة لتحمي نفسك من أمراض المناعة الذاتية.

مع خالص تحياتي

د. محمد لبيب سالم

أستاذ علم المناعة بكلية العلوم جامعة طنطا

وكاتب في الصحافة العلمية



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

https://www.youtube.com/watch?v=vnHLE_Jb1tg

إقرأ المزيد من تدوينات د. محمد لبيب سالم أستاذ جامعي واديب

تدوينات ذات صلة