اسم الكتاب: ورد ورماد اسم الكاتب: محمد شكري، محمد براده تصنيف الكتاب: أدب الرسائل عدد الصفحات: 111

يُصنَّف الكتاب على أنه من أدب الرسائل، فكان تجميعًا لِلرسائل التي تبادلها الصديقان الكاتبان "محمد شكري" و "محمد برادة"

فكانت عبارةً عن نقاشاتٍ لِأمورٍ اجتماعية وحياتية عايشاها في بلدهما المغرب، إذ أنَّ أحدهما كان في طنجة والآخر مُتنقِّلًا بين الرباط وباريس والقاهرة ومدن أخرى، وكانت _تلك الرسائل_ محطَّ تحفيزٍ على الكتابة فكانت رغبة "محمد برادة" أن يُذكر صديقه بضرورة الاستمرار في الكتابة لمقاومة تفاهة الواقع الذي كان يعيش فيه، ولأن الكتابة وخصوصا كتابة الرسائل تستجيب للحظات حميمية من البوح والمكاشفة والتفكير بصوتٍ مرتفع وهو ما يغذي خيال الكاتب ويُخرج مكنوناته من الإبداع.

وأنا أتفق معه في هذه النقطة إذ أنَّ كتابة الرسائل تمنح الكاتب القدرة على الولوجِ داخل نفسه والخروج منها بِما لم يخرج به عند كتابته لأنواع أخرى من أنواع الأدب.

أهم ما يميز مراسلات محمد شكري ومحمد براده بأنَّ لكلٍّ منهما أفكاره وتطلُّعاته وتصوراته ولمساته الخاصة في عالمهما وواقعهما خاصةً، وفي عالم الأدب العربي والعالمي أيضا.

لامسَ قلبي وفاؤهما لِبعضهما البعض بالإضافةِ إلى حثِّ كل منهما الآخر على الاستمرار ومد يد العون له بما يستطيع حتى يرتفع صوب النجاح، وهذا للأسف صار قليل الوجود بين الأصدقاء في واقعنا الحالي.

فشهِدتُ سعي محمد براده الدؤوب وتشجيعه المستمر حتى يتمكن من جعل مذكرات صديقه ذات العنوان "الخبز الحاف" ترى النور في عالمنا العربي كما كانت في الغرب، فقد تُرجِمت الرواية لعدة لغات ونُشِرت بعدة بلدان أوروبية قبل أن تُنشر بالعالم العربي وبلغتها العربية، فبحسب ما جاء في الكتاب أنه تمَّ رفضها من قِبَل دار نشر عربية لِجرْأتها.

من خلال قراءة الرسائل شهِدتُ مراحل كثيرة من حياة كلٍّ منهما وتأثرتُ بها، فحزنتُ وتألمتُ لِآلامهما، وسافرتُ معهما وزرتُ بلدانًا رأيتُها بعيونهما ووِجهة نظرهما، ويئستُ معهما لِواقعٍ عربيٍّ كان ولا زال ميؤوسًا منه وللأسف الشديد.

أحببتُ الانسِجام في ردود كل منهما على الرسائل، ولو أنها غائبة في بعضها.

بعض الصور والألفاظ كانت جريئة بعض الشيء وغير لائقة، لكنها تعبِّر عما عاشه الكاتب بالطبع، كانت مؤذية بالنسبة لي كقارئة لكنها تمكنت من إيصال الصورة بحقيقتها المجردة الواقعية البحتة.

بالنسبة للنسخة التي قرأتها "وهي الكترونية" كانت طباعتها سيئة للغاية ولا أعلم من أين أتيتُ بكلِّ ذاك الصبر حتى أنهيتُها، ولكني أعتقد أنها تستحق الجهد، ربما لاعتقادي بأني أحتاج لذلك الصديق الذي يحثُّني دومًا على الاستمرار بالكتابة، فيا حبذا لو كان هذا الصديق حقيقةً تُبادلني الرسائل وتحثُّني على الاستمرار.

استمتعت بقراءتي للكتاب وتعرفتُ من خلاله على كتاب الرحلة القادمة لِقراءاتي.

"الخبز الحافي"

يبقى السؤال الذي لم يتوقف يوما من إظهار نفسه دوما بين أفكاري وبصورة مُلِحة:

لماذا تراجع أدب الرسائل في عالمنا الحالي، ما السبب في ذلك يا ترى؟


#مياس_وليد_عرفه


اقتباسات أعجبتني


-قد لا يكون الورد وحده جميلًا جذابًا. فالرماد أيضا ينطوي على جراحات وانطفاءات لا تخلو من ورقٍ وصدقٍ وافتِتانٍ وموت.


-إن الكتابة في النهاية تمنحنا انتصارًا من نوعٍ خاص ضد جميع الجوانب التي نرفضها في مجتمعنا وعالمنا.


-مأساتنا أننا نشبه الرصاصة التي لم تنطلق من جعبتِها وظلَّت حبيسة بندقية يقرضها الصَّدأ.


-لأن كتابة الرسائل تعوضني، على الأقل عن حرمانٍ من الكتابة خاصةً حينما نكتب لمن نعرف أنه يدرك ما وراء ألفاظنا.


-كل ممارسة للكتابة هي فرصة لتحقيق فهم أعمق لِلذات وللكون وللآخرين.


-الإنسان هو أثره، حتى لو جاء من يريد أن يمحوه!


-من لم ينغمس في دم الحياة لا يحق له أن يتكلم عن الجرح.


-فالإنسان لا يعيش بالخبز وحده، بل بالمدن المزدهرة تغمر خياله وتُناوِشُ رغائبه الدفينة.. ونحن نحتاج إلى زادٍ وفيرٍ من مظاهر الحيوية حتى نستطيع أن نحتمل بؤس الواقع ورتابة الابتذال.


-لكنَّ الأعمق هو علاقتنا مع الذات والكون والموت.. هذا هو الاختيار الصعب الذي يفرض إيقاعًا آخر، وفلسفة أخرى، واختيارًا حياتِيًّا آخر.


-لأن كتابة الرسائل يمكن أن تكون فرصة للتهيؤ والاسترجاع من التفكير وتحقيق الرؤية من خلال

"مسافة بيننا وبين ما نعيشه"


-فالوحدة مملة والرفقة _مهما تكن أُسُسها_ تعطينا أوهامًا مسعفة على تجرُّع الوقت والساعات وتعاقب الليالي والأيام.


-ما لا يُحكى هو ما يُكتَب


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مياس وليد_حكاية شتاء

تدوينات ذات صلة