مما تعلمته من الحياة بسبب اختلافي! ولأنني بأنه السبب لأكون ملهِمةً لغيري، قررتُ استغلاله كجزء لا يتجزَّأ مني بطريقة إيجابية.


لم يخلق الله أحدًا كامِلًا في هذه الدنيا، ولم يحظَ أحدٌ بالمثالية قط، بل كان الجميع يسعى نحوها منذ القِدَم حتى هذه اللحظة.

في كل مِنَّا نقصٌ يسعى ما استطاع لإكمال، وإن لم يستطع فلديه فرصة أخرى حتى يُثبِت قدرته على تجاوُزِ الضعف وتدارُكِ الهزيمة التي ومن المُحتمل أن تودِي بحياته نحو القاع إن ظلَّ يرى نفسه بعينيه وبعيون الآخرين ناقصًا وضعيفًا ومختلِفًا!

قد يكون النقص اختلافًا عن العامةِ ظاهِرًا كاختلافٍ جسدي، أو باطِنًا لا يُرى بالعين كاختلافٍ فِكريٍّ ونفسي وسلوكي أيضًا ومن وِجهة نظري، لا يُكتَشف إلا عن طريق الاحتكاك الاجتماعي بين البشر.

جميعها تعمل على أن يكون طريق الشخص المختلف _أيًّا كان اختلافه_ يشعر بالضيق والألم وقد يتسبب بهدمِ ذاته بِذاته،

وماذا لو كان يعاني من جميعها؟ هل عليه أن يستسلم وكأنَّ لا خلاص له من نفسه؟

والمشكلة الأكبر أن مجتمعاتنا ولِلأسف تُعيد تكرار تذكيره أنه كذا وكذا وكذا وبطريقة قاتلة، إما بالنظرات أو الكلمات الجارحة ومقابلته للرفض من قِبل من حوله!

الجميع يشير إليه وكأنه نكرةٌ في هذا العالم، وكأنَّ وجوده شوَّه كل جميلٍ على هذا الكوكب المثالي!

وكأن لا ناقص إلا هو، بل ويقطعون كل سبيل يُفضي إلى تحرره من بأسه وتمسكه بأذيال الأمل!

من خلال تجربتي المتمثلة باختِلافٍ ثلاثي "جسدي وفِكري ونفسي" وجدتُ أني قد لا أكون الوحيدة التي تعاني، ولا أكون الوحيدة التي تحاول ما استطاعت تمهيد طريقٍ يسيرٍ تمشيه واثقةً مُتحدِّية أصابع

"أولئك المثاليين!" نحوها بأنها ناقصة لا حق لها في الصعود نحو القِمم!

وجدتُ أنه وبما أنني أصعد نحو أحلامي مُتسلِّحةً بأملي وإيماني المطلق بأن الله ميَّزني باختلافي لِأكون صاحبة رسالةٍ على هذه الأرض يُلهِم بها عباده، قرَّرتُ أن أكتب لكم رسالةً أحاول من خلالها طمأنة قلوبكم المتعبة والمسح عليها بكلماتٍ مليئة بالحب والأمل علها تساهم بارتقائكم لأولى درجات الصعود نحو القِمم ألا وهي إدراككم لأهمية النقص الذي امتازكم الله به وتحويله لأداة إيجابية نحو تطور ونجاح أكبر.

فقد علمتني حياتي أن أكون مُتقبِّلةً لِمساوئي مهما كانت، أن أفكر فيها بمنطق، وأحاول إيجاد ثغراتها وأملأها بالإيجابية والأفكار التي تساعد على خفض الضغط الذي يتسبب بتضخيمها وعزوفها عن المرونة وقابلية التغيير للأفضل، وإقناع نفسي أن لا شيء يتغير بيوم وليلة، ولا شيء يتحقق بلا إصرار ومحاولات مستمرة لِإنجاحِه بعد مرات عديدة قد لا تُحصى من الفشل!

كل شيء يحتاج للوقت الكافي حتى يتماشى مع حركة التغيير الحاصلة.

علمتني حياتي أن أغضَّ الطرف عن نظراتِ الآخرين لانحناء ظهري الواضح، وهيئتي المختلفة وتحويل نظرتهم بي من استهجانٍ ودهشة بل وأحيانا اشمئزاز إلى نظرة إعجاب بفِكري وإبداعي ووعيي التام بأن المعرفة والإبداع وحدهما المفتاح الوحيد للوصول للقلوب، وأن صخرتي "انحناء ظهري" سبب اختلافي ما هو إلا وسيلة اختصَّني الله بها حتى أُركِّز اهتمامي على ما يفيدني ويفيد مجتمعي ويُبقي من اسمي شمعةً مُلهِمةً لِمن حولي ومن بعدي.

علمتني حياتي أن أمحو من ذاكرتي كل ما قيل لي من ملاحظات سلبية عن شكلي أو هيئتي أو حتى صوتي وطريقة لفظي لِلكلمات، فليس كل ما قيل صحيحًا حينها وإن ترسَّخ داخلي، فهاهي فرصتي لإثبات قدرتي حتى أصرخ عاليًا: "ها أنذا أحبني بكل عيوبي، ها أنذا أحقق أحلامي وأُسمِع صوتي للعالم أجمع بدون خوفٍ أو خجلٍ من ملاحظة سيئة قيلت لي قديمًا" فكل ما يراه الأشخاص السطحيون بي سلبيا هو في الحقيقة ميزة تجعلني أقف في الطرف الآخر من طريق الجميع المُتماثِل!

تجعلني متفرِّدة بنفسي عن الجميع.. وتُشعرني بالحرية كما لو أنني طائر خالفَ سِربه الذي اعتاد الطيران فوق ذاتِ المواطِن ليكتشف مواطِن أخرى أكثر جمالًا وسحرًا ودهشةً.

علمتني حياتي أنَّ ما أصنعه اليوم وأجد فيه مصدرًا لسعادتي هو ما عليَّ التشبث به وإن عارضه ورفضه كثيرون، طالما أنه ضمن حدودي الأخلاقية ولا يتسبب بأذية لأحد فأنا لي كامل الحرية بإكماله وإسعاد ذاتي به.

مع الوقت قد يعتاده الآخرين بل ويحبونه مثلي إن أنا صنعته بكل الحب والإخلاص.

علمتني حياتي أنَّ الحب وحده يجعل من أقسى القلوب لينا ويملؤها أملًا، ولذلك أحبكم جميعًا.


#مياس_وليد_عرفه


لُطفًا

تابعوا مدونتي حتى يصلكم كل جديد من تدويناتي..


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مياس وليد_حكاية شتاء

تدوينات ذات صلة