هل شاهدت الفيلم الأجنبي Blood Diamond أو " الألماس الدموي " ، إن لم تكن شاهدته فدعني أحدثك عن أحجار أفريقيا التي هرع الجميع للحصول عليها .
ف تحت أشعة الشمس الحارقة وعلى مدى بصرك في تلك المساحات الشاسعة ترى ظهورًا عارية تنحني في تجمعات مائية عديدة ، أجسادهم هزيلة و وجوههم يعلوها التعب والإرهاق والخوف في آن واحد ، وفي يد كلٍ منهم شبكة او غربال يشبه المصفاة يغمسه الواحد منهم في الماء ثم يخرجه متفحصًا ما فيه يرى هل هي مجرد أحجار عادية أم قطعُ ألماس ؟
.
قد تسمع صراخ أحدهم فجاءة فلا تتعجب لقد كان مجرد سوطٍ ضُرِبَ به ظهره لمجرد أنه أعياه التعب فاستراح لبرهة .
فحين تدقق النظر فيهم جميعا تجد ان العِصي في أيدي الجنود الواقفين خلفهم قد حفرت نقوشًا على أجسادهم ، فلا وجود للراحة هنا بل عليك العمل الشاق بشكل متواصل لساعات طويلة .
ولتعلمي سيدتي إن كنتِ من أصحاب الثراء فأن كل ماسة قد أعجبتكِ و زينت عنقكِ أو إصبعكِ قد اختلطت حتمًا بدماء هؤلاء برصاصة تلقاها شخص من بندقية الجندي الواقف خلفه لانه سقط من شدة الوهن أو لأنه حاول دس قطعة ألماس صغيرة في فمه بعد ان وجدها ليحظى بها لنفسه .
.
ادعم الحروب الأهلية لتحصل على الألماس **
.
نحن الآن في السيراليون التي تتمتع بثروة ضخمة من الألماس مما جعلها تشهد حروبًا دامية و وحشية بين المتمردين والجماعات التابعة للحكومة كان غرضها الوحيد السيطرة على المناطق الغنية بهذا الحجر الثمين واستعباد الضعفاء من عامة الشعب .
فنجد أن السراليون فقط يخرج منها نحو "٥٥ مليون " قيراط من الألماس بما يعادل نحو "١٥ مليار " دولار أي أن دخلها السنوي من تجارة الالماس يعادل نحو ٤٥٠ مليون دولار .
فمن الطبيعي ان ترى هؤلاء الرجال مصطفون على ضفاف نهر ما وبأيديهم هذه الغرابيل لاستخراج اكبر قدر من الاماس .
ويقف خلفهم هؤلاء الأطفال اللذين لا يتجاوز أعمارهم الخامسة عشر وهم مدججون بالأسلحة ، فلقد تم خطفهم وتجنيدهم سواء من قِبل المتمردين او الجماعات الداعمة للحكومة و تم تدريبهم على استخدام السلاح و إقحامهم في ألعاب بالذخيرة الحية ليستخدموهم فيما بعد في الحروب القائمة هناك .
هؤلاء الاطفال تعرضوا لما لا يمكن لك تصوره فقد قاموا باغتصاب وقتل ذويهم أمام أعينهم وقد يجبرونهم على فعل هذا بأنفسهم لنسف أي عاطفة أو مشاعر في داخلهم .
.
ولزيادة السيطرة عليهم وإحكامها بشكل كامل وتغييبهم تماما عن الوعي والواقع قاموا بإغراق هؤلاء الأطفال بانواع شتى من المخدرات بجرعات عالية حتى صاروا عبيدا خاضعين لهم .
.
الديموقراطية الغربية لا تشمل الدول الإفريقية **
.
و على غرار ذلك سارت بلدان أخرى على هذا النهج فهناك الكونغو و ليبيريا وساحل العاج حدث فيهم نفس السناريو بحذافيره كما في السراليون
ولكننا سنسلط الضوء على ليبيريا .
.
ولابد أن نذكر أنه كان للدول الأجنبية دور رئيسي ويد في إشعال الحروب والنزاعات في تلك البلدان ، وكيف لا وهي المستفيد الأكبر من هذا كله لتحكم قبضتها على الثروات الثمينة هناك ولا سيما الألماس بالأخص ، ومن هنا جاء مصطلح " الألماس الدموي " أو " ألماس الدماء " للإشارة إلى الالماس المستخرج من المناجم الموجودة في مناطق النزاع المسلح في البلدان الإفريقية .
ولتحقيق أغراض شتى لصالح تلك الدول كان عليها ان تجعل الحروب الأهلية قائمة بشكل دائم ومستمرة لفترة طويلة حتى تحصل عليه بثمنٍ بخس لذلك مدّت الجماعات المتمردة بالسلاح والمخدرات والأموال .
.
فلقد شهدت ليبيريا حروبا دامت لأكثر من إحدى عشر عامًا كان الداعم الرئيسي فيها هم رؤساؤها أنفسهم
فقد كان الرئيس الليبيري " تشارلز تايلور " يشعل الحرب في بلاده وقام ببيع السلاح لمتمردي السيراليون في مقابل قيام النهضة الإقتصادية في البلاد من وراء الحصول على الألماس .
.
ولكن لأن لكل ديكتاتور نهاية لقد تمت إدانته عام ٢٠٠٧م أمام محكمة العدل الدولية بصفته " مجرم حرب " لتورطه في جرائم ضد الإنسانية واستمرت محاكمته خمس سنوات ليصدر عليه الحكم في النهاية بالسجن خمسين عامًا .
.
جميع ما حدث على مدار سنوات في هذه الحروب الدامية لا يقبله أي عرفٍ للإنسانية ولكن جرت العادة أنه لا يخضع أي بلد فقير خاصة البلاد الإفريقية لمعايير الديموقراطية الزائفة التي تنادي بيها الدول الأوروبية
فكيف ذلك وهي مشعلة الحروب وقد استنزفت ثروات تلك البلاد وقتلت نحو ٣٠٠ ألف قتيل وشردت نحو مليوني شخص والقائمة تطول في ذلك .
.
دعوات من أجل المقاطعة **
.
وفي فترة ما نادت بعض الأصوات لوقف شراء الألماس القادم من إفريقيا اعتراضا على تلوثه بدماء الأبرياء هناك .
ولكن تلك الدعوات لم تصمد طويلا حتى تلاشت واختفت .
فلابد أنها أثارت الاستياء في نفوس اصحاب تلك التجارة العالمية وهددت ربحهم في المنطقة .
وبعد كل ذلك تحول الألماس من حجر لامع براق يقتنيه الأثرياء إلى قطعة مختلطة بدماء هؤلاء الأبرياء أصحاب الأجساد المشوهة والآيادي والأرجل المقطوعة الذين يعملون ليل نهار ليستخرجوا قطعة ثمينة تصل إلى عنق سيدة لتتباها بها أمام الآخرين .
ليغفل الجميع عن كل ذلك ويبقى هذا الحجر شاهدًا على كل المآسي والجرائم التي حدثت في سبيل الحصول عليه
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
حلو جدا 😍❤️❤️