ليست الأساطير للتعبد و لا التدين ، انها علوم للخيال و لخصوبة التفكير ، أسطورة الوردة الحمراء لم تُكتب للعاشق المضحي و إنما للصديق الوفي

في علوم الغيب البشرية ، الأحداث البعيدة سواء كانت بعيدة عن الواقع أو عن تاريخ اليوم نجد فطرة البشر متجلية واضحة كقرص الشمس ، فكيفما تقرأ إحدى الأساطير اليونانية ترى حاجة الإنسان للربّ و فطرته بالعبادة ، تماما كما تراه مُحبّاً عاشقاً من القدم ! فقد جُبلنا على تقديس الجمال و حب الخيال ، فما من بشري عاشر زيوس ولا شهد على سقوط نجمة من السماء لتصبح حقلاً واسعاً من الورود البيضاء .. إلا أننا نصدق و نؤمن بجمالية الفكر و خصوبة التفكير ، نستثمر تلك الأفكار و المعتقدات بأخذ مواعظها .

سأقص عليك اليوم يا عزيزي القارئ أسطورة الوردة الحمراء ، و سأترك لك مساحة لا بأس بها من التفكر و الخيال .. قيل في السلف القديم بأنه تم إقامة حفلة كبيرة في قصر أجمل من الميسور ، حيث ابتهج الداعي و المدعوّ ، و عندما حان وقت الرقص الثنائي على وقع آلة تُعزف بسيمفونية ساحرة مرّ شاب أمام المحبوبة التي ناظرها طويلاً طالباً الرقص معها ، فوافقت بشرط احضاره وردة حمراء حمرة الكرز الموسمي .

فامتطى حصانه خارجاً من القصر باحثاً عن وردة ساقها طويلة ، ممشوقة مُشرئبة لا ترهقها فترات السفر ، إلا أنه عجز عن العثور على وردة بذلك اللون النادر ! فجلس تحت شجرة كبيرة ليناديه عصفورٌ من فوقها مواسياً حاله ، فرقّ قلبه لمّا سمع قصة الشاب و عاهده بالطيران باحثاً عن تلك الوردة ، إلا أن العجز و الإرهاق أدركاه فجلس يبكي على غصن أيكة تتخاطب بالحفيف مع خرير أمواج النهر ، و قصّ مأساته على الأشجار لتجيبه بأن الوردة الحمراء نادرة جدا ، و لا تُصبغ بلونها إلا عندما تشرب دم من يريدها ..

و اختار العصفور الموت على العودة بلا وردة حيث غرس واحدة بيضاء في قلبه لتشرب دمه ، و طار عائداً إلى صديقه العاشق ، ليعطيه ما طلب و يصبح ذلك العصفور رمزاً للحب و الوفاء ، فمات بعد أن أخلص بعهد الصداقة .


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مريم خالد العودات

تدوينات ذات صلة