العبادي هو الذي بادر بنشر ذلك الأرث على الموقع الرسمي للمكتبة الوطنية وعلى صفحته الخاصة على الفيسبوك، ودعوة ممن يمتلكون مثل تلك الصور لتزويدها للمكتبة
الوثيقة لسان التاريخ.. لا تاريخ بلا وثيقة.. محمد يونس العبادي
مدير بأخلاق أمير
سأسلط الضوء اليوم على شخصية فاقت التوقعات في التسامح والرضا والأمل، جدّ فوجد، صبر فنال، أخلص فأنصفه الوطن، إنه المؤرخ والباحث والكاتب والأديب والمحرر والمثقف الذي اجتمعت فيه عصارة الفكر والإبداع والتميز، إنه: الأستاذ "محمد أمين" يونس العبادي ابن ماحص من عشيرة العبادي ثاني أكبر العشائر الأردنية حجماً، وقدراً، وهيبة.
العبادي مولع بالتأريخ وشغوف به، حتى احتل جزءاً بارزاً من حياته، فبات إحدى أولى اهتماماته. حيث تزخر سيرته الذاتية بالبحوث والكتب، له العديد من المؤلفات والمنشورات والمطبوعات التأريخية والإنجازات العلمية والثقافية، وهو رئيس وعضو ومقرر ومحرر لعدد من المجالس واللجان والمجلات، وعلاوةً على ذلك فهو صاحب خلق ورزانة وابتسامة قلما تجدها عند نظرائه.
ويتبوأ العبادي اليوم - الحاصل على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال / والعلوم السياسية من الجامعة الأردنية عام 1978، ودبلوم الدراسات العليا في الإعلام من الجامعة الأردنية ايضاً عام 1981 - منصب مدير عام المكتبة الوطنية باستحقاق وكفاءة، المكان الذي يفضل أن يسميه هو بـ "ذاكرة الوطن" لدورها الهام في حفظ النتــاج الثقافـي الوطني، والتعريف والانتفاع به، وحماية حق المؤلف والملكية الفكرية، ويمارس العبادي فيها شغفه وهوايته الثقافية المفضلة بين أوراقه وأقلامه وكتبه، الصرح الثقافي الهادئ الذي تفوح منه رائحة الكتب الزكية، وتاريخ الأردن العبق بذكريات الوطن القديمة، وبصمات الزمن الجميل. وحيث أن للوطن ذاكرة في نظر العبادي أساسها التأريخ والتوثيق، وهو ما فتئ يمارسهما طيلة أكثر من ثلاثة عقود من الزمان، مضيفاً اليهما اجتهاده وتميزه كباحث، فشغل مناصب عديدة منها منصب باحث في الديوان الملكي العامر في الفترة من (1994-1997) ، ثم انتقل من هناك ليحتل منصب مساعد مدير عام المكتبة الوطنية لأكثر من أربعة عشر عاماً قبل أن يصبح مديراً لها بعد طول انتظار، صابراً ومخلصاً لعمله ومؤمناً بأن لكل مجتهد نصيب، فهكذا يكافئ الوطن المخلصين.
العبادي الذي سجل في مخيلة كل ضيف زار مكتبه الهادئ الأنيق الذي يستخدم فيه سياسة الباب المفتوح، مستقبلاً ضيوفه ببسمة تريح النفس، وعينان مليئتان حباً وتفاؤلاً، لا يفرق في رقي مقابلته بين كبار الشخصيات أو سواها، هكذا تربى العبادي على برتوكول الكرم الأردني الأصيل وحسن استقبال الضيف وتوديعه.
أما فيما يخص المبدعين والناشئين فحدث ولا حرج، وأنا أصف ما شاهدته بنفسي من احتضانه لمواهب الإبداع ومساعدته، التي عكست أبّوة وتبن للكٌتاب والمبدعين بشتى أعمارهم وخبراتهم .
العبادي الذي يقيم كل أسبوع حفل إشهار كتاب في قاعة المكتبة الوطنية ويحضره مئات الشخصيات التي تلبي تلك الدعوات ويستهويها حضورها، في حين تحتفظ المكتبة الوطنية بقائمة ضخمة لعناوينهم وهواتفهم، ويهدف الحفل إلى التعريف بالكتاب والكاتب وإبراز محتوى الكتاب وغاياته.
أما المشروع الريادي الذي يعتبر تأريخ حقيقي وتوثيق سياسي واجتماعي وثقافي بمعنى الكلمة، هو ما بُدء بالفعل تنفيذه، وهو توثيق للصور التاريخة التي يعود ماضيها لإمارة شرق الاردن وما بعدها، والتي تعكس إرثاً أردنياً ثميناً لا يضاهى بثمن، حيث بدأ العبادي بحملة جميلة من خلال دعوة الأردنيين الذين يحتفظون بتلك الصور لتزويد المكتبة الوطنية بها لاستنساخ نسخة منها وأرشفتها وإعادتها لأصحابها.
العبادي هو الذي بادر بنشر ذلك الأرث على الموقع الرسمي للمكتبة الوطنية وعلى صفحته الخاصة على الفيسبوك، ودعوة ممن يمتلكون مثل تلك الصور لتزويدها للمكتبة، وتلك الصور لا تعد إرثاً فحسب بل تأريخ وتوثيق لحقبات هامة وجميلة من تاريخ الأردن، تحكي بصمت قصصاً وحكايات، وتبرز تألق شخصيات رحلت وأماكن تطورت أو تلاشت لأجيال لم تعاصر تلك الحقبة.
العبادي الإنسان مولع بالسفر، وأحب البلدان إلى قلبه مصر وسويسرا، ويرى المتعة والخبرة أينما حل وحيثما كان، كما أنه يراهما بعيني الباحث لا السائح فقط .
يقدر زوجته التي رافقته مسيرة حياته ويكافئها بوفائه وحبه لها، ويفتخر بأبنائه الخمسة الذين ساروا على خطى والدهم، وطبق عليهم المثل الذي يقول ذاك الشبل من ذاك الأسد.
تحية كبيرة لمدير المكتبة الوطنية الأستاذ "محمد أمين" يونس العبادي الذي يدير مكتبتنا الوطنية بخلق أمير.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات