إمرأة تحدت تقاليد اجتماعية وبيئية لتنير للعالم قنديل في عتمة ليل.

إمرأة صنعت من دجُّن الليل قنديل


بقلم ليلى الرفاعي كاتبة و مؤلفة وموثقة سيًر - صاحبة منصة قلم وليلى "


"لا تأتي العظمة عندما تسير الأمور معك على خير ما يرام ولكنها تأتي عندما يتم اختبارك بحق، وعندما تتعرض لبعض الضربات وبعض الإحباطات، وتشعر بالحزن والألم، لأنك لا يمكن أبدا أن تشعر بروعة وجودك في قمم الجبال مالم تكن في أسفل الوديان" ريتشرد نيسكون

رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابع والثلاثون"


العظماء لا ينتظرون من يُسَّطَر تاريخهم ، أو تُبارك أفعالهم ... فالأنصبة التذكارية تَغرس ماضيها وتمضي .. ليأتي التاريخ حاملاً أجمل ما في جعبته الماسية مؤرخاً في صفحاته حَكَايا عظمائه.. الذين حفروا أسماءهم بأفعالهم بقلم من حجر..

ليس من اليسير أن تكتب عن أديبة ومعلمة متمرسة ومربية خلاّقة، تأصلت أخلاقها ومنبتها من جذور عائلة مقدسية، فلسطينية، عربية أصيلة، ابنة أرض طاهرة، من آل الصالح ، لأب وشيخ جليل من شيوخ بيت المقدس، أرسى معالم الفكر ونسجت أنامله نهضة علمية في حقبة عّز فيها العِلم، واستفحل فيها الجهل، هي حقبة أصعب من أن توصف .. فقراً وجهلاً ورجعية ووبال .. فأضاء في سماء بلاده قناديل علم ومعرفة لم ينساهما التاريخ قط . فشَبَّت فتاتنا من نسل صالح، من أُسرة هي من أكثر الأسر شهرة في الأدب والكرم والخلق والعلم والكياسة ..


نعيمة محمد الصالح... التي لازمت درب الكفاح واختارت بمحض إرادتها ان تسير على نهج أبيها وأُسرتها الكريمة .. فنذرت حياتها لنشر العلم والتربية والأخلاق، رافضةَ بساطة المقام برغم بساطة الروح والقلب .. نازعةً أفكار الجهل من كيانها، غارسةً مكانه بذور العلم والخُلق والحب لعروبتها ووطنها فلسطين ومسقط رأسها القدس..


اختارت ان تبقى بصماتها علامة بارزة في هيئة شباب وشابات المستقبل .. فالعلم كان رايتها والأخلاق رسالة لا تكتب ولا تقرأ .. انما تلمس أثرها من ممارسات حامليها .. فكان كفاحها من أجل نشء قوي المراس كوالدها .. ثري الفكر ونجيب العلم كوالدها .. كريم الأخلاق صحيح البنية واللسان كوالدها أيضا وأيضا ..


ثمانون عاما ونيف .. قضتهم بطلتنا في سباق مع الزمن لا ترضى إلا أن تكون هي الفائزة فيه .. سباق خصب، مُترع بالإنجازات الباهرة .. ومُترع أيضا بالأوجاع والآم الكاسرة .. لكن نعيمة لا تسكين ولا تلين .. ولا تضام ولا تًقهر، إنها المرأة الحديدية التي تنتزع الأمل من أرض الألم .. وتصعد إلى فضاء القوة على سلم الصبر والصمود ..


امرأة خالطت أشرف الأنساب وأكرمهم فعشقتهم وعشقوها ليس لحاجة تبغاها، أو لطلب ترنو إليه .. انما قُرّبت من علية القوم، من أشراف وأمراء الشقيقة المملكة العربية السعودية، لرقي فكرها وعظيم إنجازاتها .. فحافظت على مقامها بينهم، ابنةً وأماً ومعلمةً وصديقةً صدوقة؛ ليبني القدر بينهم علاقة يكنفها الحب والاحترام .. فكانوا رمزاً للعون وسمةَ للسند، وكانت لهم عنوان الانتماء والاعتراف بالجميل ..


واستطاعت بطلتنا في غضون بضع عقود أن تصنع من الظلام نور، ومن دجن الليل قنديل علم، لتؤسس أعظم وأول مؤسسة تعليمية .. لتعليم البنات والأولاد في محافظتي جدة والعزيزية هي أولى المدارس التي تأسست لتعليم البنات في المملكة العربية السعودية، برغم تزمت التقاليد والأعراف .. وتعًّصب الفكر ورجاحة الاعتقاد ..


أنها من اولئك السيدات اللواتي انتزعن بجرأة مدهشة ستار الجهل، وسمحوا لشمس العلم أن تسطع في بيئة وأعراف هي ذاتها غريبة عنها.. لكن الإصرار والعزيمة تمكنا منها وثبتا قدميها لتسير أولى خطواتها بتحدِ لا مثيل له .

.فكان لها ما أرادت..


.هي المرأة التي أدارت وترأست مؤسسة تعليمة عظيمة في ثلاثة فروع ضخمة، وفي ثلاثة دول هي: فلسطين المكان والأساس تتمة لما أسسه والدها ،ثم المملكة العربية السعودية الأساس والانطلاق، ثم الأردن وطن الاستقرار والبلوغ..

مؤسسة تعليمية أشبه بالقرية الكبيرة ، أو مدينة داخل المدينة، هي كلية وروضة مدارس المعارف الأهلية . . نيزك علم وضّاء .. حفرت اسماً لها في تلك البقاع، كما أرادت لها بطلتنا أن تكون، منارة علم وتاريخ ونشأة، خرّجت الآلاف الطلبة ممن تبوؤوا أرفع المناصب وأشرفها ، ستبقى الكلية - بإذن الله - باقية وراسخة ومتوارثة لجيل بعد جيل من عائلة بركات الأب والصالح الأم.


بقي أن أذكر أن نعيمة الصالح هي ذاتها .. الطفلة المدللة والشابة الجميلة المثقفة والزوجة المخلصة الوفية التي بقيت لسنوات تخط بقلمها وقلبها المحب المخلص سطور آهات ومذكرات غرام، لزوجِ فارقها الجسد، لكنه لم يفارقه الروح، وهي ذاتها الأم الحنون الرؤوم .. صفات كثيرة جُمعت في كيان امرأة وليس كأي امرأة، وهبها الله الإرادة والقوة والحكمة والفراسة، كما وهبها الصبر والجلد والاناة والحلم.


مؤسسة تعليمية أشبه بالقرية الكبيرة ، أو مدينة داخل المدينة، هي كلية وروضة مدارس المعارف الأهلية . . نيزك علم وضّاء .. حفرت اسماً لها في تلك البقاع، كما أرادت لها بطلتنا أن تكون، منارة علم وتاريخ ونشأة، خرّجت الآلاف الطلبة ممن تبوؤوا أرفع المناصب وأشرفها ، ستبقى الكلية - بإذن الله - باقية وراسخة ومتوارثة لجيل بعد جيل من عائلة بركات الأب والصالح الأم.


و نعيمة الصالح هي ذاتها .. الطفلة المدللة والشابة الجميلة المثقفة والزوجة المخلصة الوفية التي بقيت لسنوات تخط بقلمها وقلبها المحب المخلص سطور آهات ومذكرات غرام، لزوجِ فارقها الجسد، لكنه لم يفارقه الروح، وهي ذاتها الأم الحنون الرؤوم .. صفات كثيرة جُمعت في كيان امرأة وليس كأي امرأة، وهبها الله الإرادة والقوة والحكمة والفراسة، كما وهبها الصبر والجلد والاناة والحلم.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

تدوينات من تصنيف محتوى أدبي

تدوينات ذات صلة