كيف يمكن لإنسان أن يقتل أجمل ما لديه لأجل شهوة عابرة، ويسلب ملك غيره كي يشبع جنونه.

البريئة





تزوجت وهي ما زالت يانعة، تمرح بين حدائق الجنة تداعب نسائم الربيع شعرها الكستنائي المموج، ضحكاتها تدغدغ الورد والزهر في مهده، تتراقص في عينيها اشراقة أمل وبصيص سعادة..... دخلت القفص الذهبي المزين بستائر العشب اللامعة، ولفائف الزهر البنفسجي....جلست على سريرها المخملي المتلألأ كلؤلؤة في خدرها، عبير الروض يتسلل إلى حجرتها مداعبا أحلامها....أغمضت عينيها ورأت فيما رأت حارسا بيده مفتاح حريتها....يوصد الأبواب في وجهها، يلفها سور خلفه سورخلفه جحيم يتأجج نيرانه كل وقت وحين، تصحو خائفة مذعورة! تهمس في سرها: أين أنا؟ من أنت؟ تقف أمام مرآة سال من جنباتها دماء تفوح منها شهوة الذبح! احتضنت دميتها....صارت تركض وتركض وتنظر خلفها مفزوعة وجلة....


يلا حقها وبيده نهايتها التعيسة، تصرخ...تنتحب....تستنجد....تستغيث الأشجار والرمال والأوراق والحجارة....تسقط ويتمرغ وجهها بلعاب الحقد وأنفاس الجريمة تنتعش في داخله، عشقه للقتل لا يدانيه عشق! صرخت من هول الصدمة، تفغر فاهها الدموع تنساب من مقلتيها كسيل جارف يأخذ من يقف أمامه بلا رحمة....تتوسل إليه "أرجوك لا تقتلني أطفالي بانتظاري" صوت قهقهته تزلزل الكون من حوله....تتساقط الأحجار من أعلى القمم...تهجر الطيور أعشاشها ....وتغرق الأسماك في يمها...وتنكفيء الزهور داخل أغصانها....تاهت البراءة بين الحياة والموت....وانحسرت المسافات بين الأمس والغد....وانطوت حكاية طفلة لم تر من هذه الدنيا سوى اللهو والفرح....قتلها المسكينة! بل قتل براءتها قبل أن يقتل روحها، يسأله المحقق" لم قتلتها يا هذا؟ يرمق المحقق بنظرة لا تخلو من خبث قرينه! يضحك بتهكم واستعلاء "لأنها بريئة قتلتها!!


تموج الأرض من تحته وتفر الأغصان من أشجارها، وتقذف الأرض شهبها وتبتلع الأقمار ضياءها وتنوء الأكوان بحملها، وتختنق المعاني في لسانه، وتذوب الإنسانية وتتلاشى في قلب صدأ مات ودفنت الرحمة معه منذ الأزل...تلك هي حكايتها...حكاية الحب والحنان والشوق لحضن أم تركتها فريسة تتلذذ بعذابها الشهوات والآلام.




ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

شكرا لك من كل قلبي

إقرأ المزيد من تدوينات خولة الكردي

تدوينات ذات صلة