وقوف لبنان الى جانب القضية الفلسطينية و الشعب الفلسطيني، ليس وليد الساعة انما عقد طويل من المساندة، ووقوف الشعب اللبناني بقوة مع غزة.

لطالما كان اسم لبنان شكل علامة بارزة في النضال الوطني اللبناني والفلسطيني على حد سواء في وجه الاحتلال الإسرائيلي، ولطالما كانت العاصمة الجميلة بيروت عنواناً يهفو لها قلب كل فلسطيني عاش فترة نضاله فيها، فهي بصمة لا تبرح ذاكرة أولئك المثقفين الفلسطينيين، الذين ألهبوا مشاعر و أحاسيس الشعوب العربية بأعمالهم الأدبية والفنية المميزة، فمخيم عين الحلوة الذي كان مهد طفولة ناجي العلي رسام الكاريكاتير الذي اشتهرت رسوماته، بتوجيه انتقادات لاذعة للاحتلال الإسرائيلي والواقع العربي، جسدها بشخصية حنظلة الأكثر إلهاماً و غموضاً للعديد من القراء العرب و المتذوقين لفنه، والروائي والقاص غسان كنفاني الذي عاش جزءًا من حياته في بيروت، إلى أن تم اغتياله في العام 1972، والمناضل علي حسن سلامة لجأت أسرته إلى لبنان في مخيم شاتيلا ثم إلى منطقة الأشرفية، وقضى حياته متنقلاً بين عدد من العواصم والمدن إلى أن تم اغتياله في العام 1979 في بيروت.

ومع عملية طوفان الأقصى وفي الضاحية الجنوبية ببيروت، التي احتضنت العديد من الفصائل الفلسطينية وقادتها وعلى رأسهم صالح العاروري المنتمي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، الذي اغتيل في الثاني من يناير 2024، مما يؤكد احتضان لبنان للحركة النضالية الفلسطينية منذ فترة طويلة، وإن اختلف على الأحداث التي وقعت إبان أوج نشاط الحركة النضالية الفلسطينية في الحرب الأهلية اللبنانية، والتي شابها الكثير من المواقف الجدلية بين أطياف المجتمع اللبناني بين مؤيد للوجود الفلسطيني وما بين معارض له. ولا شك أن لبنان كانت نقطة انطلاق فارقة وحاسمة في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني، وربما في وقت من الأوقات كانت بامتياز عاصمة النضال الوطني الفلسطيني، و عقب غزو قوات الاحتلال الإسرائيلي بيروت في العام 1982، زاد وهج النضال الفلسطيني على كل الصعد، إلى أن تم عقد اتفاق أوسلو في العام 1993، انتقلت العديد من القيادات الفلسطينية إلى الضفة الغربية، وانحسر النضال الفلسطيني بعد ذلك على بعض الفصائل الفلسطينية كحركة حماس والجهاد الإسلامي وبعض من تبقى من مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية كفتح والجبهة الشعبية وغيرها من الفصائل.

وبعد السابع من أكتوبر تحولت مسيرة النضال الوطني الفلسطيني بشكل كبير، إلى دعم ومساندة قوية من قبل المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان حزب الله، و شكلت رافعة جوهرية لإسناد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وتمكنت على مدى ما يقارب العام والنصف مشاغلة الجيش الإسرائيلي، عن أن يلقي ثقله في القطاع من العتاد والجنود، وتوزع جزء من قوته إلى الشمال في فلسطين المحتلة، فلو كان جهد وثقل الجيش الإسرائيلي منصباً على القطاع وحده، لاستجدت في الأمور أشياء كثيرة، والواقع أثبت استبسال المقاومة اللبنانية في التصدي لهجمات الجيش الإسرائيلي ومشاغلته طيلة خمسة عشر شهراً، حيث وفرت مساحة مريحة للمقاومة الفلسطينية في مناجزة الإحتلال وإيقاع خسائر في جنوده بشكل غير مسبوق في تاريخ الحروب التي خاضها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

إن العلاقة بين الشعب اللبناني والفلسطيني لم تكن آنية أو وليدة الساعة، ولكنها ممتدة لعقود طويلة، امتزج فيه النسيج الاجتماعي لكلا الشعبين، بخاصة في المنطقة الحدودية من جبل الجليل في فلسطين المحتلة إلى مزارع شبعا والناقورة، أفرز نوعاً من التكافل الإنساني بين سكان المناطق الحدودية تلك. وفي مساندة حق الشعب الفلسطيني يذكر لنا التاريخ المواقف المشرفة لشعب لبنان ورموزه للدفاع عن فلسطين منذ الاستعمار البريطاني إلى نشوء الكيان المحتل، وأوضح مثال على ذلك أن الشيخ محمد رشيد رضا الشيخ اللبناني قد حضر المؤتمر الإسلامي العام في القدس، والذي يعد من أعظم المؤتمرات التي أقيمت لتنبيه العالم الإسلامي لخطر اليهود، وتكريس جعل فلسطين قضية إسلامية عربية، ويخط لنا التاريخ الجهادي لشعب لبنان في الدفاع عن فلسطين، أن في العام 1936 استطاع المجاهد اللبناني شكري القاوقجي أن يقود 150 مسلحاً من البلاد العربية ودخل فلسطين بهم للدفاع عنها والوقوف بجانب إخوانه المجاهدين المتطوعين من أرجاء العالم الإسلامي، واحتضنت لبنان الحاج أمين الحسيني وقاد جهاد من أراضيها ضد المستعمر البريطاني في 1/10/1937.

لا يمكن هنا إغفال الدور الحيوي الذي لعبته المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان في إسناد الشعب الفلسطيني وصد الهجمات الإسرائيلية الهمجية على أهالي قطاع غزة، وإنكار أن الشعب اللبناني ممن آمن بحق الشعب الفلسطيني وعشق الأقصى، لم يقدم تضحيات عظيمة ومؤلمة في سبيل الدفاع عن فلسطين والوقوف في وجه أعتى آلة عسكرية آلة الحرب الإسرائيلية إنما ضرب من ضروب طمس الحقيقة، و التغاضي عن أنه استطاع أن يوقع خسائر في العتاد والجنود والاقتصاد، شكلت ضربة موجعة للكيان المحتل، فلجأ إلى استهداف قادة المقاومة الإسلامية (حزب الله)، وتمكن من اغتيال أمين الحزب حسن نصر الله ومن بعده خلفه هاشم صفي الدين، والقائد العسكري فؤاد شكر وغيره من القادة.

وإن اختلف البعض في توجهات حزب الله ومشاركته في القتال إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقول كلمته الشعب الفلسطيني، والذي نأت قيادة مقاومته وعلى رأسها الحركة الإسلامية حماس التدخل في الشأن السوري، وآثرت عدم الانحياز إلى أي من أطراف النزاع و أعلنت وقوفها إلى جانب الشعب السوري الشقيق، فالشعب الفلسطيني يواجه عدوا لا يخفي أطماعه التوسعية في ابتلاع فلسطين وطرد أهلها من أرضه، و يكتب لحركة حماس رفض القبول في الولوغ في دماء الشعب السوري، والاكتفاء بالاهتمام بهموم شعبه في التخلص من نير الاحتلال وتطلعه لنيل حريته.












ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات خولة الكردي

تدوينات ذات صلة