الفيل الأزرق رقم 3 ,تجربة الفيل الأزرق بين الأستمرار والتوقف ,تجربة لا نريد أن نشوهها بالنحت ومحاولة أستثمار النجاح السابق .

الفيل الأزرق رقم 3


قرص أم كائن أم عفريت أم شيطان أم حالة نفسية معقدة!!!!


عوالم مختلفة كلها تحقق الشك والريبة والرعب أحياناً كانت جيدة بما يكفي لصناعة تجربة مختلفة وشيقة ......


الفيل الأزرق تجربة تستحق الدراسة سواء كفيلم أو رواية، حالة استطاعت أن تنقل الأبداع نحو أفاق جديدة فيها تم مزج عدة مكونات لنحصل على رواية\فيلم من نوعية psych thriller، نجحت الرواية ونجح الفيلم نجاح ساحق ولامع وقوي وكل ما يمكن أن نعبر عن قيمة النجاح حتى لو تفاوتت الأراء النقدية حول الرواية أو الفيلم ولكن هناك خلطة قدمها أحمد مراد نالت أعجاب جمهور الرواية وجمهور السينما...................تجربة تستحق الدراسة.... خلطة سرية لابد أن نناقش محتوياتها....................


مزج علم النفس بعلم الـأنس والجن والمخدرات، بين جنبات عنبر 8 غرب الذي يحوي أخطر الحالات المرضية وعالم الفيل الأزرق وما بين الطب النفسي وعالم نائل النكاح، عوالم مختلفة رسمها أحمد مراد بحرفية ليجسد مشروع يسمى الرواية السينمائية حيث خلق أحمد مراد حالة خاصة جعلت كثير من جيل الشباب يعود للقراءة من جديد ويرى عالم أكثر خيالاً من السينما والتليفزيون.


قصة قرص يحمل بين طياته عالم موازي يسمى عالم الفيل الأزرق ومن خلاله يخوض القارئ تجربة ما بين الحقيقة والخيال، ما بين أحداث في الماضي وأحداث حاضرة وأحداث مستقبلية ليرى حقائق قد لا يصدقها أن كان في كامل وعيه وأدراكه.


تلك هي التجربة التي يدعوك أحمد مراد لخوض غمارها فهو بشكل ضمني يفتح لك أبواب الخيال على مصراعيه لتطلق تساؤلات أحلام هواجس كوابيس م بداخلك ليجوب عقلك عوالم جديدة ومثيرة من خلال شخصية يحي. فيأخذك تارة الى الماضي لترى من خلال شخصية نائل النكاح والوشم المرعب لدخل الى غمار قصة طلاسم من عالم الجن في زمن الخليفة المأمون تلك اللمحة المجسدة تداخل الأنسان والجن وتداخل الحقيقة بالخيال والماضي بالحاضر كأنه بنى جسر لعقلك لينطلق الى ما بين الماضي والحاضر بخفة وبأريحية. خلق أحمد مراد عالم حرك الشخصيات فيه ذهابا وأياباً بلا توقف برتم متسارع وخيوط متشابكة وصنع ممرات مفتوحة ما بين الماضي والحاضر ,الحقيقة والخيال ,نائل النكاح وشريف الكردي ,اكتئاب ما بعد الصدمة تلك الحالة التي يعانيها يحي منذ أن تسبب في وفاة أسرته وحالة صحوة ونشاط في استعادة حياته من خلال حبيبته السابقة لبنى واثبات أنه ما زال قادر على المساعدة, عالم مشع براق يحمل بين جنباته الأثارة والتشويق ما بين جريمة قتل دموية وتصنيف حالة شريف في عنبر 8 غرب وما بين وعى يحي الكامل وبين حالة الاكتئاب الملازمة له وتبعاتها و ما بين حبيبته السابقة وحلمه الأسر و بين ماضيه وتسببه في وفاة عائلته (زوجته وأبنته),.


يُطلق لغز القميص الذى يرجع لعصر الخليفة المأمون ليجسد بداية القصة ما بين الطلاسم والأحجبة لتظهر السمة العامة وهى الصراع القائم ما بين ما بين الخير والشر ,ما بين الأنس والجن ,الحقيقة والخيال ,


صراع مجتدم داخل يحي راشد طبيب نفسي لا يؤمن بالجن ولكن حبوب الفيل الأزرق تفتح ليحي راشد نوافذ بصرية وذهنية الى هناك الى عالم الماضي أو لعله الخيال وما بين الواقع المتجسد في شريف الكردي وما بين ظهور نائل.

تشتعل رغبة يحي في أثبات عودته للحياة من خلال أثبات وجهة نظره العلمية في حالة شريف خاصةً مع ظهور لبنى (حبيبته الأسرة) ليحاول يحي أقناع اللجنة بأن حالة شريف الكردي فصامية تعاني من مرض نفسي حاد وليس هناك تلاعب من شريف بما يمتلك من دراسة علمية في نفس المجال فحالته ليست محاولة للهروب من حبال المشنقة بل حالة فعلية من التخبط النفسي والفصام .


تبدأ في تحليل أذا ما كان ما يعانيه شريف الكردي أحدى حالات الفصام وأنه قتل زوجته وهو في حالة مرضية أم لا وتأخذ الرواية \الفيلم منحنى أكثر منهجية منذ ظهور القميص الذى سرق من المتحف الإسلامي في شقة شريف الكردي ويبدأ هنا (يحي راشد) في ربط الحقائق تباعاً ما بين القميص وحكاية الطلاسم والعزائم وبعد البحث في الكتب والمراجع ما بين كتب استحضار الجن وتسخيره وما بين القميص وأسماء الله الحسنى التي تمنع وتحمى وما بين استحضار الجن وطرده يكمن الصراع ,ما بين نائل وشريف الكردي في جسد واحد وما بين يحي الذى يعانى من اكتئاب ما بعد الصدمة (post traumatic disorder) .


ما بين يحي الذى استعاد حياته وأستعاد حبه القديم وأستعاد شغفه بالطب النفسي كل ذلك خلق تشويق وأثارة لا تنتهى ما بين العلم والدجل والشعوذة وما بين الأنس والجن وما بين الشيطان الذى يوسوس والله الذى يحمى خلق أحمد مراد عالم ملئ بالأثارة والأحداث المتوازية ,عالم يسمى عالم الفيل الأزرق عالم مشوق خلقه احمد مراد بأحداث متصارعة متتابعة أحيانا متلازمة أحيانا ,متباعدة ,غير مترابطة ليبدأ من خلال خيوط أمسكها بحرفية صياغة معادلة مثيرة وهى معادلة منع نائل النكاح من السيطرة على شريف أكثر وأكثر وما بين محاولة يحي فك العزيمة التي أكلها الكلب وما بين القميص وقوة نائل ومعادلة طرد الجن من جسد شريف من خلال أرقام تدشن حروف وتضع معادلة بها أسماء الله الحسنى والتي تقوم بطرد نائل في مشهد ختامي بقهر نائل وعودة يحي الى حبيبته وحياته ونفسه. لم يكن هناك قرار بصناعة جزء ثاني من البداية ولكن النجاح جعل القرار لا يتأخر بل يكون مطلب للجمهور ولكن هل يعيد الكرة أحمد مراد برواية لجمهور صنع شعبيته ثم يتم تحويلها سيناريو أم فيلم من بابه الكبير الواسع المشبع بالأضواء والشهرة والمال....................الاختيار كان فيلم ومعه بشكل أو بأخر أختار أن يميل أكثر لثنائية مروان حامد ويذهب اللي أن يكون سيناريست وكاتب سينمائي .


الأن الفيل الأزرق ليس رواية ولكن مشروع سينمائي قام بتنفيذه المخرج مروان حامد والكاتب أحمد مراد حيث صنعوا عالم من الفانتازيا مستنداً على الجزء الأول حيث أخذوا العمل الاول الى مرحلة أكثر اشتعالاً وأكثر رعباً ولعبوا على التيمة السابقة ولكن بحرفية فقد استخدموا في الجزء الثاني كل لقطة ومشهد وكادر في أشاعة الرعب الخوف والغموض التشكك فبقي المتابع يدقق محاولا اكتشاف الخيط الفاصل ما بين الحقيقة والخيال،

الحلم واليقظة.


تابع أحمد مراد في خلق عوالم متوازية بين 8 غرب وعالم الجن وعالم قرص الفيل الأزرق وخلق قضية جديدة بشخصية جديدة بأبعاد مربكة وأدخل يحي وأسرته هذه المرة في دائرة الخطر فأصبحت أسرته مهددة ,اصبح هو نفسه مزعزع الأيمان في حقيقة ما يراه وما يعيشه بل وحقيقة زوجته لبنى ليدور الصراع أولا داخل يحي نفسه ثم ينتقل الى أسرته الواحد تلو الأخر ليجعلنا أحمد مراد أمام معادلة صفرية فيحي الأن أصبح مطارد ومطالب ليس بإنقاذ نفسه وصديقه شريف الكردي بل بإنقاذ عائلته بالكامل وحاضره فيبدأ الصراع ما بين فريدة (هند صبري) ولوليا (أميرة الغجر) وما بين نائل النكاح الذى لم يموت ولكن تلاشى لفترة ليعاود الظهور في جسد فريدة عابرا خلال مراءة قديمة تخص العرافة لوليا التي تجسد أسطورة عرافة الغجر ,يبدأ الصراع ولا ينتهى فتظهر كل الهواجس على هيئة حيوانات ابتداء من فيل ضخم يسبح مرورا بدولفين ونحل كل ذلك ونحن لا نعرف هل تحدث تلك الخيالات في ذهن يحي أم الجان له دخل فيما يراه وما يسمعه ,جسور ما بين الأحلام والحقائق ,الجان والأنسان ,الطب النفسي وأقراص الفيل الأزرق ,مشاهد مليئة بالأثارة بموسيقى هشام نزيه الرائعة موحية بالصراع .كانت شخصية فريدة رائعة وقامت الممثلة هند صبري بدورها بحرفية فما بين الشفقة والكره والخوف والذعر خيوط ابقتها هي موجودة حتى اخر لحظة،.


أجاد (كريم عبد العزيز )ثانيةً القيام بشخصية (يحي راشد )بمهارة ومن غير تكلف بكاريزما خاصة به لا يتمتع أحد من أبناء جيله بنفس القدرة على القيام بالدور بهدوء وبثقة وبأريحية ليشعر المشاهد بمشاعر يحي صادقة للغاية.أجاد مروان حامد في اختيار طاق العمل وكذلك قام بال ال(story board) الخاصة بمشاهد أحلام وهواجس كريم عبد العزيز بحرفية وجودة عالية صاحبتها موسيقى رائعة لهشام نزيه أعطت المشاهد أثارة وتشويق الى أقصى مدى.قام أحمد مراد بصياغة عالم الفيل الأزرق بمحاكاة للجزء الأول في معظم الجوانب فبدلا من شخصية شريف الكردي ظهرت شخصية فريدة وبدلاً من عالم المأمون ذهب بنا الى عالم العرافة لوليا وبدلا من القميص الذى سرق من المتحف الأسلامى ظهرت مرأة العرافة فأعتقد أنه لم يغامر بتغيير التركيبة بقدر ما عمل على صياغة صراع أكثر ما بين عالم الحقيقة والخيال ,الأنس والجان وما بين 8 غرب وقرص الفيل الأزرق .




أستثمر القائمين على العمل نجاح الجزء الأول في خلق عالم الفيل الأزرق والترويج له من خلال السوشيال ميديا حتى صار تريند على كل المواقع وفى الحقيقة جودة الأخراج والتصوير والتمثيل والإضاءة والمؤثرات الصوتية والبصرية لم تخيب الظنون رغم أن الجزء الثاني مقارب جدا للجزء الأول في طريقة السرد والصراع والحبكة فقد تك استبدال شخصية شريف بشخصية فريدة واستبدال شخصية المأمون بلوليا واستبدال القميص بالمراءة ولكن يبقى الفيلم ممتاز فهو صيغة سينمائية لم تطرح بمثل هذه الجودة في السينما المصرية فأخر عهدنا بالجن وعالم ما وراء الطبيعة فيلم الأنس والجن وبالطبع كان تنفيذه وفقاً للإمكانيات وقتها غير مقنع وغير مرعب بل اقرب للكوميديا منه للرعب وخاصة في وجود عادل أمام ملك الكوميديا.


فيلم الفيل الأزرق 2 فيلم ناجح لأن صانعيه أهتموا بتفاصيل التسويق والدعاية واختيار توقيت نزول العمل في موسم الصيف وكذلك الإجادة في كل ما يتعلق بجودة الصورة والصوت والقيام بعمل جماعي من خلال طابور من الممثلين قادرين على اجتذاب المشاهدين لمنطقتهم فكلهم يمتلكون الموهبة والكاريزما.نحن أمام عمل تم التخطيط له تسويقيا وجماهيريا ودعائيا وفنيا فكل عناصر النجاح مكتلة ولو كانت هناك مأخذ على السيناريو فأيقونة الفيل الأزرق كفيلة بوضع الفيلم من علامات الأفلام التشويقية المصرية ولكن عاب الفيل الأزرق 2 الجنوح بعض الشيء في تكرار تيمة وحبكة ونهاية الجزء الأول ولكن الصورة والصوت وأيقونة الفيل الأزرق جعلت الفيلم حالة ولكن وللحق أقل وهجاً من الجزء الأول ....................فقد جنح هذه المرة للجن والعفاريت وبعض الصور النمطية للكائن في تصويره على هيئة كائن أسود أو حتى طفيلي parasite حتى موضوع المرآة كان ساذج وكذلك شفرة الكلمات المقلوبة كانت ساذجة جداً تلك المرة ....



أعتقد أنه من الظلم أن نرى جزء ثالث دون أجابات شافية للجزئين الأول والثاني الذي زاد الأسئلة حول يحي راشد الطبيب المصاب بخلل نفسي فصار الأمر به كثيراً من الفجوات والثغرات داخل حبكة حكاية الفيل الأزرق بالكامل!!!!!!!!!!!!!!!

أوقفوا الفيل الأزرق 3 أو سيكون من المفترض أن تجيبوا عن أسئلة الجزء الأول والثاني....

طبيعة نائل ....

حالة الطبيب يحي راشد....

تأثير الفيل الأزرق كعقار مميت لا يصح أن يصنع كل مرة فجوة ما بين عالم الجن والأنس والحقيق والخيال......

أخيراً هل المرض النفسي معدي وهل ينتقل الجن عبر الزمن!!!!!

لو أجبتوا على تلك الأسئلة أصنعوا جزء ثالث ولكن لو طرحتوا أسئلة أخرى سيصبح الفيلم معضلة كبرى......


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات أفكار ملونة (الروائي كريم غريب)

تدوينات ذات صلة