رسالة إلى وطني، أعلم أنك قد سئمت من عتاب أبنائك لك و لكن اطمئن فأنا لن أزيدك عتابا بل سأحدثهم عنك كما رأيتك و كما عشتك خلال أيامي.
أعلم أنك قد سئمت من عتاب أبنائك لك و لكن اطمئن فأنا لن أزيدك عتابا بل سأحدثهم عنك كما رأيتك و كما عشتك خلال أيامي.
منذ طفولتي رأيتك في وجه أبي الرحيم، و في عيني أمي الحنونة، رأيتك في أناملهم التي تتلقفني و تسكن بكائي و خوفي.
رأيتك نهرا أتأمله كل يوم و أخشى السباحة فيه لكنني استمتع بالنظر إليه، و عشتك طريقا أمشيه كل صباح و أنا ممتلئ بالحياة لأتعلم دار دور و لأتعلم كيف أكتبك بأناملي.
رأيتك بستانا أخضرا أستمتع بالتسكع بين أطرافه.
رأيتك، عائلة و أصدقاءً و حياة تحتضن روحي و لهفتي.
عشت فيك الهجرة و ذقت فيك طعم الفقدان، رأيتك تنزف أمام عيني و ليس في اليد طول لتبلغ عمق جرحك فتضمده.
رأيتك في وجه دجلة الحزين و كأنها احتضنت كل جراحك.
رأيتك في وجوه الأطفال و الشباب و الكهول. رأيتك في ملامحي التي ينتشر فيها حر شمسك.
رأيتك في الوجوه المتعبة التي أجهدتها الأيام العجاف، و ذهبت بنضارتها السنين القاحلة.
رأيتك تقوم ثم تسقط، ليس لثقل ما على كاهلك، و لكن لثقلك على الأرض.
ثم رأيتك في وجوه الشباب الجميلة، فتياً جميلا و مشرقا، و كأنك لست أعرق الأوطان و أعمقها جذورا في الأرض. رأيتك تتقدم لتتصدر الحياة من جديد، لتسترد ما كان لك، و لتعيد ما سلب منك، و لتصحح للتأريخ مساره. رأيتك تخاطب الكون و تخبره أنه لا يزال في الدنيا عراق، مهما وقع فإنه يقوم، و مهما شاب فإنه يتجدد.
سأقول لك شيئا أخيرا و أتمنى ألا تضعه في خانة العتاب، أنت يا وطني مسرف في كرمك، فعندما نفدت خيراتك بدأت بتصدير أبنائك.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات