"الجهل الحقيقي ليس في غياب المعرفة ، بل في رفض اكتسابها" كارل بوبر
قرر الشاب أحمد في الآونة الاخيرة ان يغير وظيفته وحين وقع الاختيار على الوظيفة الجديدة ذهب ليسأل عن بيئة العمل والادارة والموظفين فيها
وحين سأل اخبروه بأن بيئة العمل سيئة للغاية والمدراء فيها لا يجيدون التعامل بإحترام مع الموظفين
بعد ذلك، فتح محرك قوقل ليبحث عن هذه الوظيفة وذهب مباشرة لقسم الشكاوي ليتأكد من صحة ماسمع
ادرك مباشرة ان ماسمعه كان صحيحاً ومن الافضل ان يتراجع عن قرار تغيير الوظيفة
هل بدت لك هذه القصة مألوفة نوعا ما ؟
نواجهه في حياتنا العديد المواقف المشابهة لما فعله صديقنا أحمد حيث نقتنع بشيء ما ثم نذهب للبحث عن الادلة التي تدعم قناعاتنا لنثبت انها صحيحة
وهذه وحدة من الانحيازات المعرفية والتي تسمى بالانحياز التأكيدي وهو الميل للبحث عن، وتفسير، وتذكُّر المعلومات بطريقة تتوافق مع معتقدات وافتراضات الفرد، بينما لا يولي انتباهًا مماثلًا للمعلومات المناقضة لها.
وما وقع فيه صديقنا احمد انه لم يبحث عن معلومات تخالف ما يعتقده لذلك تأكدت قناعته بأن الوظيفة الجديدة سيئة تماما
ولو امعنّا في النظر في حياتنا اليومية لوجدنا العديد من المواقف التي نجد فيها انفسنا نتحيز نحو مانؤمن ونقتنع به على سبيل المثال:
اصحاب الابراج والمؤمنين بصحتها يجدون عشرات الصفات التي لا تنطبق عليهم حين يقرأون البرج ولكنهم يتجاهلونها ويختارون الانحياز نحو الصفات يرونها في انفسهم
كذلك حين في الحياة اليومية مع العائلة حين تقوم بعشرات المهام المنزلية مع الاب او الام وحين تمتنع عن عمل مهمة واحدة تجد انهم تصيدوها لك واخذوا يستخدمونها كدليل على تقصيرك وعدم التزامك بواجباتك تجاهه العائلة
ولعل هذا اكثر موقف يعاني منه الشبان والشابات مع عائلاتهم😂
الانحياز التأكيدي هو الاداة الاقوى الاكثر استخداماً من قِبل وسائل الاعلام بل واحيانا تُبنى حملات دعائية على مجموعات معينة او تيارات سياسية او مذاهب عرقية او دينية مبنية على هذا النوع من الانحيازات الذي ينتقي لك الاخبار و الصور والكلمات بناء على ما يؤمن به ويعتقده اصحاب الخبر
احد اسهل الطرق التي تساعد على تفادي الانحياز التأكيدي هو الذهاب مباشرة للجهة المعاكسة للتي نحن فيها الآن ورؤية وجهة النظر من اتجاه مُناقض لإتجاهنا وهذا سيوفر لنا رؤية واضحة لإختياراتنا والاراء التي نتبناها والمعلومات التي ننتقيها
إن الوعي بهذا النوع من الانحيازات يساعدنا على فهم الكثير من المواقف التي نواجهها في حياتنا اليومية ويجعلنا اكثر إدراكاً للطريقة التي يختار بها الاعلام رؤيتنا للعالم
كذلك يفتح لنا مجال للخوض الابعاد المختلفة للرأي والمعلومة لصنع منظومة معلوماتية خالية من الاحكام الشخصية والتحيزات المعرفية.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات