تخيل انك واجهت يوما سيئاً في العمل وبقيت طوال اليوم في مزاجٍ سيء
ثم في وقتٍ لاحق من ذلك اليوم اضطررت لحضور مناسبة اجتماعية وقضاء بعض من الوقت في تبادل اطراف الحديث مع الاشخاص الموجودين، ولكنك نظرَاً لما واجهته من ضغوطات في العمل ستصبح فظاً للغاية مع الاخرين ولن تعير اهتمام لحديثهم معك وهذا بالتأكيد سيترك انطباعاً سيئاً عنك
لكنك لن تستاء لانك بالفعل مررت بيوم عصيب ولديك مايكفي من الاعذار لعدم الاهتمام بانطباعات الناس عنك
اريدك الان ان تتخيل ذات الموقف ولكنه يحصل مع شخص اخر وانت متواجد في المناسبة الاجتماعية وتحاول ان تتحدث معه و تُلقي بعض النكات المضحكة لتعطي الاجواء بهجة وفرح ولكن هذا الشخص لا يستجيب وحين تسترسل معه في الحديث تجده يعطيك ردود وقحة للغاية وكأنه يريد اسكاتك بأي طريقة
بلا شك ان هذا الشخص في نظرك احمق ولا يعرف اداب الحديث وقد تحكم عليه انه شخص غير محترم !
الان اريدك ان تنظر الى كلا القصتين وتقارن بين انطباعك عن نفسك حين تُسيء التعامل مع الاخرين وحين ترى شخصا اخر يقوم بنفس الامر
في المرة الاولى انت ترى انك اصبحت فظّاً مع الناس لان الظروف الخارجية دفعت بك لهذا الامر
اما في الثانية تجد ان وقاحة الشخص هي التي صنعت منه شخصاً فظّا ولا يجيد الحديث بأدب مع الناس
وهذا بالتحديد مايُسمى في الانحيازات المعرفية ب(خطأ العزو الأساسي) وهو تفسير الشخص لسلوكه الشخصي على انه نتيجة العوامل الخارجية الظرفية التي أدت به لاتخاذ قرار ما
ولكن عند تفسيره لسلوك غيره فإنه يركز بشكل (غير مبرر) على الخصائص الداخلية للفرد (طبيعة الشخصية أو التعمد المسبق)، بدلا من التركيز على العوامل الخارجية كما فعل مع نفسه.
وهذا الخطأ هو الاداة التي تستخدم في اطلاق الاحكام الشخصية على الاخرين
فنحن حين نرى انفسنا قد اخطأنا ، فمباشرة نوجه السبب للظروف الخارجية التي دفعت بنا لفعله ، ولكن حين نرى اخطاء الاخرين نوجه السبب لصفاتهم الشخصية
في المرة القادمة حين ترى شخصا لا يتحدث بلباقة معك ، عليك إرجاع الامر للظروف الخارجية والتماس الاعذار التي من الممكن ان تؤدي به لهذا التعامل
كذلك باستطاعتك ان تقيس ذات الانحياز على مواقف كثيرة في حياتنا مثل ذلك السائق المتهور الذي قطع الاشارة وكاد ان يتسبب بحادث مروري خطير
لعل في سيارته شخصٌ مريض او مصاب وبحاجة عاجلة لزيارة المستشفى ليس بالضرورة ان يكون شخصاً متهور او انه لا يحترم القوانين
وهناك قاعدة جميلة في سد ذريعة الوقوع في اطلاق الاحكام الشخصية وهي ان تحرص على وضع نفسك مكان الشخص الذي امامك قبل ان تطلق عليه اي حكم
ستجد بأن هناك العديد من الاسباب التي قد تدفع بالناس لفعل الاشياء التي قد لا تكون منطقية ولكنها مدفوعة بحكم الظروف الخارجية.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات