لم أعد أشعر بالوقت، أو لأتحرى الصدق، أصبحت أتجاهل مروره المستمر بينما كل شيء في داخلي يبدو ساكنا رغم ركضي المتواصل.

قصت أختى شعرها منذ مدة، أصبح في مستوى أذنيها بعد أن كان بطول ظهرها. بالأمس لاحظت شعر أختى، أوشك أن يصل لسابق عهده. أمضى كل هذا الوقت؟!


اليوم وضبت شعري في تسريحة اعتادت أمي أن ترتب بها شعري عندما كنت صغيرة بشكل شبه يومي قبل الذهاب للمدرسة. كنت أمقت هذه التسريحة جدًا، درجة أني أسميتها "ودان الفار"، رغم أن الاسم لا يشير إلى شكلها أبدًا.


اليوم أضع شعري، الذي قل حجمه كثيرًا عما كان عندما كنت في الثامنة من عمري، في نفس الترتيب الذي كان يوضع فيه لسنوات، لا أتذكر منها اليوم شيئا أكثر من ضبابٍ أختار تذكر حلوه وإقحام مره القليل في غياهب الذكريات.


أتُراني أريد العودة للفتاة التي كنت عليها في الثامنة والسابعة والسادسة؟

هل هذه طريقة عقلي اللاواعي في إخباري أن أتوقف قليلا عن الركض، وأن أقلع عن المكابرة؟


وكأنه يريد أن يخبرني أن الوقت الذي أتجاهل مروره بجانبي هو في واقع الأمر يمر خلالي، وأن مروره غيّر فيّ كل شيء بدا لي جامدًا بسرعة رهيبة لم يكن هناك متسع من الوقت لي لاستيعابها، وأن علي أن أتوقف قليلًا لألتقط أنفاسي وأشاهد كيف تغير كل شيء ظننته جامدًا في كياني، وكأنه يريد أن يخبرني أن أبحث عن شيء، عن أي شيء أتشبث به، عن مرساة تثبِّت قدمي وتعيدني إلى قلب تلك الفتاة الصغيرة الحالمة كلما جرفتني رياح الأيام نحو وجهات لا أبتغيها.


أعود إليها كلما تشتتُ بين معاركي وصراعاتي، أعود إليها كلما نظرت في المرآة ورأيت وجه امرأة بدأت تبدو عليه حيل الدنيا والزمن، أعود إليها، فأعود إلى قلبها الذي أعرفه ويعرفني، ذلك القلب الذي قطعت له وعدًا قديما بأن أحفظه من قذارة الدنيا، قلبها الذي لم يتخلَ عني مهما تبدلت أحوالي وتغيرت القلوب من حولي.


أعود إليها، فأعود إلى نفسي، فأتذكر وجهتي ويُمَهَّد طريقي.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

كلنا بحاجة إلى وقفة ولو قليلة مع الذات مع تلك الروح المنهكة التي تناسيناها لزمن .. ألا يجدر بنا أن نلتفت لها ونقول لها عذرا .. قد ظلمناك كثيرا؟

إقرأ المزيد من تدوينات همسات| فاطمة وائل

تدوينات ذات صلة