يثير الظلم والحزن العديد من المشاعر المؤلمة داخلنا وهي حسب نموذج كيوبلر روس : الإنكار، الغضب، المساومة، الاكتئاب، التقبل، ويحب البعض إضافة الانتقام.

الظلم هو الدخان السام الذي نبتلعه جميعًا كل يوم، ولكن الحساسية تجاهه تختلف من شخص لآخر، وبناء عليه مقدار انزعاجك على حال أطفال الحروب، أو التمييز الاجتماعي، أو ولادة بعض الأشخاص بملاعق من ذهب داخل أفواههم وولادة البعض الآخر مع إرث ثقيل منهك يختلف كذلك، وينطبق الأمر على المواضيع الأقل أهمية كظلم تقييم مدرسك لك، معاقبتك عندما كنت طفلًا على شيء لم تفعله، أو مشاهدة أحدهم يُذل عاملًا أو موظفًا أقل منه في السلم الوظيفي.


يثير الظلم والحزن العديد من المشاعر المؤلمة داخلنا وهي حسب نموذج كيوبلر روس : الإنكار، الغضب، المساومة، الاكتئاب، التقبل، ويحب البعض إضافة الانتقام.


أقل من أن يكرهوك70336919216324080


الانتقام هو الرغبة في العدالة "ليس من العدل أن يفلتوا من ذلك"، و"يجب أن يشعروا بتداعيات أفعالهم".


المشكلة هنا أن هذا العدل عادة لا يحصل في عالمنا، الحقيقة المؤلمة التي نتعلمها هي أن الظالم عادة لا يكرهك "ولا يحبك بالطبع"، هو يراك أو يراهم أقل من أن يملكوا أثرًا عليه، وفي بعض الأحيان لا يراك ولا يراهم حتى، وهذا قد يكون مؤلمًا بحد ذاته، في حالات كالانفصال أو الخلافات في علاقة ما، أو حتى مشاكل العمل مع زملائك، يواسيك بطريقة ما أنهم يتألمون مثلك، بأنك أحدثت خرابًا بقدر الذي حدث داخلك وإن لم يساويه فعلى الأقل كان مؤلمًا.


لكنني أراهنك بأن ذلك المدرس لا يتذكر اسمك، مديرك يلقي الآن خطابًا عن الصحة النفسية وحب الغير، وأمك لا تتذكر بأنها منعك من اللعب ظلمًا، ومجرموا الحروب لا يعرفون حتى أسماء ضحاياهم!


أقل من أن يكرهوك75115065353343600

في فيلم "Dont look up" لا تبدو الرئيسة كارهة لشعبها، ولا تحمل غضبًا أو غلًا تجاهه، لا تحمل الرئيسة نوايا سيئة تجاه العلماء أو أنها لا تثق بالعلم مثلًا، ولا تبدو وكأنها تريد قتل العالم، لكنها ببساطة لا تبالي، وتكذيبها واستهتارها بالعلم ثم دعمه والإيمان به لا يبدو أكثر من نظرة لنفسها، واستغلال الفرص لصالحها الشخصي!


بل حتى بعد أن قال العالم الفيزيائي عنها بأنها كاذبة وقلب الرأي العام ضدها، كان ممن اتصلت بهم لتسأله إن كان يرغب بالهرب معهم، وعندما رفض عرضها وطلب منها الاستمتاع بوقتها مع جيسون، وهو رئيس الأركان ومساعدها ورفيقها الذي لم يوفر جهدًا بدعم أكاذيبها، والتفاعل مع نكاتها، وحتى آخر نفس كان ممن دفعوا لها ولاءً غير مشروط، كان ردها: "Jason ???! oooh shit "

هي ببساطة لم تتذكره، وفي حال مات أو كرهها أو اتصل ليعاتبها، ستخبره بكل صدق بأن الأمر لم يكن شخصيًا وبأنها لا تكرهه ، لقد نسيته "وتركته للموت" لكنها لم تفعل ذلك بدافع الحقد أو الانتقام هي فقط نسيته، وستكون صادقة!



أقل من أن يكرهوك58721129602523760

وفي فيلم "sorry to bother you" لا يبدو ستيف وهو يحاول إخبار كاش بفكرة مشروعه "تحويل الموظفين إلى هجين من الخيول لإنشاء قوة عاملة أقوى وأكثر طاعة وإنتاجية" ناقمًا أو متأثرًا هو فقط يفكر بصالح الشركة، فلماذا يبدو كاش في حالة هلع وخوف؟ هو لم يجبر أحدًا على فعل أي شيء؟!




أقل من أن يكرهوك76303578367911200


ويقول يوفال نوح هراري في كتابه "العاقل": "قتلت الرأسمالية الملايين بسبب اللامبالاة الباردة المقترنة بالجشع، لم تنبع تجارة الرقيق الأطلسية من الكراهية العنصرية تجاه الأفارقة، فنادرًا ما فكر الأفراد الذين اشتروا الأسهم والسماسرة الذين باعوها لهم، ومدراء شركات تجارة العبيد بالأفارقة، ولم يفكر بهم أصحاب مزارع السكر أيضًا، عاش كثير من المالكين بعيدًا عن مزارعهم، والمعلومات الوحيدة التي طلبوها كانت دفاتر الحسابات الدقيقة للأرباح والخسائر."


كيف ننجو؟


أقل من أن يكرهوك19544935670370830


"fight or flight"

"المكافحة أو الهروب"


عادة طريقة النجاة من الظلم تكون بمحاربة وردع ذلك الظلم، أو بالهرب من القرية الظالم أهلها، فغالبًا ذلك النظام التعليمي الذي أنهكك ظلمًا وذلًا لم يوفر لك التعليم أو المعرفة، وقد تكون حتى عاطلًا عن العمل تبحث عن مهارة لتكتسبها يمكنك من خلالها أن تحصل على دخل يرضيك، وتلك البلاد الظالمة لك لا يبدو بأن حالها سينعدل، وتعرف بأن الشركة التي تعمل فيها قد تجلب لك العار أكثر من الفخر، فما جدوى التمسك بها؟؟


ولكن!!


ولأنك حتمًا ستواجه مواقف لن يكون لديك ترف الاختيار فيها، وحتى في المواقف التي تملك فيها ترف الاختيار، هذا لا يمنعك من رؤية والتعامل مع بيئات وعالم يكثر فيه الظلم فهناك حلول قد تبدو أكثر منطقية.


افهم حقيقة ماذا حدث بالفعل؟


عدم أخذ المواقف على محمل شخصي. قد يوفر هذا الكثير من المشاعر والطاقة، هل كان الفعل الذي استأت منه جريمة واعية أم أن الشخص كان يتصرف دون أن يدرك تأثيره عليك؟ فالناس في هذا العالم لديهم ملايين الأشياء تدور في رؤوسهم، وحياة بعضهم كانت صعبة، أو كانت هناك مشاكل في طفولتهم، أو أن أخلاقياتهم غامضة، أو أن تفكيرهم مشوش .. إلخ

قد يكون كل الخراب الذي حدث لك أو داخلك ليس إلا أثرًا جانبيًا لحرب لا تعنيك.


وقد يكون من المثير للاهتمام محاولة فهم العالم وتحليله بدلًا من تغييره، وقد تجد العزاء في هذا!


الرد


لا ضرر من بعض الضجيج ما دمت لا تؤذي نفسك، ولا أعني هنا الانتقام أو الدخول في حرب حيث النار لا تأكل إلا نفسها، فكرة المسامحة ليست فكرة سامية بقدر كونها أنانية نحن نسامح لننجو نحن.

ولكن في عديد من المواقف قد تتاح لك الفرصة لتشرح وجهة نظرك، لتنظر لزميلك وتخبره بأن لا شيء يدعو للفخر حول الوقاحة مع العامل، قد تجد فرصة لترد على معلمك وتثبت بأنك تستحق درجة أعلى، وقد تجد فرصة للإشارة ودعم العديد من القضايا الإنسانية.


تحديد الخسائر


هل كانت خسارتك حقيقية أم لا؟ هل سلب منك الشخص الذي أساء إليك شيئًا أكثر من بضع دقائق أو أيام من وقتك؟ هل حقًا لدرجتك في الصف العاشر في مادة العلوم حين أجبت إجابة صحيحة لكن المعلم لم يقبلها أي أثر على حياتك الآن؟ وهل لمعاقبتك في طفولتك على خطأ لم ترتكبه أثر على حياتك اليوم؟ وهل ظلم مدرسك الجامعي قد دمر مستقبلك الوظيفي؟ هل فقدت احترامك لذاتك أو احترامك من الآخرين؟ إذا لم تكن الخسارة حقيقية أو صغيرة جدًا، فاختر الاسترخاء واتركها.


اختر معاركك


في بعض الأحيان يكون من الأفضل اختيار أن تكون بصحة جيدة بدلاً من أن تكون على حق، عليك أن تكون حريصًا أين تصرف أثمن مواردك "طاقتك".


اترك ما لا يمكنك السيطرة عليه، كل ما يمكنك فعله حقًا هو ما يمكنك فعله، وسيفعل الآخرون كل ما يفعلونه، نحن بحاجة إلى إيجاد السلام في قلوبنا وليس في العالم.



تقوى يوسف

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات تقوى يوسف

تدوينات ذات صلة