قصه عن الصراع بين غرائز الذات من حب الجمال والفنون وواقعية الحياة والإنسانية ومدى تجريدها عن هذا العالم الحسي والجمالي ) اين تتلاقى



بعد وقوع عاصفة أمطار استمرت 24 ساعة على بلدة الرمان الصغيره راح ضحيتها الكثير من المنازل والمتاجر الصغيرة التي لا يملك أصحابها الكثير للتعويض عن خسائرهم الفادحة يصل فريق الإنقاذ التابع لمؤسسة خيرية لعمل اللازم. تصل ليلى ابنة هذه البلدة والتي لم تكن تعرف انها بعد الشهرين من تسجيل اسمها مع المتطوعين في هذه المؤسسة ستكون اول رحلة انقاذ لها هيا الى بلدها........بلدها الأم.

المشهد الأول (إيشارب)

تستعد ليلى صباح هذا اليوم وقد تأكدت من ان كل الاوراق وبطاقة التعريف التي ارسلت لها من المؤسسة بحوزتها قبل خروجها من السكن وهاهي ذا في طريقها لمقابلة باقي المجموعة التي سُجلت معهم عند نقطة تقاطع شارع الزيتون و البهتري

اقلت تكسي وباتت تتأمل ماذهب نتيجة الفيضانات من نوافذ مكسوره وشرفات متلوفه الكل في الخارج يشطفون الماء ويخرجون ما انعدم جراء امتلائه بالماء

وعند وصولها إلى شارع الزيتون تنزل ليلى وتمشي بخطوات ثقيله وهي تتأمل كل ما حولها من خراب وزع في الشارع حتى غطت الدنيا حولها وأصبحت بنفسجيه....سحبت ماسقط على وجهها انه إيشارب بنفسجي....تلتفت حولها وتنظر فوقها فتجد شرفة تدلت منها بعض اقمشة نشرت لتنشف تقرر ان تذهب لتصعد الى منزل تلك الشرفة لتعيد ما سقط وتصادف العمال من بوابة العمارة يحملون صناديق وقطع اثاث من النوع الفاخر ذبل بريقه من كثرة الماء.. تصعد الدرج وهي تترك مساحة لمرور العمال تجد باب الشقة مفتوحاً لترى فوضى عارمة في الداخل اكثر من الخارج تدخل وهي تقفز بخطوات كبيره الكثير من الأشياء الملقاة على الأرض يصادفها عمر أحد العمال وهو يحمل طاولة

عمر : اهلا هل تبحثين عن أحد ؟

ليلى :لا هذا الإيشارب سقط من هنا اعتقد

عمر: ااه لا مشكلة ضعيه هناك على ذاك الصندوق.

تكمل طريقها وهي تقفز الأشياء فتسمع صوت مريد يزمجر بصوت عالي وهو يتحدث بالهاتف مع أحدهم والغضب ملاء جسده حتى بات يرتعد من شدة الغضب وهو يمشي بخطوات مضطربة في صالة للاستقبال بدت صالة استقبال يغلق الهاتف وينزل نظارته التي رفعها في منتصف جبهته

يغلق الهاتف ويرفع عينيه ليرى ليلي واقفة تنظر إليه

مريد: من تكونين انت ايضاً؟( يلاحظ سترة النجاة التي تلبسها ) اها انت من فريق الانقاذ هل ارسلوك الان لتسعفينا ؟ شكراَ لا حاجة فسرعتكم فاقت فرق انقاض العالم

تظل هيا مكانها صامته

او هل تعرفين نريد منكم اصلاح هذه الشرفة وإصلاح تلك المكتبة وكل التحف هذه التي تحطمت وتفتت وكل تلك الأقمشة تلك التي تغير لونها وتأثرت خماتها.

يتقدم عمر ويحاول تهدئة مريد وهو يشير الى الشعار المطبوع على سترة النجاة

عمر: سيدي هي من مؤسسة خيرية تطوعية عالمية ليست من هذا البلد أتت لتساعد المتضررين

مريد : وانا الست من المتضررين ؟ اليس العرض الذي تم التخطيط له قرابة السنه الكامله سوف يتأجل الآن بسبب هذا الضرر ؟ الأقمشة التي للتو وصلت والتي لم املك الفرصة حتى لارسالها الى باريس هناك الى فريق العمل حتى يتم العمل على باقي التصاميم الم تتلف؟ من يعوضني الآن يا سيد عمر؟ من يعوضنا عن كل الدعوات التي عملنا عليها لأشهر دعونا فيها نقاد وصحفيين مجلات الموضة وشخصيات مرموقة كثر ماذا نقول لهم الآن ؟ نعتذر لكم تم تأجيل العرض إلى يوم غير معروف ونرجو منكم الحضور؟!

ليلى بصوت حاد: انا هنا لإنقاذ ومساعدة العوائل الفقيرة والمعدمه التي فقدت قوت يومها ومنازلها التي كانت ملاجئ لها ليس اشخاص اغنياء لا يفكرون الا بأنفسهم.


تخرج وهي غاضبة بعد ان اكتفت من غرور وغيض ذلك العجوز الذي لم يفهم معنى المعاناة برأيها


تصل الى المكان المتفق عليه هي ومجموعتها لتتفاجاء بعدها أن المنازل التي تعرضت للفيضان لاتزال غارقة في مستنقعات من المياه وبعضها اختفى…. وتبدأ ساعات العمل الطويلة مع فريق الانقاذ من تشييد الخيام كملاجئ مؤقتة وتوزيع المؤن والأدوية للمحتاجين وإسعاف ,وإنقاذ من لم يتم إسعافه ,واصلاح مايمكن اصلاحه من تلك المنازل. لم يكن العمل سهلاً ابدا وربما ما جعله ثقيلاً هو الضغط النفسي الذي شعرت به ليلئ من رؤية معاناة اشخاص معدمين عانوا الكثير من قبل الكارثة وحتى حدوثها فكانت في القشة التي قسمت ظهر البعير. كان الحزن والإحباط باديٍ على وجوههم حتى وهم سكوت ولم يبتو بكلمة شكوى

استمر العمل حتى ساعة متأخرة من الليل تعود هي متعبة ومرهقة ذارفة الكثير من الدموع في طريق عودتها. لتمر بعدها بجوار عمارة مصمم الأزياء مريد فتتذكر تعجرفه وتكبره ترفع عينيها لتجده جالساً على كرسيٍ من الخشب في شرفته التي لا سور لها وممسكاً بين إصبعيه عود سيجارة وصلت رائحة دخانها لها وهي في الاسفل فتنظر إليه وتقول: لماذا لا تنزل من برجك العاجي وتنظر الى ما يعانيه ابناء بلدك الست من هذا البلد ؟ او عند الازياء والتصاميم والأموال لا بلد لك؟

فضحك هو بصوت عالي ساخر : لا تزالين حاقدة علي منذ هذا الصباح…...اسمعيني جيدا على الاقل انا اكبر منك سناً ما يجعل خبرتي في الحياة أعمق منك…….. هل تعتقدين يا آنسة انني لم اولد هنا ؟ المكان الذي عدتِ منه لعملك هو مسقط رأسي أنا ولدت في قلب المعاناة….. عليك أن تفهمي امراً مهماً كلنا ولدنا وترعرعنا في قاع حفرة منّا من مات فيها ومنّا من جعل خروجه منها قضيته حتى لن أقول تعلم بل اخترع الطرق التي تخرجه منها حتى وان كلفته هذه الطرق حياته ……… ومن تعلم الخروج تعلم الصعود……..لقد كنت في ذات الحفرة وخرجت بإرادتي ولن امد يد العون لمن لا ارادة له في تخليص نفسه. هل تعرفين اهم ما تعلمته في مسيرتي كمصمم لأحد أشهر دور تصميم الأزياء عالمياً أن الانسان هو اكبر عدو لنفسه.

بعد صمت طال منها : لماذا لا تزال هنا اذاً ؟ الم تخرج الم تتعلم الصعود !

هو: أنا هنا لأن الهامي استوحيه من عمق معاناتي في الماضي لو لم اكن هنا نسيتها و فقدت هويتي كمصمم ولما كنت انا من انا الان……….هل تعلمين ما المضحك؟ إن أشهر تصاميمي هي التي استوحيتها من احلك ايامي السوداء التي عانيت فيها الأمرين ولكنها في النهاية ازياء وفساتين تلبسها زبوناتي في حفلاتهن واعراسهن. انتي ومنظمتكي الخيرية هذه كباقي العالم الذي تأخذه عواطفه اينما شاعت الأخبار والصحف التي لا تبحث الا عن متابعين ومشترين………..الم تسألي نفسك لما لم تكتشف منظمتكي الخيريه أن هذه البلده يعاني سكانها الفقر وضعف المساكن حتى حدوث هذه الكارثة ؟ ألم يكن من الاسهل علاج المشكلة قبل حدوثها ؟….الكل يريد مصلحته في النهاية كما تعرفين……...

يقف ويهّم للدخول بعد أن انتهى دخان سجارته وينظر إليها ويقول: فكري فيها جيداً….



فيّ

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات فيّ

تدوينات ذات صلة