لجسدك لغة تعبر عنه وتوصل بها حبال التفاهم بينك وبين الآخرين ، وفوق ذلك أيضا يمكنها أن تعمل كجهاز لكشف الكذب

الصمت.. قيمة محيرة يصعب تحديد هويتها، فهي متولنة لا تمكنك من معرفة أهي حيلة دفاعية يستخدمها جسدك عندما يحصر في أحد الزوايا حتى وإن كان ذلك بلا إرادة منك، أم أنها غاية يهدف إليها الناس بصفتها أحد سبل وعلامات السلام النفسي؟ أم أن الصمت نفق مظلم يصل بك في نهاية المطاف إلى زنزانة سجن يدعى الاكتئاب تتمثل حوائطه في الانعزال عمن هم حولك ونظرتك لهم جميعا نظرة ماقتة وغير راضية، قضبان زنزانتك وأسوارها رؤيتك لكل الناس أنهم يهدرون أوقاتهم في الهراء لذا تفضل الصمت عن المشاركة فيه.


أم أن الصمت قيمة عليا نزيهة وبعيدة عنا، أحد أهم مبادئها مختزل في الجملة التالية:

"خير الكلام.. ما قل ودل"

ترتكز هذه القيمة على كون الكلام أعلى وأرفع من أن يهدر هراء أو سفسطة ومجادلة بدون داع.


لكن هل الصمت يتحقق بعدم التكلم باللسان والشفتين ورنات الأحبال الصوتية فقط؟ أم أنه أكبر بكثير من ذلك؟ في بعض الأحيان يتضمن الصمت صمت الأعين والأيدي.. صمت كل ذرة في جسدك.. فجسدك أيضا له لغة يمكنه التحدث بها والتعبير بها عما يجول بخاطرك وإن لم تستخدم جهازك الكلامي في إيصال تلك اللغة.


لغة الجسد حقيقة علمية مبهرة منها يمكنك التعبير عن ذاتك وفهم من حولك بدون صوت أو كلمات، بحركات عينيك وعضلات وجهك ويداك وذراعاك، طريقة وقوفك وحركة رأسك ورقبتك، خطواتك وسرعتها وقرب قدميك أو بعدهما، طريقة جلستك، سرعة حركتك، كل تلك الأشياء تتغير من موقف لعكسه ومن آن لآخر، كلها أشياء تحدث بلا إدراك منك لكنها تعبر عن كل ما يجول بخاطرك.


أحيانا تشعر بصعوبة إيصال الفكرة الموجودة بداخل عقلك لمن أمامك بسبب تشابك معطياتها ومقدماتها ونتائجها بداخلك لكن قد يفهمك من أمامك دون تكلف فقط بفهمه للغة جسدك.


لغة الجسد لا تسهل التواصل وتفتح له أساليب جديدة فقط! بل إنها تقرب المسافات بين العقول وتجذب الانتباه لصفات ومعاني وحقائق لم يكن بمقدورك ترجمتها إلا باستخدام لغة الجسد.

كما أن لغة الجسد تلعب دورا هاما جدا بعملها كجهاز لكشف الكذب فمثلا: إن لمس مخاطبك رأس أنفه أثناء الحديث بدون سبب فهو يكذب، إن نظر للأعلى لجهة اليمين للحظة ثم توقف صوته لأجزاء من الثانية ثم واصل الكلام فقد كان يختلق كذبة ليتلوها عليك، لن لاحظت توقف عيني مخاطبك عن الرمش لخمس عشرة ثانية تقريبا على غير عادته أثناء تحدثه فإنه يكذب ويخشى من أن تلحظ ذلك، وإن حدث العكس ولاحظت فرط فعل الرمش في اللحظة الواحدة أكثر من المعتاد فهو يكذب ومملوء بالارتباك والتوتر أيضا، وإن لمس مخاطبك الجزء الخلفي من رأسه ورقبته أثناء الحديث فهو يخفي جزء من الحقيقة التي يقصها عليك، يمكنك تجربة هذا الجهاز بنفسك عندما تعطي لغة الجسد بعض التركيز في الحوار.


لغة الجسد برغم كونها أداة فعالة لكشف كذب مخاطبيك إلا أنها في نفس الوقت مرآة لعقلك تمكن غيرك من قراءة أفكارك بكل بساطة دون أدنى عناء.. فخذ حذرك ولا تنسى أن لغة الجسد عميل مزدوج.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات داليا أحمد

تدوينات ذات صلة