بداخل كل حقيقة كذبة خفية ولكل نور جانب مظلم يجعل لوجوده معنى وتأثير، فالأشياء ليست دائما كما يذكر مظهرها الخارجي.

يقال أن للحقيقة وجوه كثيرة.. ويقال أيضا أنها اكبر من أن يدركها عقل واحد.. لطالما كانت الحقيقة ناقصة جزئيا وتمامها يستحيل الوصول إليه ، فما هو الذي يجعل منها تتخذ صفات كالواقعية والصدق اللذان يفرقانها عن الأوهام والخيال؟

"الحقيقة مرة" جملة تتردد على مسامعنا مرارا وتكرارا فلم تم إقران الحقيقة بالمرارة؟ ربما لكون العقل البشري يتجه دوما نحو أختلاق أحداث أقل إيلاما وأكثر جمالا حتى إن كان الحدث جلل ولا يمكن أن تكون نهايته سعيدة بأي طريقة..


الخيال هو عالم خلف عاملنا نرسمه لأنفسنا ونختلق فيه أشخاصا وحياوات كما نريد أن نراها ، تكون فيها مؤلف المسرحية ومخرجها وبطلها كذلك ، ترفع من رتم أحداث حياتك أو تخفض منه حينما تشاء فأنت المتحكم الأول والأخير .. في مسرحية حياتك الخيالية لا غياب فيها ولا فراق.. لا أحداث دامية ولا مدمية.. فيها حياتك كما يجب أن تكون .. أو كما تحب أن تراها عليه.. ولكنها ستفتقد معناها وحرارتها المشوقة فالسعادة الأبدية ليست مرضية للنفس البشرية وليست جميلة في عينها كما نظن .. فحينها ستصاب حياتك بالرتابة ستصبح هادئة زيادة عن اللزوم .. ستكون مملة بمعنى أصح! .. ستسير كعقارب الساعة لن تتقدم عن موعدها ولن تتأخر.. عندها سيختلق عقلك أحداث غير عادية أو خارج النظام لخلق نوع من السعادة المختلفة السعادة التي تتخذ معناها من غموضها .. من كونها مجهولة فتجذبك تجاهها أملا في الظفر بها ، فتمر بصعوبات ومشكلات وتتخطى عقبات عدة لتصل إليها في النهاية.. سعادتك حينها لن يكون منبعها وصولك لتلك السعاده الغامضة بل كونك عبرت تلك العقبات ومازلت واقفا على قدميك وإن كانتا داميتان .


الحياة المثالية أو السعادة الأبدية أشياء ربما تظهر بمظهر الجمال الكامل وحقيقتها عكس ذلك ليس لخلل فيها وإنما لأنها لا تناسب الطبيعة البشرية.


لكل شيء مضاد يبرز قيمته ومعناه ويضع سبب لوجوده، فبلا الأسود لما كان للأبيض وجود ولولا السالب لما وجد الموجب وبدون تذوق الملح لما عرفت طعم للسكر بما يعني أننا نحيا الحزن لنعرف قيمة الفرح .

الحياة متغايرة لا مقاييس لها نعيش فيها بين الفرح والحزن والضحك والبكاء بلا نمط أو تخطيط أو مسار غير الذي قدر لنا في علم الغيب، لكل نور جانب مظلم يستحيل وجود النور بدونه ربما يظهر في أعيننا كأنه سبب للحزن أو التعاسة لكنه يختلج في أعماقه المعنى الحقيقي للفرح والسعادة .


لا توجد مسلمات في الدنيا أو حقيقة مطلقة سوى إيماننا بالله عز وجل غير ذلك كل شيء نسبي وكل حقيقة تحمل جزء من الكذب وكل كذبة يخرج من داخلها حقيقة وكل فرح له جانب حزين والعكس كذلك.

فلا تسلم بأي حقيقة كانت وتأكد أن أحد جوانبها مظلم يكتنف الكذب في خباياه.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات داليا أحمد

تدوينات ذات صلة