أفكار وتأملات تختلج شابا في مقتبل العمر، وكل تلك الأعاصير التي تختلج القلب والوجدان، وتؤرق صاحبها حتى يفارق الجفون وتترك الإنسان هائما....حيران.

لا أعلم ما إذا كانت هذه النهاية وقد أسدل الستار على مسرحية الحب التي كنت أعيشها. أعذر نفسي أن أسميتها بالمسرحية لأني آمنت بأنها الواقع وأن الحاضر والمستقبل مبني على أسس حبي ونظرتي للعالم التي تغيرت بعد أن استكان الحب داخل قلبي، لكني ربما أخطأت الحسبان وكان حبي بالنسبة لك لعبة أو خيالا أو تأملات، وليست مشاعرها مبنية على الواقع. لا أعلم ما إذا كانت أقلام القدر قد جفت وأتت إلى نهايتها وامتلأت آخر صفحاتها في سردها لقصة حبي، وقد كتبت آخر أشطرها، أم أن القدر قد التوقف عن الكتابة لفترة حتى يتجدد حبر أقلامه ويتم القصة، أم أنه قد انتهى من هذه القصة ووضع كتابها في رف ذكريات الماضي، ولا أعلم إن كان لا يزال يختزن قصة حب أخرى ليبدأ ملئ صفحاتها من جديد. أجدني أحاول أن أتناسى وأتحاشى التفكير فيك، لكني كلما زاد تجاهلي كلما زاد تفكيري بك وكل ما أمضيناه وما أغفلنا وما تركنا من الأمور المعلقة. الحب أعمى بصيرتي وأفقدني شهيتي وزاد من وحدتي وأظلم النور في عيني، وحتى لو كانت الروح لا تزال متعلقة بك والقلب لا يزال يذرف الدموع وهو ينادي على معشوقه كي يعود ويكتب في قصة الحب التي جمعتنا، إلا أنني لا أقدر أن أعود وأنا أعلم تمام اليقين بأن ذلك ما سيزيد إلا من عذابي ويكسر قلبي العليل إلى ملايين الأشلاء الملآى ألما وحسرة وندما. اخترت أن أجعل قلبي يتعذب في فراقك ويتعلم الصبر لبعده عنك ويعيد ترميم كسوره واستغلال شتاءه القاسية والباردة وإعادة الحياة به على أمل أن يرزق بربيع مزهر وجميل ومليء بالحياة. يا قلبي اصفح عني وسايرني في أمري، فحتى إن كنت أتعذب في كل لحظة وثانية وأنا أراك منكمشا بين ضلوعي، تعاني من قساوة البرد التي أصبحت تسودك ونار الحب والشوق المستعيرة بجوفك، إلا أني أفضل أن أجعلك تعاني مرة واحدة وأخيرة، على أن أراك تموت ببطء يوما بعد يوم.

كيف أسأل الرب وأقول له بكل وقاحة وأنا الذي أؤمن بكل كياني أن قدره خير لي، كيف أسأله كيف ليكون لشاب مثلي في عمري أن يمر بكل الحزن والأسى والآهات، كيف بي أنا الذي اشتعل الشيب في رأسي وأصبحت أحس أني كهل. كيف لعشريني أن يحس بأنه أربعيني ويحس كما لو أن حمل الدنيا بما فيها قد أثقل كاهله. ركبت أمواج والدنيا وسايرت تياراتها وتخبطت وسط أمواجها وجعلت مركبي المتواضع يرقص على أنغامها، وأخرى جعلته يتخبط يمينا وشمالا حتى أكاد أحس بأنها الضربة القاضية، وأنه حان دوري كي أغرق في أعماقها الباردة والمظلمة والموحلة. لكن ربي معي ويريني السبيل ويوقفني على قدمي حتى أرىى النور في نهاية السبيل.

أجوب الأزقة وأنا أحاول أن أغرق أفكاري بالأنغام والمعازف، لكن ذلك ما يزيد إلا الطين بلة، وكلما ارتأت على مسامعي مقاطع أو كلمات ذكرتني بشيء من الماضي وحزن من الحاضر وحسرة على المستقبل الذي لا يمكن رؤيته. بل حتى إنني أحس كما لو أن بطل المقطع وأحس كأني الشخصية الرئيسية وشوارع المدينة وأزقتها وأناسها، وحتى الدنيا بكل ما فيها مسرح لقصتي، وأنا ألعب دور البطل، الذي يستيقظ كل يوم يمني النفس ويأمل ويطلب خالقه جاثيا باكيا وعيناه محمرتان بعد أن جفت من الدموع أن تكتب له نهاية سعيدة لقصته.

لكني أجد نفسي في النهاية أردد بيني ونفسي:

وجدتك وعلى حبك لحياتي بنيت الأساس

آمنت بداخلي أن حبنا سيكون عبرة للناس

حب بعيد عن العذاب وخيانة الثقة والوسواس

حب لا يمكن أن يخدع أبدا، وبه لا يمكن المساس

أحببتك وأصبحت عالمي ودنياي

أحببتك ورسمت بسمة صادقة على محياي

حب غمرني بشعور ليس مثيل، ليس ككل إحساس

أحببتك وقلت وجدت رفيقي وسندي في غربتي

سينسيني عذاب الدنيا وأهوالها وزالت معه وحدتي

حبيب أعاد إلي الامل في حلاوة الدنيا وأعاد إلي ضحكتي

حبيب تخليت عن كل ما أحلم به، وإسعاده أصبح هوسي ورغبتي

حبيب أصبح مصدر فرحي وأشعل في نفسي نارا حب الحياة وأصبح سعادتي وغبطتي

حبيب أحيا في روحي الإيمان بشخصي والسماح لنفسي بمحبتي

بعد أن كسر القلب آلاف بل ملايين المرات وفقد الأمل

بعدما بحث عن الحب ولم يحسن سعيه وانخذل

بعدما تعبت الروح في البحث عن توأمها وأحست بالملل

بعدما غلب العقل على القلب وبسيطرته انتصر

وتحسر القلب وأنزل سيفه وعاد إلى الأرض وصبر

بعدما أصبح اقتباس رحلة حياته للسامعين الذرر

إن القلب ليتلوى باكيا متألما بين الضلوع

يصبر على ألم به يتباكى في صمت وهو موجوع

يتحسر على ما فقد وهو بالحب والهيام مولوع

لكنه يعرف أنه لا يقدر على اختيار إصلاح المكسور والرجوع

لقد أسدل عليه العقل وحدثه بما أعماه عن رؤيته الحب

حدثه عما فرط وكم تنازل في سبيل الحب وسعيه خاب

كم جعل العقل والروح والكبرياء يمرون منه، وكم هو قاس ذالك العذاب

كيف أنه أصبح يعيش وحيدا وهو محاط بالأهل والأحباب

كيف أنه امتنع عن رؤية الحقيقة وتصديق السراب

وكم أن الحب قد يكون آسرا وجميلا لكنه أيضا كذاب

وإذا ما جعلك تفتح بابا فإنه يغلق في وجهك أبواب

تعيش وحيدا بقلب منفطر كأنك في الحب غراب

تطير هائما في السماوات بعد فقدان رفيقتك، وما يشفى قلبك إلا إذا أسدل على وجهك للأبد تحت التراب


خواطرجي

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

جميل جداً ويلامس القلب 👌🌹

تدوينات من تصنيف خواطر

تدوينات ذات صلة