تبدأ تلك المرحلة المليئة بتخبّط الشعور و تغيّر النفس و إتساع الفِكر و تزداد التساؤلات...
فُتوَّة
تبدأ تلك المرحلة المليئة بتخبّط الشعور و تغيّر النفس و إتساع الفِكر و تزداد التساؤلات ثم تُكبت و تُحبس في عُمق الأعراف، في حين أن كلُّ ما يتطلبه الأمر القليل من الاحتواء لتلك المرحلة التي أقل ما يُقال عنها أنها "غريبة".
في حين إنني وكأي فتاة، وبمنظور أعمق كأي شخصٍ بمرحلة الشباب أحلم باستكمال دراستي و دخول الجامعة و الوصول لوظيفة الأحلام كما أرى النساء يفعلن بالمسلسلات الأجنبية التي تُبث على التلفاز، ثم يصدمني الواقع و تتلقفني الكلمات بين أخذ و عطاء وبين شدٍ و سحب، وأنا ما زلت في سن المراهقة، اسرح بأحلامي الطفولية، أجد نفسي كسلعةٍ معروضة للشراء في أيّ لحظة.
تتوالى النساء على أمي، وتتوالى الأفواه بالحديث عن استعدادي لدخول عالم الزوجات، وأنا مازلت لم اعي حقًا ماهو الزواج ولم يُشرحلي عن ماهية الحياة الأسرية، هم قد أقرّوا بإستعدادي و قد بدأت الأمور تتسارع، وانا أحلم بالحياة وكانها زهرة بيضاء اللون مليئة بالحب و الحنان وإنني لربما أجد نفسي ببيت زوجي "كما قالت لي بنت خالتي الصغرى" ، كانت الآمال تتزايد وأنا اتمنى من كل قلبي ان أتخلص من عبء الحياة و تحقيق نفسي و أمنياتي التي قد مُنعّت عني في بيت أهلي، كنت صغيرة و يغررني الكلام المنمق و ويسبح قلبي بأقل الأمنيات.
نعم، هكذا يغرر بنا ونحن ما زلنا لم نبلغ الثامنة عشر عامًا، ولم نرى من العالم سوى مطبخ بيت أهلي وسريري، ثم نجد أنفسنا أمام رجلٍ كبير السن لا يبدو من وجهه سوى مرض الشهوة، يقال لنا: ما رأيك؟
وكانه فخ و عذر لكي ينهالوا علينا بالضرب، كيف ترفضينه وقد قدّم لابيك الآلاف؟!هل من الكثير علينا المطالبة باختيار الشريك؟ او حتى اختيار المصير؟ هل هذا طلب يُحرّم علينا نحن الإناث ؟
كَبرتُ الآن و أصبحت أظن أن التعليم يجلب العار فلا يجب على الاناث ان تتعلم، ثم اقتنعت أني سلعة تباع لمن يُكرم والدي بالمال، ثم تعلمت أن المرأة الصالحة هي من تخدم زوجها ليلا نهارًا و تتحمل ضربه و شتائمه، ثم تعلمت أن المرأة المؤدبة هي من تتنازل "او تُجبر على التنازل" عن ميراثها لإخوانها لكي لا يخرج المال من دائرة العائلة، ومن تعترض او تغاير عن تلك الأوامر فهي عاقة و تستحق الضرب حتى الموت.
هكذا تُحمى الفتيات من العار في مكاني، وهكذا تقتل الأحلام، لربما قصتي هي حصائل أشواك المجتمع وامنيتي أن لا تدوس الفتيات على تلك الاشواك، ولكنّي أرويها تذكيرًا و تنبيهًا على من تتألم من إحدى تلك العقبات أو من جميعها.
التعليقات