الكثير من النساء يلقين بأنفسهن بجحيم علاقات سامة فقط لأنهن يخشين من العزوبية ..

الكثير من المجتمعات ما زالت تملك برمجة قديمة وأفكار هشة حول النساء بشكل عام وخاصة "العازبات" منهن..ويبدو من الصعب تطبيع هذه الحالة، واعتبارها جزء لا يتجزأ من المجتمع الإنساني، وتعريفها بأنها

اختيار وليس خروجا عن المألوف.


فبسبب البرمجة الثقافية غير الإنسانية، الكثير من النساء يلقين بأنفسهن بجحيم علاقات سامة لأنهن يخشين من العزوبية والبقاء لوحدهن، يخشين أحكام ثقافة إنسانية مختلة، ثم يبدأن بتقديم التنازلات ويفقدن هويتهن، وأنفسهن، وأحيانا حياتهن.

· الأفكار المغلوطة عن الفتاة العزباء المستقلة

بداية لنتطرق لنظرة المجتمع إلى الفتاة العزباء وخاصة المستقلة، فيبدو أن كثير من المجتمعات يصعب عليها تقبل بأن الفتاة لها الحق بشق طريقها وتقرير مصيرها بنفسها، فهي قوية بما يكفي لتتحمل مسؤولية نفسها، وحرة بما يكفي لتقرر شكل حياتها وحدودها، كما أن هذا العالم لا يفهم تماما بأن كون الفتاة عزباء ومستقلة وتملك "فكرا متحررا" لا يعني أنها لا تملك قوانينا وحدودا ولا يعني أن كل من هب ودب مرحب به في حياتها.

الفتاة هي من تضع قوانين حياتها، فكونها تعيش في منزل لوحدها لا يعني أنه مرحب بأي كان اختراق خصوصيتها. وإن كانت لطيفة مع زميل أو صديق فهذه ليست بإشارة إعجاب، وإن قبلت احتساء القهوة مع أحدهم لا يعني بالضرورة أنه "موعد غرامي"، وإن كانت مهتمة بالأزياء فهذا ليس بالضرورة إشارة

أنها تحاول لفت انتباه الناس و"الرجال"، وإن كنت لطيفة مع جارها فلا يعني بأنها تدعوه للعشاء.

هذا العالم عليه أن يعيد النظر حقيقة بالنقص الذي يعتري تفكيره والمشاكل التي تعتري ثقافته، عليه أن يبدأ باستيعاب بضرورة احترام حدود الآخرين، وقراراتهم الشخصية،وحرية فكرهم.


فكل فرد هو السهل الممتنع، لا يمكنك وضع "ملصقات تصنفيفة" على الناس بإجحاف.

وحين نقول أن الفتيات المستقلات العازبات يملكن فكرا متحررا يعني أنهن منفتحات على العالم والأفكار والعلوم، أنهن شخصيات لطيفة بما يكفي لأنهن إنسانيات، ويتقبلن الآخرين، لأنهن وصلن لمرحلة من النضج لا يحكمن على أحد بناء على برمجات ثقافية قديمة.

هنّ اجتماعيات ليس بالضرورة لأنهن يبحثن عن "زوج" أو "حبيب"، بل لأنه من الجميل أن تصنع بعض الصداقات في هذا العالم.

هنّ ناجحات نتيجة تعبهن الخاص ومجهودهن، لأنهن ذكيات ويستحقن كل ما يملكن،

وعودة لاختيار العزوبية والاستقلالية يبقى خيارا متاحا لكل إنسان، لأنهن ببساطة قد لا يشعرن أن الزواج والعائلة هدف لهن في هذه المرحلة.

ولأنه ببساطة أكثر، ليس من شأن أحد أن يقرر عنهن كيف يردن أن يختبرن الحياة، فلهن كل الحق باكتشاف العالم لوحدهن، واختيار طريقة الحياة المناسبة لهن.

· تعامل المجتمع مع الفتاة "حين تكون عزباء مستقلة"

أتفهم أنه لم يكن يوما من السهل أن تكوني إمرأة عزباء في مجتمعات تعتقد أن الفرحة الأكبر تتمثل فقط بالزواج، ليس من السهل أن تُثبتي وجهة نظرك بأنه لا يمكنك الزواج من أي كان، لا يمكنك التأقلم مع أول رجل تقابلينه، فلقد استثمرتي بنفسك وقتا طويلا وجهدا كثيرا، لتصبحي أفضل نسخة ممكن أن تتخيليها،

ولذا من حقك أن تختاري من يشاركك سعادتك لا من يفسدها.

لم يكن يوما من السهل التأقلم مع مجتمع مبرمج على أفكار لم تعد مناسبة لهذا العالم،

فاليوم .. أصبحنا في عمر العشرينات قادرات على تحقيق أحلامنا والمضي بحياتنا، قادرات على السفر إلى الفضاء إن أردنا ذلك يوما، عدا على أننا بتنا نعيش في عصر "السهل الممتنع" .. بمعنى الحياة هنا أسهل لكن العلاقات بشكل ما أعقد .. الكثير من التسهيلات الحياتية مقابل الكثير من التعقيدات النفسية..

إذا وسط هذه الدومة ..

كيف لك أن تفسري كل ذلك لمجتمعات لم تخرج من إطارها الهش القديم بعد!

يمطرونك بكلمات تجعل من يومك السعيد تعيس، بلحظة!

كلمات تشكل ضغطا عليك دون أي وعي منهم،

أمنيات صباحية ومسائية بأن "نفرح بك"

وكأنه في اللاوعي لديهم .. ليس مهم أنك قوية مستقلة وناجحة، فكل هذا لا يكفي لتكوني إنسانة كاملة

عليهم أن يفرحوا بك .. كما هم يريدون، وكأن حياتك امتدادا لحياتهم، وكأنك مجرد فأر تجارب لناس فشلوا بأن يعيشوا حياتهم كما يريدون، و"الفرحة" لديهم لا تُترجم إلا بأن ترتدي الأبيض ويزفونك لشفا حياة مليئة بالاحتمالات المخيفة.

وبكل الأحوال ..

لم يكن ذنبك إن لم تقابلي بعد من كان من الممكن أن تتخذيه والدا لأطفالك

فأنت تستحقين أن تجدي من يكن لك صديقا قبل أن يكون زوجا

لا بأس إن كانت العشرينات والثلاثينات ليس السن الأمثل لتحمل المسؤولية، فهناك الكثير من الأحلام لم تحققيها والأموال لم تجمعيها والبلاد التي لم تزوريها.

الفرح يتمثل بنجاحك المهني أو بتعلم لغة جديدة، بقراءة كتاب جديد، واكتشاف المزيد من المعلومات الجديدة.

ولو أن هؤلاء الناس قاموا بذلك، لساعدوا أنفسهم على الخروج من المستنقع الفكري الذي يغرقون به يوميا، ويحاولون أن يستدرجونك إليك.

هذا المجتمع لا يكترث لك ولمشاعرك.. لا يكترث أحيانا لما تريدينه وما لا تحبيه..

هو فقط يكترث لبرمجته العتيقة التي يعجز عن الخروج من لعنتها.

فلا هو قادر على مجارة العصر الجديد ولا حتى قادر على البقاء في قصصه العتيقة .

ومع كل ذلك..

إياك أن تبقي أسيرة قصور أفق الأجداد، فجدتك لم يكن لديها أي احتمالات أخرى لحياتها، لم يكن لديها أي تصور عن نفسها غير الذي اختبرته، عصرها مختلف، وزمنها مختلف، وخيارات حياتها كانت قليلة مقارنة بك،

لم يكن مقدر لها أن تحصل على أكثر مما حصلت عليه،

ولكن أعتقد أن جدتك تتمنى في عقلها اللاوعي أن تحظى بما أنت قادرة على الاستمتاع به من حرية واستقلالية وقدرة على اتخاذ القرار، من تنوع الخيارات، وكل السبل والطرق المعبدة أمامك.

والحقيقة الأخيرة..

أن بعض الأهالي غير قادرين على تفهم بأن الزواج والارتباط ليس بمعادلة سهلة، فهو طريق يعتريه الكثير من الفشل والتعلم، لا يمكنك أن تعرف أين هو المناسب لك،

وأنا لا أنكر حقيقة بأننا رهن مزاجنا وتغير الهرمونات لدينا، فأحيانا لأسباب كثيرة ومعقدة، نشعر بأننا نحتاج لشريك، لصديق قريب، لشخص نملك رابطا قويا معه نشاركه تعب العمل في نهاية اليوم أو يشناركنا فرح إنجاز حققناه أو يساعدنا على تخطي " نوبة ذعر" نشعر بها أو قد نحتاج لحضن يساعدنا على تحمل يومنا.

فنحن جميعا بشر، نحتاج بين الفينة والأخرى لدعم معنوي، لكن عقليا ومنطقيا ليس من السهل إيجاد هذا "الشريك الصديق القريب" وسط كل البرمجة الغريبة التي بناها أجدادنا، علاوة على أننا نعيش في عصر كثرت به الألاعيب والتيه والضياع وتغير شكل العلاقات فازدادت تعقيدا.

لذا في بعض الأحيان يبدو أنه يتطلب الكثير من الوقت والحظ لإيجاد شخص "مناسب"، يريدك وتريده في آن ، قادر على حفظ وعوده.. وعلى تقديم "الحب والدعم غير المشروط لك".


ومع كل ذلك .. يبدو أنه من الصعب أن نغير برمجة عقل المجتمع

لذا علينا "بالتجاهل" .. والمضي بحياتنا .. فأحيانا قد يكون الزواج ليس للجميع

كل منا يشق طريقه الخاص ولكل منا رزقه في الحياة .. والأهم أنه نحن نريد والله يفعل ما يريد ..أليس كذلك؟

بعيدا عن خططنا لأنفسنا هناك خطط الكون التي لا نعلم أحيانا عنها شيئا ويصعب فهمها أحيانا.

الفرح ليس فستان أبيض ورقص على أنغام الموسيقى

الفرح بعيش حياة مستقرة ناجحة

الفرح بالقدرة على شفاء قطع قلوبنا المحترقة

الفرح بأن تجدي نفسك ..أو بالأحرى أن تصنعي من نفسك ما تريدين .. وما تتمنين.


ربا عياش

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

نحتاج لبناء افكار جديدة نورثها للاجيال القادمة

إقرأ المزيد من تدوينات ربا عياش

تدوينات ذات صلة