أمة العرب التي قد تكرهها حباً فيها، وتلعنها من غيظك أنها تغط في النوم والأمم تركض وتتقدم، قد تهزم وتقع؛ لكنها تقوم وتدهش العالم!
"أحضانك فوق الحنية، ياجميلة ومريم وبهية.. يتفجر ف الموت بركانك .. وإيمانك يتفجر فيا ...
الدم على الأرض خريطة.. مشتاقة ليوم الحرية..
أشلائك بتلم جراحي، يرتعش الغدر وترتاحي..
ويعود الحلم المسلوب"...؛
غناها منير حين كان هنالك ذات مرة تمييز بين القاتل والضحية، بين الحمق والشجاعة، بين الوضيع والشريف، بين الظالم والمظلوم.. وكان وقتها لا يزال هناك شيئ يسمى انتماء، أمة بقضية مشتركة، تدرك من هو عدوها، وتعلم ما الذي سرق، ولا زالت تتذكر انكسارات هزيمتها، وفرحتها باسترداد الكرامة، برد الصفعة، بإدهاش العالم بما لديها من إيمان بالله أكبر، من عبقرية وقوة وفدائية للأرض ورفض للهزيمة، العبور لم يكن نصراً للمصريين فقط، بل أمة باكملها انتصرت لكرامتها، بعد نكبة ونكسة، وكادت أن تخضع لأسطورة إسرائيل والقوة التي لا تقهر، وخط بارليف المنيع، باستراتيجية تنسيق بين العرب، فقامت حرب لا مثيل لها في الحروب الحديثة في خداعها الاستراتيجي، سبقها ست سنوات من استنزاف العدو قضمة قضمة باثين الرعب في جنوده، جاوره ضغط خليجي بسلاح النفط، تنسيق هائل، لم يتوقعوه من العرب المنتكسون، حرب تدرس في أكبر أكاديميات العالم على مستوى الاستراتيجة العسكرية..لكن وكعادتنا العربية الأصيلة؛ نغط في النوم بعد يوم حافل وصاخب تقارع الفخر فينا والعزة والكرامة مع الأمجاد والعصبية القومية كؤوس النصر والرفاهية والفخامة، فناموا في العسل حتى أصبح صقر قريش أشبه بالحمامة..
وعشنا لنرى زمن الندامة، الشهود شابوا وتعبوا من الهزائم المتكررة، والشباب سقط بين غياهب الحرية السحيقة، وبين غضب التكفير وكراهية المجتمع والوطن وإعلان حربه على دولة الكفر والظلم اللعينة، ولا يعلم أصلاً من إسرائيل وفلسطين، ويتساؤل باشمئزاز لماذا لا نتسامح في سلام دافئ؟ ويكفينا ما لاقيناه من حروب وهزائم؟!..
حتى أكتوبر؛ بات البعض يرونها أكذوبة كبيرة!.. أليس بالله هذا زمن يفوق أزمنة العجائب وحشة وغرابة!.. كل هذه الأنهار من الدمااء وهذا الفداء؛ باسم الله والله أكبر، كل ذلك الزلزلال الذي استمر لست ساعات دون انقطاع كان مجرد أكذوبة كبيرة، ما أشد غربة الصدق في زمانكم لو كان كل هذا الحب والانتماء والإيمان بنصر الله كذب وأسطورة.. أي زمان فقد التمييز بين الحق والباطل هذا الذي ابتلي به كوكب الأرض وكائناته البديعة، ألا يحق للبهائم أن تسخر من إنسان ما بعد ما بعد الحداثة، المواطن العالمي الجديد البليد اللامنتمي إلا لحقوقه الشخصية وحريته في خرق السفينة؟!. بتنا أمة من النسيان المستمر بلا هوادة لكل ما أنفق من دماء مئات الألوف لأجل استرداد الحق، للاجئ المخيمات منذ ثلاثة أرباع قرن على حدود أوطانهم، مطرودين من أرضهم، ومنبوذين من حرس حدود الدولة المستضيفة، لمذابح لبنان، لصبرا وشتيلا، ومن قبلهم بحر البقر وقانا، ودير ياسين، لحرب لبنان التي مزقته تمزيقا..
لا بأس بالسلام إذن في أمة من نيام تصحو كل يوم وقد تمزقت أرضها لدويلات عديدة..
لكنها فجأة وفي عز نكبة وانتكاسة، تنهض بجدارة وتصفع العدو.. فهناك أمور تستفز جذورها العميقة فتشعر بالحموضة، فتستيقظ فجأة من النوم حالة لا تفسير لها في كتب علماء نفس الشرق والغرب من بطولة ترفع كفها وتصفع العدو في عز نشوته بلذة انتصاره، فيعود ألف خطوة للوراء في حسرة وغيظ، ثم نعود نحن لنغط في النوم.!..
صدقني بحق نحن أمة عجيبة، تاريخها دورات من الانتصارات العظيمة، والنوم حتى تصاب بقرحة الفراش مكسورة بالهزائم والمظالم، ثم بغير إذن إلا من ربها، تنتفض بانتصارات يندر أن تجد لها مثلاً في انتصارات العالم..
وأنت لا تصدق هذا الآن وأن أمة تراها مهانة كسيرة يمكن أن تقوم بين ليلة وضحاها لتسترد الكرامة؛ لأنك تعيش بلا ذاكرة في زمن بلا أبطال (إلا المنتقمون والسوبر مان والرجل الحديدي والعنكبوت) وترى الإهانة وتشعر بالهزائم!..
لكنها تدور..
لكنها تقوم وتدهش العالم
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات