ماذا لو ربحت مليون دينار؟ لا بد أن حياتك ستتغير وستعيش في نعيم أبدي وتحقق جميع أحلامك، فهل هذا صحيح؟
تخيل لو أنك بينما تجلس في مكانك الآن ظهر لك المارد السحري، وقال لك تمنَّ ثلاث أمنيات فماذا ستكون؟ لا شك أننا كلنا فكرنا أو سُئلنا هذا السؤال يوما، وحتما هناك الكثير ممن تمنوا لو يربحون مليون دينار، فبنظرنا القاصر نظن أننا لو ملكنا كثيرا من المال ستنتهي مشاكل الحياة كافة، وسنعيش في سعادة عارمة ونعيم أبدي. فهل هذا صحيح؟ وما رأي العلم بذلك؟
قد أجريت بعض الدراسات لإيجاد الجواب لهذه الأسئلة، حيث تم مراقبة التغيرات في مستوى السعادة لرابحي جائزة اليانصيب، ليجدوا أن السعادة لم تبق في المستوى ذاته للأبد بل تقل تدريجيا، فعند اللحظات الأولى للحصول على هذا المبلغ من المال يكون الإنسان في أقصى درجات سعادته، ولكنه سيتأقلم شيئا فشيئا، وسيقل مستوى سعادته يوما بعد يوم حتى يصل لمستوى الاستقرار، ويرى أن حياته عادية وأن المبلغ الكبير من المال لن يستطيع إنهاء مشاكله، وحتى أن المشاكل قد تصبح أكبر لكبر مسؤولياته.
تتخيل لوهلة أنك لو ربحت هذا المبلغ الضخم ستملك قصورا كثيرة، وتركب سيارات ثمينة من الطراز الأول، وتستمر بالاستثمار وشراء الشركات حتى تصبح أكبر أثرياء هذا العالم، وتتنقل بطيارتك الخاصة من بلد إلى آخر، فتتناول فطورك في روما وغداءك في باريس والعشاء يختلف حسب مزاجك، فكل ما تريده وتتمناه سيحصل وبسهولة ويسر وتطغى السعادة على حياتك وتعيش في نعيم مقيم، ولكن ذلك لن يحصل إلا في جنات الخلود عند مالك هذا الكون الواسع الودود.
ماذا لو فكرنا بعكس بذلك؟ فهل يكون الحزن ذا درجة ثابتة أم أنه يتغير مع الوقت؟ وأعتقد أن الجواب معروف، فلو تعرض شخص لحادث سير أثر عليه بشكل كبير نفسيا، فمما لا شك فيه أن الحزن في أولى مراحله سيكون كبيرا من هول الصدمة، ثم سيأخذ بالانخفاض مع الزمن، لنجد أنفسنا قد وصلنا إلى مرحلة من التأقلم مع هذه الأحداث.
والأكيد أن هذا نعمة من الله، فلو دامت السعادة إلى الأبد لكانت بلا قيمة، ولو دام الحزن إلى الأبد لكانت حياتنا عذابا أليما، ولكن بلطف الله وكرمه لا شيء يدوم ومهما طالت اللحظات فلا بد من نهاية آتية أيا كان وقتها، مهما كنت في سعادة غامرة فاعلم أنها لحظات ستنتهي حتما، ولو كنت تعيش مرحلة صعبة من حياتك فاعلم أنها ستختفي قطعا
السعادة ليست في المال ولا في اقتناء كثير من الممتلكات الثمينة، وإن كان المال من أهم متطلبات الحياة في وقتنا الحالي، وعلينا أن نسعى جاهدين للحصول عليه لضمان حياة أفضل لأنفسنا ولعائلاتنا، إلا أنه من الخاطئ أن نبقى نتتظر المال لنصبح سعداء، فالسعادة الحقيقية تكمن في داخلك، تكمن في مشاعر الحب والتقدير التي تغمرك، في رضاك وامتنانك، في حبك لمن حولك بلا شروط وعطائك دون انتظار أدنى مقابل، بتقديرك لأصغر النعم في حياتك فهناك الكثير يتمنونها، تكمن في قربك من الله وشكرك له على نعمه التي تعيش غارقا فيها.
الحمد لله دائما وأبدا ❤️
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات