"كبرت فجأة مثل إشاعة في قرية".


قبل أسبوع، الساعة الثامنة مساء. تنقلت بين أربع كتب، كل واحد أبدأ فيه سطر، سطرين، ثلاثة، بعدها يشردُ ذهني نحو ذكرى وإلى طيف ألمحه حتى أتوه بينهما. مثل خبر ولكن غير مهم تذكرت ميلادي -بالهجري- بعد أيام، حسيت خلال تذكري كنت أتكلم والآن سكت.

أمس دخلت ٢١ بالهجري. من ٢٠١٩ إلى الآن وأنا أحس الدنيا تمشي وما أدري عنها. أحيانًا تطري في بالي لحظات لم أنفك منها للآن، تحديدًّا نهاية ثالث وبداية كورونا، في لحظة توقف كل شيء، الدراسة تصير عن بعد، الخروج من المنزل فكرة مستحيلة، الاقتراب من أحد جريمة، شعور غريب. تحسه مسلسل. أحداث كثيرة، مواقف صعبة، مشاعر متضاربة، وفي ظل كل هذه الأشياء تكتشف أنك تخرجت من الثانوي، وهنا الاحساس يصير صعب ورهيب، ما فيه خطة، بدون هدف، فراغ، مستقبل ضبابي. بعدها الشعور بضرورة التغير.. كيف؟ شلون؟ وش الخطة؟ ما أدري. بس لازم.

انقبلت بالتقنية في تخصص ما أعرفه وخارج الرياض. لازمتني فكرة ضروري أتغير. وقبل بداية الترم الأول قلت هي وحدة من الثنتين: إما إني أعدّل وضعي أو أستمر في تيهي، وأندم فيما بعد. بدا الترم -من حسن حظي كان عن بعد- قرأت شوي عن التخصص، جاز لي ولكن راودتني أفكار إني أغيره، وشرط التغير: معدل عالي. حاولت، واجتهدت والحمد لله انتهى أول مستوى بمعدل عالي. بعد حيرة الاختيار بخصوص التحويل، قررت أكمل على تخصصي على مبدأ "خلك على قردك لا يجيك أقرد منه". بدا الترم الثاني أيضًا عن بعد، حبيت التخصص، وشعرت بأنه مكاني، أنا هنا. حاولت واجتهدت والحمد لله انتهى ثاني مستوى بمعدل كامل. انتهت أول سنة ومعدلي عالي جدًّا. بدأت ترجع الأمور طبيعية. قررت أتوظف -فترة الصيف- على نية أكسر حواجز كثيرة، الحمد لله توظفت، من أول أسبوع كسرت حواجز صعبة وكانت عائق. خلصت، كانت فترة حلوة. قرب الترم الأولى من السنة الثانية، وكل شيء يوحي بأن الدراسة راح ترجع حضورية. فعلًا. الآن تجربة جديدة، مسؤوليات جديدة، غربة إلى حد ما، بس حماس. بدت رحلة الخطوط، أتذكر أول مرة، صباح وشمس حارة، ألف اتصال من أمي، وصلت. ما أقدر أوصف الاحساس وقتها. مشت الأيام. بدا المستوى الثالث مكان جديد، وجوه جديدة، خطوط، شوق لاهلي وأمي تحديدًّا، أغاني، وحيد، اختبارات، أصدقاء جدد ورهيبين: فيصل، مساعد، أبو داحم، عادل. كل شيء جديد. حاولت واجتهدت والحمد لله انتهى بمعدل عالي أيضًا. بدا المستوى الرابع وخلصته بمعدل عالي. فجأة بيوم وليلة قررت أرجع الرياض وأخذ آخر مادة في الرياض. خلصتها بدرجة كاملة. تخرجت بمرتبة الشرف الأولى. الحمد لله. تخرجت وجلست. بدت رحلة الفراغ والعطالة. مقابلة هنا وهنا، ماعندك خبرة، تعال المكان الفلاني، خلاص بنكلمك، يومين بالكثير ونرد عليك، تصحى من النوم على اتصال بخصوص مقابلة، ترمي وجهك بكل مكان، الفراغ يقتل قتل. ولكن صامل أروح كل مقابلة. أحاول، أتأمل خير، أرسم طموحات وخطط في النهاية تمر يومين أسبوع وتُنسى مثل حلم أي عاطل. بعد خمسطعشر مليون مقابلة توظفت -الحمد لله- تتبع تخصصي. وصادف ثالث يوم من بدأت أداوم هو ميلادي -بالهجري- ٢٢ شعبان. اللي للآن ما أعرف كيف صرت هنا وتغير كل شيء، وأصلًا للآن يجيني هاجس راح يجي اليوم اللي راح أكمل فيه ثالث ثانوي ويسوون لنا حفل تخرج، وأتخرج طبيعي. وينتهي المسلسل.



الثلاثاء.

22/8/1444 هـ.




ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مُعاذ خالد.

تدوينات ذات صلة