التحريض و الشحن ضد الممارس الصحي يؤدي الى العنف الجسدي او اللفظي، آن الاوان ان نشكر اطباءنا لمواجهة خطاب التحريض الصادر من وسائل متعددة.
قال صبري الدمرداش (كان الطب معدوماً فأوجده أبقراط، ميتاً فأحياه جالينوس، مشتتاً فجمعه الرازي وناقصاً فأكمله ابن سينا)اجل سمعنا هذه الأسماء و تفاخرنا بتاريخ الأطباء المسلمين و العرب القدامى، و اخذ الكثيرون يحلمون بالمعطف الأبيض و ان يقفوا في منصة التخرج لأداء قسم الأطباء السامي و يخدموا البشرية و ان يفخر بهم اهاليهم و تعلوا أسماء اوطانهم، انهم المضحون بسنين طوال من أعمارهم، الفاقدون للنوم من اعينهم، انهم الطلاب الابديون و الباحثون الكادحون، لكن ما اتى بعد ذلك هو شيء مختلف تماماً، كيف فقد الأطباء مكانتهم في المجتمع؟حين جاءت الجائحة توجهت الأنظار جميعها نحو الأطباء و الممارسين الصحيين، في البداية كانت تلك النظرات حانية، متعاطفة، و مليئة بالرجاء و البحث عن الأجوبة و الأمل، حتى انطلقت شعارات التمجيد، (ابطال الصحة).الازمة عالمية وقد حصدت كم من الأرواح، راقبنا لأشهر بهلع ارقام الإصابات و الوفيات و التعافي حتى عم سكون مطلق، وصلنا الى حد اللامبالاة، ووصل الممارسون الصحيون الى حد الاحتراق الوظيفي و الضغط النفسي.بدأ الاستهتار يتفشى و معه المشككون و الصارخون بنظرية المؤامرة... كذبوا الأطباء و انجرفوا خلف اجهل القوم و المعادين لمنظمة الصحة العالمية و العلماء أسوة ب... "ترمب"حين نبعد الجائحة عن الصورة و ننظر الى أوضاع الممارس الصحي في العالم سنجد ان ما يصل الى ٣٨٪ من الممارسين الصحيين يتعرضون للاعتداء الجسدي في وقت ما من حياتهم العملية، و في دراسة أقيمت في مدينة ابها السعودية وجد ان ٥٦٪ من الممارسين الصحيين قد تعرضوا للإساءة اللفظية و اغلبهم من النساء، قد استمر بعرض الدراسات و الأرقام لكن هذا ليس الغرض من هذه المقالة، الهدف هو رفع الوعي لثقافة احترام الممارس الصحي كإنسان أولا قبل النظر اليه كمقدم خدمة.و رغم انه محفوظ الحقوق و مكفول الحماية من قبل القانون يتوجة الاتهام بحق الأطباء او مقدمين الرعاية، فيشكك بعض المرضى في مخرجات التعليم و أهليتهم.ثم هناك المرضى الذين يتهمون الطبيب بعدم الفهم او رفض المعالجة بينما الطبيب يحاول بقدر استطاعته تقديم المساعدة رغم الاغلال التي تكبله من شركات التأمين و الأنظمة و اللوائح التي تؤثر في طريقته في التشخيص و العلاج، لكن المريض يصر على الاتهامات حتى و ان كان النقص المادي من قبل المريض هو ما يؤدي لمحدودية قدرات الطبيب.و في حين ان المؤسسات الصحية تسعى بكل جهد الى تقليل الفجوة بين المريض و مقدم الرعاية، حيث تقام دورات مكثفة في التخاطب مع المرضى، لازال المرضى لا يعرفون الفرق بين الأخطاء الطبية و مضاعفات العلاج ولا الفرق بين الإهمال الطبي و القدر الالهي، و الشحن الإعلامي ضد الممارسين الصحيين لازال يفاقم تلك الفجوة.هناك حملات مستمرة تأتي من الاعلام في القنوات التلفزيونية و وسائل التواصل الاجتماعي، تعزز سوء الفهم و قوة هجوم القطيع فتضيع الحقيقة و تزداد السلبية و الكراهية تجاه انبل المهن و اكثرها إنسانية.حين يصرح احد الأطباء في مقابلة تلفزيونية ان ٩٠ ٪ من أطباء القطاع الخاص يقودهم الجشع ولا يحركهم الا المال، و يعلن طبيب اخر في قنوات التواصل ان علاجات عصب الاسنان تسبب السرطانات استناداً لوثائقيات مسيسة و دراسات كاذبة تم سحبها و دحضها علمياً و معاقبة ناشريها و حتى فقدان رخصهم الطبية و ما زال البعض يتداولها كحقائق فالأمر يزداد سوءاً. لم يعد يكفي ان يُعطى الطبيب دورات في التخاطب و لا يكفي ان نُطلق الهاشتاقات في تويتر، لا بد ان يعاقب المتجاوزون على العلم و الناشرون للإشاعات المضللة و المحرضون ضد الممارس الصحي، وان تكون هناك عواقب لإضرارهم بالصحة العامة. ثم يجب التحكم بالمحتوى الإعلاني و الدعايات للخدمات التجميلية الصحية حيث يعمد البعض للتضليل و المبالغة مما يهز من ثقة العامة و التقليل من شأن القطاع الصحي وتصويرة كتجارة و يؤدي للمنافسة اللا-أخلاقية .و اخيراً يجب تفعيل دور اخصائيين التثقيف الصحي و الصحة العامة ، و تعزيز حساباتهم في وسائل التواصل للوصول لشريحة اكبر من العموم و إيصال المعلومات من مصادر رسمية موثوقة و محكمة.كما يجب على العموم العمل على كسب المعلومة من المصادر الصحيحة و الابتعاد عن التطبيب الذاتي او الانجراف خلف الحسابات المجهولة المصادر.و الأهم من ذلك كله ان نتذكر ان مقدمين الرعاية الصحية المخلصين الابطال بمعطفهم الابيض هم جزء من نسيج المجتمع، انهم أبناءنا و إخواننا و ازواجنا و فوق كل شيء انهم بشر. اختتم بسؤال للقارئ الكريم هل مر بحياتك طبيب او ممارس صحي و ترك اثر في حياتك؟ اكرموهم و تذكروهم وشاركوا محاسنهم في وسائل التواصل عبر #شكرا_دكتور .
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
يتعرض الإنسان في حياته إلى مصاعب صحية سواءاً تكون متكررة أو مزمنة و لذا يتعامل مع العديد من الأطباء و الممارسين الصحيين و يترك بعضهم أثراً في نفس الإنسان. أشكر الدكتورة للمبادرة التي تأسس لها نهاية المقالة. فلقد ذكرتني بأحد الأطباء في عيادة أرامكو السعودية في رأس تنورة حيث كنت أتعالج و قد مررت بحالة وصفت بأنها مزمنة و منذ الموعد الأول مع الدكتور أحسست براحة و إطمئنان له. و لم يحب ظني فبعد عدد من الزيارات عرف المشكلة و كان تعامله الراقي جداً من أسباب الشفاء التي هيأها الله تعالى و له الشكر و الحمد. لا أعلم إن كانت هذه الملاحظة ستصل إليه أم لا و لكن أحببت أن أذكره بكل خير و أشكره على مهنيته و أخلاقه العالية و حسن تعامله. إنه الدكتور غزاوي وللأسف لا أعرف إسمه الأول. فشكراً شكراً دكتور غزاوي