تهديدات العالم الرقمي باتت مشكلة حقيقية وقائمة مما أثر سلبا على الانسان وعلاقته بأخيه الانسان التمحور حول الذات ونمو النرجسية
في فلم الخيال الرومانسي her الذي ألفه وأخرجه سبايك جونز 2013، حول كاتب في أدب الرسائل يصمم رسائل غاية في الرقة، مفعمة بالمشاعر، غنية بالتفاصيل الحميمة، يكتبها لمحبين وأزواج وأصدقاء، يستعين بتفاصيل ينتج منها عالم من مشاعر (لم يعشها) لكنه يتقمصها ببراعة مذهلة، فيقوم كاتبنا بتحديث نظام التشغيل الخاص بأجهزته من أجل عمله بعد مشاهدته إعلان عن مميزاته الخارقة، ويطور علاقته بهذا النظام الذكي الذي يقرر أن يكون بصوت وشخصية امرأة وذلك بعد أسئلة ذكية شخصية تم تفعيل النظام ليستخدمه، ليدخل عالم متكامل مغلق بينة وبين سمانثا. (إسم صوت نظام التشغيل) شيء بالغ التطور والتعقيد عن سيري في الآيفون . الفلم بأحداثه يعرض لك في رعب ناعم كيف ينغمس الإنسان ويتقوقع في عالم يلبي له ما يريد دون عناء التعامل مع الآخر (الإنسان) بكل ما فيه من جدليات ومفارقات وصراعات وسوء فهم واختلاف، نظام ذكي ومرعب يطور نفسه كل ثانيه عبر التعامل مع آلاف من البشر غير ثيودور في ذات اللحظة ويطور ذكائه الصناعي كبشري يتفاعل معهم.
ينغمس ثيودور في عالم سمانثا حتى يختلط عليه الأمر ووتتحرك مشاعره اتجاه نظام رقمي بحت تفاعله الذكي مدروس محسوب مثالي لكن وهم مطبق فهو مجرد معطيات لتحاليل مخبرية واقعية عبر الآلاف لتقدم الصديق والحبيب المثالي الذي يمكن أن نفقده بكبسة زر فيصبح بلا أثر!
قدرة الإنسان على اختلاق عالم خيالي يوفر له قوقعة يظنها تحميه من الألم والخيبات وتوفر عناء الجهد لبناء علاقة مع إنسان آخر بكل ما فيه من حسنات وعيوب ومطبات نفسية، إنه الانهزام الإنساني أمام امتحان التعاطف مع الآخر والانغلاق على الذات وتحقيق ملذاتها وتصوراتها، هل هذا ما نريده كبشر علاقة أحقق فيها أعلى درجات نرجسيتي؟
تهديد العالم التكنولوجي لعلاقاتنا الاجتماعية بات في أعلى صوره التي يمكن ملاحظتها بسهولة، تطور هذا وتغوله المرعب كما في her خطر وشيك يمكن استشرافه لمكننة الآلة وسيطرتها على عالم الإنسان،
هل سنتحمل مسؤوليه الدفاع عن كينونتنا البشرية؟ علاقتنا بالآخر المهمة كما علاقتنا بذاتنا!
هل بحث الإنسان عن من يفهمه سيصل إلى طريق مسدود فيستسلم لفكرة صنع عالم وهمي يكتفي به عن خوض بوتقة التفاعل البشري بكل متعته وألمه وصبره؟
الفلم يضعنا أمام أسئلة مهمة ومواجهات صادقة لصورة الواقع الحالي الذي نعيشه.
و الإجابه في ضميرنا.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات