إنظري إلى شريكي بتمعن...هل يبدو مألوفاً..وهل تتشابهُ سطور قصتك الآن مع قصةٍ ما..؟!
سلوى فتاةٌ جميلة, ذكية, تَعملُ كاتبةً في إحدى المجلات المحلية, فتاةٌ في مُقتبلِ العمر, مُقبلة على الحياة, وتُريدُ أن تَسطو كتاباتُها على العالم....
كانت تتلقى رسائل كثيرة من القُراء خلال الأسبوعينِ الماضيين, مُطالبينها بمقالٍ عن سبب إختيار الشريك الغير مُناسب في كل مرة...؟!
فهو إحدى الأسئلة التي تشغلُ عقول الفتيات طوال الوقت, خاصة بعد الخُروجِ من علاقةٍ إستنزافية وإنجلاء عَمى الحب, وظُهورِ ذلك الفارس الساحر بوجهه الحقيقي دونَ مَساحيق تجميلٍ بفعل إي نوعٍ من المشاعر...وتبدأُ الفتاة بالتساؤلِ....
كيف لي أن أُحبَ شخصاً مثله...؟!
كيف لقلبي أن يختار هذه المواصفات, كيف إخترتُ لنفسي علاقة كهذه....؟!
والحقيقية أن الكثير منهُنَ يَعُدن إلى إجتذاب واختيار نَفس النوع من الأشخاص إن لم يكن أسوء, وهذا ما جعل سلوى تتسائل...
كيف لي أن أكتشف لماذا...؟!
كيف لي أن أَكتُبَ مقالاً عن هذا النوع من الإختيارات وأنا اقومُ به المرة تل والأخرى..!
لا اعلمُ لما يخفقُ القلب لِشريكٍ يُكلفنا الألم والسهر والعذاب مُقابل فُتاتِ الحُب...؟!
أخذتُ أبحثُ في الأمر , وأطرحُ التساؤلات على صديقاتي المقربات, لربما أَجدُ تَفسيراً يُرضى القُراء الأسبوع المقبل...ولكن دون جدوى فصديقاتي اللواتي يعشن الآن قِصةَ حُبٍ, يَجدن شُركائهن رائعين, والمُضربات عن المشاعر يرين كُل الرجال سَيئين...
في لَيلةِ مساءٍ هادئة, وبعد صراعاتٍ عديدة مع أوراقي التي تأبى أن تَكتُب ما يُريحُ القُراء, جلستُ أستنشقُ بعض الهواء النقي, و وضعت أمامي ورقةً حملت ثلاثةَ أسماءٍ من أشخاصٍ كانت تَجمعُني بهم علاقةٌ عاطفية, وحين انتهت ظَننتُ أنهم الأسوء على الإطلاق, وإنني بالتأكيد لم أكن في وعيي حين إبتسمتُ لهم....
أخذتُ أكتبُ تحت كُلِ إسمٍ منهم, أسوء صفاتهم التي رأيتها بعد أن زالت تعويذةُ الحب, وأخذتُ أذكرُ التفاصيل وما تُخفي بين سُطورها....وبعد أن انتهيت, أخذتُ أتمعن في كُلِ ما كتبته, ولوهلةٍ ظَننتُ أن جميعهم شخصٌ واحد...!
يا إلاهي...إنني أُشبه قُرائي, أقعُ في إختيارِ الشخص الخاطئ في كُل مرة, لقد كُنت أظنُ أنني فتاةٌ ذكية...!
غاب موضوع المقال الآن عن ذهني, وبَدأت حَربُ التفكير واللوم, واستولى جَلدُ الذات على كُل تركيزي, ولم أستطع أن أكتُبَ شيئاً, لم أستطع أن أفعل شيئاً سوى النظر الى المرأة وتوبيخ تلك الفتاة الساذجة.
في اليوم التالي مررتُ بالمنزل لأحتسيَ قهوتي مع أُمي وأطمأنَ الى حالها....وكانت صُور الرجال الثلاثة في مُخيلتي, وهم يُخرجون ألسنتهُم لي ويسخرون من خَيبتي....!
وفجأة أصبحوا وجهاً واحداً...!
الأُم: ما بك عزيزتي فيما تُفكرين...؟!
سلوى: لا شيء أُمي...
الأم: هيا أخبريني, لا يوجدُ جديدٌ في الأخبار اليوم, لم يصلوا إلى لِقاحٍ لِكُورونا بعد, وما زالت حالات الإصابات تزداد يوماً بعد يوم...هيا أخبريني لعلي أتوقفُ عن القلق بأن أُصاب به...
سلوى: أخرجتُ شهادة خَيبتي المُتمثلة بالورقة التي كَتبتُها البارحة, وأريتُها لأُمي, وأخذتُ أُخبرها عن موضوع المقال.
تَمعنت أُمي قليلاً في الورقة وتبدلت معالِمُها كُلياً, ثم نهضت وتناولت قلماً وأخذت تَكتبُ شيئاً, مُتجاهلةً سؤالي لها عما تفعلُه, ثم عادت و جلست بجانبي, وأطلقت تنهيدةً تَنمُ عن شُعور حُزنٍ عميق, وأعطتني الورقة....كتبت بضعاً من صفات الرجال الذين كانوا جُزءً أحمقَ من قصتي, وفوق هذه الصفات كتبت إسمُ أبي....!!
لم أستطع الذهابَ إلى العملِ اليوم, ذهبتُ أتجولُ في شوارعِ مدينتي, أُفكرُ فيما كتبتهُ أُمي...هل حقاً كُنت أنجذبُ لصفاتِ الرجُل الأول في حياتي ( أبي)..؟!
هل تبحثُ الفتيات عن صفات والدهم في الرجال, وإن كان الأبُ جيداً فستضمنُ صفاتٍ رائعة, وإن كان سَيئاً ستكونُ النُسخةَ الأُخرى من حياةِ أُمها وتُعايش ما عاشته....؟!
هل حقاً نعتادُ على نوعٍ معين من أنماط العطاء والحب ويُخزنُ في بَرمجتنا أن هذا هو تعريفُ الحب..؟!
هل ما نراهُ من سُلوكياتٍ في علاقةِ الحُب الأولى, التي نَشهدها بين والدينا تُترجمُ لاحقاً لِرغباتنا ومعايرنا في إختيار شُركائنا, ونوعية حياتنا وعلاقاتنا...؟!
هل يَخفقُ القلب لتلك المواصفات الجيدة والسَيئة منها, التي يَألفُها في الرجال الأولين في حياتنا ( الأب,الأخ..)..؟
أم أننا نُركز جُل تَفكيرنا على كُلِ تلك الصفات التي نَمقتها في الرجال, ومقتناها في آبائنا فلم يَعُد القلب يُميز اذا كانت ما نَرغب و ما لا نَرغب, فأجتذبَ لنا من يُمثل كل تلك الصفات....!
بَدأت فجأة أحاديثُ صديقاتي تعلو في رأسي.....
-يا إلاهي في أولِ شجار ٍبيننا قام بضربي, لذا قُمتُ بِتركته, فلن أُمضي حياتي مع رَجُلٍ يُعنف المرأة, لا أُريدُ أن أكونَ أُمي, وأتزوج وأُنجب من رجلٍ يَضرِبُني في كُلِ نَوبة غضب...!
-شريكي رائع, إنهُ حنونٌ وكريم, ويقيمُ الصلاة في أوقاتها, إنه يُذكرني بأبي فلقد كان رجلاً صالحاً..
-لقد إنفصلنا لأنه قام بِخيانتي مع فتاة أُخرى, رُغم أنني كُنت أفعل لهُ كل شيء, أكرهُ ذلك...
أُمي كانت على حق, إن الرجال خائنون, لطالما كانت أُمي زوجةً مُتفانية ومُحبة لأبي, ولكنه تزوج من آخرى, وها هو هذا الأحمق فعل الشيء نفسه أكرَهُهم.
-إن زوجي رائع, انه يُحبُ المنزل كثيراً, لا يلهو مع الأصدقاء, ولا يقضي وقته بين الألعاب الإلكترونية, ولا يمنح لزوجته وأطفاله ساعاتٍ من وقته, ظننتُ أن والدي الرجُلَ الوحيد الذي يُحبُ الجلوس في المنزل ...!
هل حقاً قصة الحُب الأولى التي شهدناها بين والدينا, تُؤثر على قراراتنا في إختيارِ شُركائنا...ولا تسنحُ لنا بأن نرى بوضوح, وأن نُقررَ بُحريةٍ من نحن وما نُريدهُ حقاً...بل تجذبُ لنا ما ألفناه, ما نُفكر فيه ولا نريده, ما نردده دوماً لا أريد هذا وهذا...لنخوض دوماً نفس دائرة المشاعر ....إذا قمنا الآن بتمعن شريكنا, وكتابةِ ما يَتصفُ به, بجانب كتابة ما يتصف به الرجال الآولين في حياتنا ( الأب, الأخ,...) هل سوف يلوحُ التشابه في الأفق..؟!
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات