"لطالما سمعنا أو طلب منا العمل أو التفكير خارج الصندوق، لكن لماذا لا يطلب منا التفكير داخله؟ ما هو هذا الصندوق الذي يتحدثون عنه؟ وكيف أصبحنا بداخله؟"

دعوني أخبركم بقصة هذا الطفل الصغير (نضال)، فهو سيخبرنا عن هذا الصندوق!


كان يا ما كان، في مكان وزمان غير بعيدين عنكم، عندما كنت طفلاً صغيراً لا يتجاوز عمري العام، كانت حدودي تتعدى السماء وما فوقها!

بمعنى أن لا حدود لي عدا عن تلك الحدود الجسدية بجسدي الصغير وقتها.


كبرت قليلاً فبدأ الأهل برسم العشرات بل المئات من الحدود لي، حتى وصلت سن الخامسة. في ذلك العمر، كنت مجبراً على قلة الحركة بحجة الانضباط والأدب.


دخلت المدرسة وهنا بدأت أسوأ قيود حياتي بالترسم في عقلي الصغير (الكبير)، فتم تقييدي عن الحركة بالكامل وتعليفي بمجموعة من العلوم القديمة بطريقة التلقين بما لا أطيقه ولا أحتمله، حتى أصبحت أشعر بأني طبلاً لا أدري من أنا ولماذا أنا هنا، وفي هذا الوقت بالذات، تموت الأحلام الحقيقية وترسم أحلام مغلفة بأمل واهم رجاؤه الوحيد هو المرحلة الجامعية.


تنتهي فترة المدرسة والثانوية لكنها تكون قد نالت ما تمكنت من نيله من ذلك الطفل ذو العام الواحد، أما الآن فقد أصبحت شاباً ذو 18 عاماً، ولكن 18 عام من ماذا؟ الكثير من القيود الواهمة التي تقيد حياتي وكل انفعالاتي!


تبدأ مرحلة جديدة من الحياة، عندما ندخل الجامعة، ونضطر بأن نتعامل مع العديد من الانفعالات التي هي أصلاً ردود أفعال للمرحلة التي سبقت الجامعة، لكني غير مدرك لذلك، لا أنا ولا المجتمع! لا يدركون ما الذي أصابهم! هم فقط داخل صندوق من التعقيدات والأوهام لا يمكنهم رؤيته ولا الخروج منه!


لقد تم اجباري في تلك المرحلة على اتخاذ القرار الذي سيبني مستقبلي، ولكن ماذا عن الماضي؟ ماذا عن ال 17 عاماً الذين عشتهم؟ ماذا عن الصندوق الذي أحمله على عاتقي؟


مع مرور الوقت يقتنع ذلك الطفل (الشاب الآن) بأنه صاحب ذلك القرار المصيري، ولكنه في الحقيقة قرار عمره 18 عاماً اتخذه عنه المجتمع قبل أن يصبح فرداً منه، مجتمع (هذا ما وجدنا عليه أباءنا وأجدادنا) الذي لا يملك من الإدراك قوة حتى يعلم بأنه يعيش كالآلة داخل صندوق تنفذ تعليمات صاحبها فقط!


يتخرج من الجامعة، ويقتنع بأنه أصبح حراً من كل القيود، ولكنه في الحقيقة أصبح داخل صندوق أكثر تقييداً، صندوق العبودية الوظيفية، وهنا عندما يتقدم لأي وظيفة في العالم، يطلبون منه بأن يفكر خارج الصندوق لأنهم يعلمون أي صندوق جاء منه!


بأي حق بعد 22 عاماً من العبودية تطلبون منه أن يتحرر فجأة حتى يدخل سجن أكثر ظلماً وتعقيداً؟


الآن بعد أن عرفت قصتي يا صديقي، عليك أن تدرك في أي صندوق تم وضعك،

وعليك أن تحارب حتى تخرج منه، وتصبح ذو شأن عظيم يوماً ما!


لا تنسى أن تشاركني قصتك أنت أيضاً


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات محمد عمورة

تدوينات ذات صلة