كيف أتخلص من شعور الضياع؟ 8 خطوات تساعدك في البحث عن ذاتك

هذا المقال هو نص حلقة "كيف أتخلص من شعور الضياع" من بودكاست "سؤال عميق"


في كل مرة أضع صندوق الأسئلة العميقة في انستغرام، يصلني سؤال " كيف أتخلص من شعوري بالضياع؟" وهو السؤال الأكثر تكراراً بلا منازع. وإن كان يصل بصيغ وطرق مختلفة إلا أنه دائماً يصب في فكرة واحدة، وهي "الضياع".

بدأت أرى أن شعور التيه ملازمٌ لجيلنا، وكأنكَ واقفٌ على الهواء، فتشعر دائماً أنكَ غير ثابت وغير متوازن.. وأن أيّ ريحٍ ولو لم تكن عاصفة، ستسقطك وتؤذيك.


قبلَ أن نتحدث عن كيفَ يمكننا أن نتخلص من هذا الشعور القاتل؟ علينا أولاً، أن نعرفَ أسبابه، فلا حلَّ لمشكلة غير معروفة. وقبلَ معرفة الأسباب، هذا تذكير لكم أصدقائي، لو شعرتَم أنكَم تمرون بأزمة نفسية أو اكتئاب، راجعوا مختصاً، فالصحة النفسية مهمة بقدر الصحة الجسدية.. الضرسُ والجسد مهمان بقدر الروح والنفس.


بداية ما هو الشعور بالضياع؟

ببساطة، ألا تعرف ماذا تريد من هذه الدنيا، وإلى أينَ أنت ذاهب وماذا تريد أن تحقق من أهداف. وشعور الضياع طبيعي تماماً، ويمكن أن يعتري الإنسان في مراحل كثيرة من حياته. شخصياً رافقني طوال سنوات الجامعة وبعد التخرج لفترة طويلة أيضاً، ولا أزعم أنني اليوم أجبت عن تساؤلات حياتي، لكنني على الأقل أعلم ما هو الطريق الذي سأتخذه.


شعور الضياع أيضاً، ليسَ بالسوء الذي نتصوره، فشعورك هذا، يعني أنكَ بدأت تسأل نفسك أسئلة صعبة ومصيرية، يختار معظم الناس تجاهلها طوال حياتهم، ويتركون أمرَ إجابتها للآخرين وللظروف. فلا يضيعُ إلا من يبحث.. أما الواقف في مكانه، فلا ضياع ولا إجابات له.


كيفَ أتخلص من شعور الضياع إذاً؟

إليكَ ثمانية نصائح يمكنك التفكير فيها واتباعها:


تقبل شعورك:

الخطوة الأولى لحل أي مشكلة، هي الاعتراف بها. تقبل مشاكلك، واعترف بها. لا عيبَ في شعورك بالضياع، لكن اعلم أنك وحدك من يستطيع مساعدتك.


ابتعد عن ضجيج الآخرين:

خلال رحلة البحث عن الذات، تقبل الوحدة. حاول أن تعتزلَ الآخرين بينَ حينٍ وآخر.. ولا أعني هنا أن تنقطعَ عن البشر، فهذا سيقودك إلى مزيد من الحزن. لكن عليكَ أن تتعلمَ كيفَ تكونُ وحيداً وسعيداً مع ذاتك. يمكنك أن تتمشى قليلاً لوحدك، أن تذهبَ إلى مقهى، أو أن تخصص بضعة دقائق من العزلة في غرفتك يومياً، وأن تكتب ما تشعر وتفكر به بمعزَل عن تأثير الآخرين.

في نيويورك، قابلت شاباًَ يدعى محمد، أخبرني أنه اعتزلَ لمدة عام كامل في بريطانيا عندما كان يشعر بالضياع، وأنه كانَ يقضي وقته بالتفكير، الكتابة، القراءة ومحاولة الاستمتاع بما حوله. لربما لا نملك رفاهية الاختفاء لمدة عام كما فعل محمد، ولكننا نستحق أن نمنحَ أنفسنا بعض الوقت، بعيداً عن ضجيج الآخرين.


اسأل نفسكَ الأسئلة الصعبة:

من أنا؟ ماذا أريد من هذه الدنيا؟ وما هي أهدافي؟

لربما تكون هذه الأسئلة البسيطة، هي أصعب ما يمكن معرفة إجابته. خصص وقتاً لمحاولة الإجابة عن هذه الأسئلة، اقرأ عنها، اسأل الآخرين عن إجاباتهم، وحاول إيجاد إجابتك الخاصة. لن يكون الأمر سهلاً، لكنه مهم.. أنتَ مهم.

في كل مرة أقابل صديقاً يشعر بالإحباط أو الضياع، أسأله" كيف تتصور حياتك بعد 5 أعوام؟ أو 10 أعوام؟" ودائماً ما يقابلون سؤالي بالضحك، في محاولة ربما، للتهرب من السؤال. لكن أن تعرفَ أين تريد أن تكون بعد عام أو اثنين أو خمس.. يعني أنكَ أمسكتَ طرفَ الخيط.

فالعالم يفسح الطريق للذي يعرف إلى أينَ هو ذاهب.

وهنا يمكنني أن أوصيَ بكورس أونلاين مجاني من منصة فرصة: تحت عنوان اتخاذ القرار وتحديد الأهداف، وأعتقد أنه قد يكون بداية جيدة.


اقضِ يومكَ بالمفيد:

الإنسان هو نتاج عاداته اليومية، فأنتَ اليوم نتاج عاداتك في السنوات السابقة. مستوى ثقافتك هو تراكم الكتب التي قرأتها. مستوى انفتاحك هو تراكم التجارب التي خضتها. مستوى نجاحك هو تراكم الإنجازات الصغير.

تخلص تدريجياً من العادات التي لا تعود عليك بالنفع، مثل تصفح السوشال ميديا بلا هدف، تضييع الوقت، والنوم لوقت متأخر. واعتنق ما يفيد جسدك وعقلك من قراءة، رياضة، طعام صحي، تطوع واستغلال للوقت.


تجنب دور الضحية:

خلال مراجعة الذات والماضي والتطلع نحو المستقبل والتخطيط له. ستتذكر الكثير من المواقف التي سببت لكَ الآذى. لا تسمح للمشاعر السلبية بالسيطرة عليك، ولا تسمحَ لنفسكَ بالوقوع في دور الضحية التي تلوم، فما مضى قد انتهى، تعلم منه، اطوي الصفحة وامضي.


هل لديكَ قدوة؟

أعلمُ أن الكثيرين يعترضون على فكرة "وجود قدوة" وكنت من هؤلاء مسبقاً، لاعتقادي بأن القدوة شخص مثالي لا يخطئ، لكنني أدركتُ أن القدوة يخطئ ويصيب، وهذا من طبيعة النفس البشرية.


نحن في عصر نتعلم فيه من بعضنا أكثر من أي وقت مضى. اسأل نفسك، هل هناك شخصيات تُقدرها وتعتبرها قدوة؟. وجود شخصيات تستلهم منها، يساعدك على معرفة الصفات التي يمكن أن تكتسبها. ووجود أشخاص تعتقد أنهم وجدوا ضالتهم في الحياة، سيمنحكَ خارطة طريق واضحة.


وهنا يمكنني أن أنصحك بالاستماع أكثر إلى برامج البودكاست المتنوعة، لتتعلم من تجارب الآخرين وأفكارهم.


طور من نفسك:

خلال رحلة البحث عن الذات، تعلم مهارات مفيدة. فكلما سلحت نفسك بمهارات أكثر، كلما انفتحت لكَ طرق وأبواب لم تكن تعرف بوجودها. يمكنك أن تتعلم اللغات، مهارات التفاوض والنقاش، مهارات التواصل، القيادة، وغيرها الكثير.

يمكنك أيضاً التركيز على الأشياء التي تجيدها وأن تطورها. فلو كنت تحب الكتابة مثلاً، طور هذه المهارة بالقراءة والممارسة والمشاركة في مسابقات وفعاليات.


ويمكنكم أن تجدوا عشرات المواقع التي تقدم كورسات مجانية في كل المواضيع، منها منصة إدراك، رواق وفرصة.


اكتسب المعرفة:

دائماً ما أردد مقولة أن "المعرفة قوة"، اكتسب المعرفة بالقراءة، الأفلام، البودكاست، مخالطة الآخرين، السفر، الممارسة والتعلم. قد تظن أن المعرفة غير مفيدة لك خلال مرحلة شعورك بالضياع، لكن, كلما ازدادت معرفتك حول الأمور، كلما انقشعَ ضبابٌ أكثر.



أخيراً أريدُ أن أشارك معكم قصة شخصية..

أمضيت عاماً وبضعة أشهر بعدَ تخرجي من الجامعة، وأنا أشعر بالضياع، أمضيتها في القراءة، الكتابة، تناول الطعام والتطوع. كل من حولي كان يقول أن هذا انتحار، لكن لي، كانَ عاماً منقذاً. فيه أنهيت كتابي الأول "كورتيزون" وقررت أنني لا أريد أن أعمل في المجال الهندسي، فيه صارحتُ نفسي، عرفتُ عيوبي، وحاولتُ أن أرسم طريقي.


قد يكون الضياع نعمة عظيمة، اذا نظرنا له على أنه فرصة للبحث والاستكشاف.

وقد يصبحُ نقمة، إذا تجاهلناه، واخترنا ألا نواجه الأسئلة الصعبة.


ختاماً

تذكر أنكَ لا تحتاج إلى إنجازات عظيمة وسيرة حياة مذهلة حتى تجد نفسك وتتخلص من الضياع.. يكفي أن تكون راضياً ومطمئناً.


والآن.. بعد كل ما قيل، إليكم يا أصدقائي وصديقاتي سؤال عميق..

لماذا تشعر بالضياع؟ وكيفَ يمكنك التخلص منه؟


يمكنكم الاستماع إلى حلقة بودكاست "سؤال عميق" عبرَ الرابط


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

انا متزوج بكير ومسافر وزوجتي عند اهلي
ودائما ما افكر بالاستقرار ولكن صعب غير قادر
استقر انا وعيلتي وكل ما اخطط ان افعل شئ يفشل اخطط اني اشتري بيت يفشل لن أحقق اي شئ في الحياة فا انا تعبت من هذه الحياة المملة

إقرأ المزيد من تدوينات تسنيم معابره

تدوينات ذات صلة