"النجاح قد يكون صدفة مثل نسمة خريف أما الفشل فانه عندما يتحول إلي نجاح يصبح مثل النخيل"


قد تنجح بالصدفة، ولكن قد لا تستطيع الاستمرار في طريق النجاح والاستدامة فيه. وقد تفشل مرة أو مرات، ولكنك قد تنهض سريعا وتتحول إلي ناجح كبير. بل أن الفشل قد يكون عند الكثيرين سببًا و دافعًا كبيرًا و ملهمًا للنجاح واستدامته. ولذلك فإن الفارق بين النجاح والفشل هو وجود أو غياب خارطة طريق لإدارة الوقت والأعمال. وكذلك تحقيق العمل بـناء علي اجتهادات شخصية أو بناء على قواعد أو مفاهيم وضعها خبراء عظام وتوافق عليها الناجحين على مستوي العالم. ومن هذه المبادئ المهمة والبسيطة والفعالة في تطبيقها ونتائجها هي قاعدة ٨٠/٢٠ والتي تسمي أحيانا قاعدة ٢٠/٨٠. فهل تعلم وتعمل بناء على هذه القاعدة أو على الأقل سمعت عنها.


وقاعدة 80/20 أو مبدأ "باريتو" هو من القواعد المعروفة ليس فقط في عالم الأعمال والإدارة، ولكن أيضا في الحياة العادية. وقد سُمّيَت هذه القاعدة على اسم عالم اقتصاد إيطالي كان يعيش في القرن التاسع عشر يُدعى "فيلفريدو باريتو"، والذي اكتشف أنَّ 80% تقريباً من الأراضي الإيطالية في عام 1896 يملكها 20% من السكان فقط. وعندما تتبع هذه القاعدة على العديد من المواقف الخاصة بالعمل أو تعاملات الناس بعضهم ببعض أو سلوك الإنسان نفسه، حتى وفي عالم الحيوان والنبات، وجد تقريبا أن ٨٠٪؜ من النتائج الإيجابية كان وراؤها ٢٠٪؜ من الأسباب. حتى أنه وجد أن ٨٠٪؜ من نواتج العمل ورائها ٢٠٪؜ فقط من الموظفين. ومن هنا أصبحت هذه القاعدة مبدأً مهما في إدارة الوقت والأعمال سواء على مستوي الأفراد أو والمؤسسات والشركات وحتى الدول.


وفي تقريرٍ أعَدَّه برنامج الإنماء التابع للأمم المتحدة عام ١٩٩٢، أظهر أنَّ 80% تقريبًا من الثروات الموجودة في العالم يملكها 20% من البشر. وذَكَرَتْ الشركات أنَّ 80% من البضائع التي تبيعها تذهب إلى 20% من الزبائن، واكتشفَتْ شركة مايكروسوفت أيضاً أنَّها إذا أصلحت 20% من أبرز الأعطال التي يجري الإبلاغ عنها ستتخلّص من 80% من المشاكل الموجودة في برامجها.


إذَنْ يبدو أنَّ مبدأ باريتو موجودٌ في كل مكانٍ حولنا، وحينما يتعلّق الأمر بالإنتاجية يقول المبدأ أنَّ 80% من النتائج التي نحققها سببها 20% من الجهود التي نبذلها، فالذكاء هو أن نكتشف الأمور التي نقوم بها عند بذل تلك النسبة من جهودنا، بحيث نستطيع تسخير كل قوانا للقيام بتلك الأمور، ونتخلص قدر الإمكان من الأمور التي لا تساهم في تحقيق النتائج التي نريدها. فكيف نفعل ذلك؟ ببساطة طبق مبدأ على التركيز على ٢٠٪؜ من المدخلات المهمة لكي تحصل على ٨٠٪؜ من المخرجات المتميزة.


وتمتد أهمية قاعدة ياريتو إلى حياتنا الاجتماعية شاملة الملابس، الرياضة، الطعام، الوقت. وقد استخدم الكثير من المفكرين ورجال الأعمال وعلماء وأخصائى النفس قاعدة ٨٠/٢٠. فعلي سبيل المثال وجد أن ٨٠٪؜ من أسباب الطلاق تعود إلى عدم الاحترام والتي تمثل ٢٠٪؜ من مجمل الأسباب. حتى علي مستوي الكتب، نجد أن ٢٠٪؜ من محتوي الكتاب الواحد تمثل أهم النقاط والخلاصة المستفادة من الكتاب. ولذلك فمن يهتم بهذه النسبة سوف يحقق فائدة أكبر من قراءة الكتاب.


وقاعدة ٨٠/٢٠ هو مبدأ رائع. ولو طبقناه بأثر رجعي على حياتنا لوجدنا أن معظم نجاحاتنا في الحياة كان ورائها ٢٠٪؜ فقط من الأنشطة. ولذلك فنصيحتي أن نعيد حساباتنا ونبدأ في رسم خريطة طريق للعمل والمعاملات والسلوك تعتمد علي تطبيق قاعدة ٨٠/٢٠ وألا نعمل بطريقة عشوائية بدون قواعد، وعلينا عندما نبدأ مرحلة ما في عملنا أن نقرأ عن قواعد النجاح أكثر مما نقرأ عن النجاح نفسه. علينا ألا ننتظر أن ننجح صدفة أو نفشل أيضا صدفة. علينا أن نحرص على أن يكون لدينا قواعد ومفاهيم ومبادئ وأن نعلقها على جدار غرفتنا أو فوق مكتبنا، لكي تكون دائما نصب أعيننا كبوصلة تهديك إلي المسار الصحيح.


وهناك الكثير من القواعد الأخرى مثل قاعدة ٤/٦٤ والتي اشتقت من قاعدة ٨٠/٢٠، وقاعدة من ١-١٠ وليس من ١-x والتي تبين أن تطوير الذات المتميزة يجب أن يكون رأسي وديناميكي وليس أفقي وتدريجي. وقد تناول الكثير من الكتاب والمفكرين تلك القواعد والمبادئ المشهورة في العديد من الكتب التي ظهر الكثير منها في قائمة أكثر المبيعات في العالم. ولو عاد بي الزمن إلى الوراء لكنت تعلمت هذه القواعد التي كانت سوف توفر الكثير من الوقت وتعظم المجهود والنجاحات التي حققتها أو أتمني أن أحققها.


شكرا لاختراع الانترنيت ووسائل الاعلام المجانية مثل يوتيوب وساوند كلاود ولمنصات الكتب ومواقع قراءة الكتب. شكرا لجوجل الذي أتاح لنا فرصة البحث بأنامل اليد لنحصل على كتب ما كنا لنسمع عنها.


شكرا لكل التكنولوجيا الحديثة. وشكرا للفطرة التي خلقنا الله عليها والتي جعلتنا نعمل بالفطرة بناء على قواعد حتي وإن لم نكن نعلمها.


مع خالص تحياتي

د. محمد لبيب سالم

أستاذ علم المناعة بكلية العلوم جامعة طنطا

مقرر مجلس بحوث الثقافة والمعرفة

أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا

وكاتب وروائي وعضو اتحاد كتاب مصر




ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

https://www.youtube.com/watch?v=vnHLE_Jb1tg

إقرأ المزيد من تدوينات د. محمد لبيب سالم أستاذ جامعي واديب

تدوينات ذات صلة