تعرف على إستثماراتك التي لن تخسر ابداً ونجاحها مضمون
دائماً نفكر بالاستثمار في المشاريع التجارية، ونقوم بالبحث والتحري لتفادي الخسارة ولكن، هناك أنواع من الاستثمارات نتائجها مضمونة النجاح، ومهما صرفت فيها من وقت وجهد ومال فستعود عليك بالنفع، ولا مجال للخسارة فيها ابداً!
1. الاستثمار في الابناء
أبدأ بأولها وأهمها الا وهي الاستثمار في الابناء، فهم زينة الحياة الدنيا كما أشار لهم الله تعالى في سورة الكهف الآية 46 (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا)، وفيهم الاجر والثواب في الآخرة بإذن الله، فلا تبخل عليهم بالمال او بالحنان او حتى بالوقت، فكله في مكانه الصحيح، فليس لديك بعد الله سبحانه وتعالى غير اولادك وعائلتك فما تزرعه اليوم فيهم تحصده غداً.
مع الأسف هناك بعض الافكار الشاذة والخاطئة منتشرة بين الناس، واحياناً اقرأها على مواقع التواصل الاجتماعي في خانات التعليقات، وقد تؤدي الى تلويث عقول الأبوين واختلال العلاقة بينهم وبين ابنائهم، مثل التفسير والفهم الخاطئ للآية القرآنية رقم 14 من سورة التغابن (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) حيث ان تفسيرها الصحيح وسبب نزولها هو كالتالي:
تفسيرها: يقول تعالى يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ) يصدونكم عن سبيل الله، ويثبطونكم عن طاعة الله (فَاحْذَرُوهُمْ) أن تقبلوا منهم ما يأمرونكم به من ترك طاعة الله.
وذُكر أن هذه الآية نـزلت في قوم كانوا أرادوا الإسلام والهجرة، فثبَّطهم عن ذلك أزواجهم وأولادهم.
سبب النزول: نـزلت في عوف بن مالك الأشجعيّ، كان ذا أهل وولد، فكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورقَّقوه، فقالوا: إلى من تَدعنا؟ فيرقّ ويقيم، فنـزلت الآية
المصدر: تفسير الطبري
وكذلك مفهوم الضرب التأديبي الذي ينفذ بشكل خاطئ، ويتحول الى قسوة وعنف، واحياناً يؤدي الى إعاقات نفسية وجسدية، وقد يعتقد البعض أن مفهوم الاستثمار والرعاية للأبناء متعلق فقط بالماديات، كتوفير الألعاب الكثيرة، والاجهزة الالكترونية الحديثة، والهدايا، والمدارس الغالية، والنوادي، واحياناً يضغط الاباء على أنفسهم مادياً ظناً منهم انهم على صواب وينسون الجانب العاطفي الذي لن تغذية أموال الدنيا ولن يعوض فقدانه حنان المربية والخادمة، والدليل على كلامي هو نشوء ناس ناجحين ومستقرين نفسياً في أسر متوسطة الحال، والسبب تلقيهم التربية الصالحة والرعاية النفسية الصحيحة من أبوين طيبين فهموا معنى الأُبوة والأمومة واستثمروا في ابناءهم بالشكل الصحيح.
فأحسن الاستثمار في أبناءك، واقرأ وتثقف وتعلم كل فنون التربية، وأكثر من الدعاء لهم، ولا تتحسف على اي جهد ووقت ومال تبذله في سبيل ذلك، فالنتيجة ستكون إيجابية بإذن الله، ويكفيك أن يدعو لك ولدك بعد مماتك ويذكرك بالخير، وهذا ما جاء ذكره في الحديث الشريف (عن ابي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا مات ابن أدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، او علم ينتفع به، او ولد صالح يدعو له) رواه مسلم
2. الاستثمار في النفس
الاستثمار في النفس هو افضل استثمار على الاطلاق، فمهما كان ما تبذله من جهد من اجل تطوير نفسك كتعلم شيء جديد او اكتساب مهارات شخصية او عملية، او تطوير هواية فتأكد انها ستعود عليك بفائدة عظيمة، وستقربك اكثر من اهدافك، وستساعدك على تحقيق احلامك، حيث من اهم مسؤولياتنا تخصيص الوقت لتطوير انفسنا والاستثمار فيها ثم يأتي بعد ذلك مساعدة الناس على تطوير انفسهم والاستثمار فيهم، فهو يعد نوعاً من حب الذات الصحي ولا اقصد الانانية، فعليك بحب ذاتك ليحبك الاخرون، فعقل الانسان يحتاج دائماً الى التطوير والتنمية، والشخص الذي لا يتعلم ولا يتزود بمعلومات ومهارات جديدة، لا يمكنه ان يكمل طريقه نحو أهدافه، لذا حاول ان تتعلم شيئاً جديداً كل يوم أصرف نقودك على عقلك، وهو سيعمل على كسب اضعاف ما انفقته، وخذ قاعدة مهمة في الحياة، الا وهي ان علمك وشهاداتك ملكك انت وحدك ولن يستطيع احد ان يأخذها منك حتى لو تربص بك احدهم ومكر لك وتسبب بطردك من وظيفتك "مثلا"، فهو لن يستطيع ان يسلب منك علمك وشهاداتك وستستطيع ان تزهر مره أخرى في مكان مختلف، واعلم ان الكرة الأرضية في دوران دائم فإن لم تواكب حركتها وتطور من نفسك كل يوم، فأنت تتراجع وليس هنالك حالة ثبات بينهما.
3. الاستثمار في الصحة
النوع الثالث من الاستثمارات الناجحة بلا شك هو استثمارك في صحتك وذلك عن طريق الاهتمام بطعامك وشرابك واقتناء المغذي والمفيد فالطعام هو الوقود الذي يحصل منه جسمك على الطاقة فتخيل معي لو أنك تشتري النوع الرديء من الوقود واستخدمته في سيارتك هل سيكون اداؤها بنفس الكفاءة عند التزود بالوقود الممتاز؟ الجواب أكيد لا كذلك نفس القاعدة تنطبق على أجسامنا فلا تتوقع ان تتمتع بصحة جيدة و عظام قوية تسند طولك حتى اخر أيامك و اسنان سليمة و بشرة نضرة و شعر لامع و نظر جيد عن طريق تناول الأكل غير صحي المليء بالسموم و الألوان و السكر و الدهون الضارة و إلى جانب ذلك علينا الاهتمام بممارسة الرياضة او على الأقل الحفاظ على مستوى لياقة جيد من خلال زيادة الحركة و النشاط اليومي المعتاد و التقليل من فترات الجلوس الطويلة فهناك قاعدة كنت ادرسها لطلابي في منهج الصحة و السلامة أثناء استخدام الحاسوب تسمى قاعدة 20:20:20 و معناها كل 20 دقيقة من الجلوس المستمر امشي 20 خطوة و انظر إلى نقطة بعيدة و ارمش 20 مرة و استشهد أيضاً بقول الشيخ عبد الله بن جبرين عن شيخ محمد بن صالح العثيمين انه كان يمشي يومياً ثمانية كيلو متر يعني من بيته الى المسجد و يقول: لذلك صحته جيدة، فعدونا مرة معه في المسعى بين العلمين الأخضرين، فسبقنا جميعاً و هو في السبعين من عمرة! أي: يتضح فيه بجلاء قضية أثر المشي إلى المسجد.
-رحمهما الله رحمة واسعة-
وفي النهاية انا اعلم ان البعض قد يقول ان الطعام الصحي واقتناء الجيد من الغذاء والاشتراك في النادي الرياضي مكلفاً مادياً فلهؤلاء أقول ان كل دينار تتحسف ان تصرفه اليوم على طعامك وصحتك ستصرفه غداً وانت تتنقل بين أروقة المستشفيات والعيادات والمراكز الصحية فقرارات اليوم تصنع الغد.
اسأل الله العظيم ان ينعم علينا جميعاً بالصحة والعافية والحكمة للمحافظة عليها
4. الاستثمار في الحياة الدنيا
فالدنيا بكل ما فيها من نعيم وصعوبات زائلة وفانية وأعمالنا هي الباقية معنا في الاخرة فأحسنوا الاستثمار في عمل الأعمال الصالحة من قول او فعل وأعدوا العدة لملاقاة الله سبحانه وتعالى يوم الحساب ولن أسهب في الحديث مطولاً في هذا الشأن فهو معروف لديكم جميعاً ولكن سأستشهد ببعض الآيات القرآنية الدالة على المعنى (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ) النجم 39 (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) المدثر 38
رهينة: أي متعلقة بعملها يوم القيامة
(وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)) العصر
خسر: خسارة وهلاك
وتواصوا بالحق: هو أداء الطاعات وترك المحرمات
المصدر: تفسير ابن كثير
هذه هي الاستثمارات الناجحة فعلاً وأرجو ان أكون قد وفقت في صياغتها على النحو الذي يعكس أهميتها الحقيقية، نفعنا الله بها وجعل هذا المقال حجة لنا لا علينا.
زهراء منير الدباغ
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
جزاك الله خيرا أستاذتي
hjhvjv
جميل