لماذا يشعر البعض بالحاجة إلى إرضاء الآخرين حتى لو كان على حساب أنفسهم؟


إذا كنت من أولائك الذين يشعرون برغبة لشرح وتبرير كل شيء، نواياهم الحسنة ومحاولاتهم للإصلاح، أو أي شيء يعتقدون أنه سيحسن صورتهم أمام من حولهم؟ أو كنت ممن يعضّون شفاههم بعد قول شيء غريب أو مزحة عابرة خوفًا من أن يرفع أحدهم حاجبه ليحكم عليهم، فهذا المقال لك.



أصل الحكاية


على عكس العادة، المشكلة ليست بسبب مواقع التواصل الاجتماعي بل بسبب طبيعتنا البشرية، إنها من الأمور التي طورناها قبل ملايين السنين ولكنها اليوم شبه معدومة الفائدة، الاهتمام برأي الآخرين هو شيء أشبه بطاحونة العقل، أو الزائدة الدودية، كانت مفيدة في الماضي البعيد ولكنها اليوم ليست إلا مصدرًا كبيرًا للمعاناة.



بدأت الحكاية منذ ملايين السنين، حين كان عقل أجدادنا مضبوطًا على وضعية النجاة، حيث كانوا بحاجة لأن يكونوا محاطين بعدد كبير من الناس للتأكد بأن وحشًا ضاريًا لن يأكلهم، في تلك الأيام كان من الضروري أن نكون مقبولين ممن حولنا ومنتمين لقبائل أو جماعات صغيرة.


ولكن المسألة اليوم ليست مسألة حياة أو موت، إنما رغبة قاصرة منا للتأكد بأن لوجودنا معنى، فآراء الآخرين "حتى أولئك الذين لا نحبهم" هي مقياس لقيمة وجودنا، أو انعكاس لنوعية الأشخاص الذين نحن عليهم.


لماذا زر الإعجاب اليوم مهم؟

أنت بالطبع لن تموت إذا لم يعجب أحدهم بصورتك، ولكن إعجاب الناس يعني أنك مهم وذا قيمة.



كيف نتوقف عن الاهتمام بما يعتقده الآخرون؟


إليك بعض الحيل:


١- تذكر دائمًا "الناس يتوقعون"

حب أن الناس أو كرههم لك ليس إلا نتيجة لتوقعات رسموها عنك فهي ليست حقائق ثابتة، ذات الأمر بالنسبة لرأيك أو حبك أو كرهك للآخرين، فهو انعكاس لتوقعات رسمتها أنت عنهم وليست حقائق ثابتة، لذلك لا تأخذ أي شيء بشكل شخصي.


٢- توقف عن سؤال الناس عن رأيهم بك

خاصة الشخصيات الانتقادية أو الغير سعيدة أو الغير ناجحة، لأن رأيهم لن يكون رد فعل لأفكارك أو أفعالك بقدر كونه رد فعل لحالتهم الغير صحية وغير سعيدة.


٣- توقف عن الحكم على الآخرين

من تجربتي الشخصية، من أفضل الطرق للتوقف عن الاهتمام برأي الآخرين، هو التوقف عن الاهتمام بالآخرين، فحين تتقبل كل من حولك على الرغم من اختلافهم، سينعكس هذا على حبك لنفسك وتقبلك لها.


٤- ميز بين الأشخاص الآخرين والأشخاص المهمّين

اصنع قائمتك القصيرة من الأشخاص الذين يهمونك على المستوى الشخصي، أو تثق بعقولهم، وحين تلاقي رفضًا اجتماعيًا اسأل نفسك عن أهمية هؤلاء الأشخاص بالنسبة لك، وعلى هذه القائمة أن تكون قصيرة جدًا فالأجار مرتفع هذه الأيام، والاكتظاظ داخل قلبك أو عقلك لن يكون مفيدًا.


وتذكر هذه القائمة القصيرة كلما ذهبت لمقابلة عمل، أو بدأت بتأليف كتاب، أو تعاملت مع أشخاص جدد، أو جهزت نفسك لإلقاء خطاب ما.


٥- ارسم أسوأ سيناريو

ما أسوأ شيء قد يحدث نتيجة رفضك؟

أن تكون محورًا للنميمة لعدة جلسات؟ أن تطرد من عملك؟ أن تخسر صديقًا جديدًا لا يتقبلك؟ أن يصرخ الناس بك للنزول عن المسرح؟


بعد رسم أسوأ سيناريو اسأل نفسك، هل يمكنك النجاة من هذا؟


٦- لست بحاجة لإرضاءالجميع

إذا أردت أن تصبح رئيسًا أو رئيسة لأقوى دولة في العالم، فيكفيك الحصول على نسبة ٥١% من الأصوات، مما يعني أن حوالي ٥٠% من الشعب يريدون طردك.

بغض النظر من أنت أو ماذا تفعل، هناك أشخاص لا يتفقون معك، ليس أمامك إلا خياران إما أن تقبل أو أن تختفي!


الأمر ليس سيئًا دائمًا


شئنا أم أبينا فالحاجة للانتماء إلى قبيلة أو جماعة هي واحدة من أساسيات دوافعنا البشرية، وهناك بعض الاستعمالات التي قد تكون مفيدة:

١- التوقف قبل قول شيء قد يجرح مشاعر الآخرين أو قد يسيء لمعتقد أو دين معين.

٢- الشعور بالانتماء لجماعة يوفر لنا دعمًا عاطفيًا ونصائح مجانية.

ولكن تذكر بأن غالبية الناس ليسو (جماعتنا) ولا يهتمون أو يؤثرون على نجاحنا أو سعادتنا، وعلينا ألا نجعل من آرائهم عائقًا أمام قبولنا لأنفسنا.


نعم أحب من حولك واحترمهم واقتلهم بلطفك، لكن تذكر أنك لست مطالبًا بتغيير صورتك الشخصية أو أفعالك لترضيهم أو لتحصل على مباركتهم.


تقوى يوسف

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات تقوى يوسف

تدوينات ذات صلة