تحاكي التدوينة واقع المواطن الفلسطيني في ظل الأحداث الصعبة

لماذا لا نحلم ؟ !


الصيف يودع بالرحيل ونسمات الهواء الطيبة باتت قريبة ففي أيلول يسدل الخريف يديه معلناً حياة جديدة أو ربما هواء أكثر إنتعاشاً أو قد يكون فرصة لتساقط المزيد من المآسي والكثير من الحقائق , لا أعطي الأيام تقديساً كثيراُ فهي تشبه بعضها لا سيما إننا نعيش يوماً بيومه بين طيّات الحرب ودموع أمهات الشهداء ونزوح يتلوه الآخر وحجار متراكمة وصوت يعلو من بعيد النجدة ! قد ينطوي الشهر ويأتي بعده ويبقى صراعنا مع أنفسنا صراع البقاء وصراع الحلم وصراع الأمنيات وحتى صراع الوجود الحاضر الغائب

في كل صباح يؤذن لنا بيوم جديد نعد الفطور من بقايا الخبز الذي جمعناه من كد عيوننا ثم ننطلق نحو لقمة العيش وبات الحصول عليها صعباً نادراً مريراً مغمساً بالدماء , نلتقط أنفاسنا ثم نشد على أيدينا ونستذكر شريط ذكرياتنا يوم كنا لا نحمل هماً واليوم نقبض على الجمر وننتظر لحظاتنا علنا نعيش الحياة التي نستحقها لماذا لا نحلم ؟ اسأل سؤالا بقمة الاستخفاف وأنا أحتسي كوب الزهورات فهذه الأيام تحتاج أعشاب والكثير من اليانسون والميرمية لكي تستوعب حجم هذا البؤس أما القهوة تركناها لعشاق البرجوازية يطالعون كتاباً لذوي التنمية البشرية ! يرسلون لهم رسائل مفادها ابتسم اليوم واترك لنفسك مساحتك الخاصة وتذكر أن هذا اليوم يومك وهذه الطاقة طاقتك ! ولا أدري أن بقت طاقة تحملنا بعد , لماذا لا نحلم ؟ فقي أحلامنا نسافر عبر المجهول نرى كل شيء كأننا نولد من جديد ونقطف من جل أعمارنا أياماً وردية وأخرى يملؤها التعب ثم نركن على رصيف ونسأل أنفسنا هل يطول هذا الشقاء ؟ ! ما بين وهم الواقع والحاضر كيف سنرمم كل هذا الخراب الذي عاث بقلوبنا عشنا نكبة ونكسة وحرب لعينة بتنا اليوم ننتظر أن نستيقظ على زقزقة العصافير بدلا من أصوات القنابل التي تلم بنا ونمسح دمعة طفل صغير ودع أباه قبل أن يعلم ماذا يعني الموت ؟ وأن نرسم ابتسامة صغيرة على وجه امرأة عّلمتنا معنى الصبر ونخطط لمستقبلنا بلا أسلاك شائكة ونستقبل الحرية على كف أيدينا ونغتسل من مياه المطر رافعين أيدينا للسماء علنا نهنأ

في التلفاز سترى صوراً لشهداء وركام متناثر وأليات حربية ثم تحاول أن تهرب من وهم هذا الواقع لكنك تفشل تهرب من الواقع الى الواقع من الحسرة إلى الألم من التعب إلى الإرهاق

حتى حربنا مع أنفسنا ثقيلة وأحلامنا باتت شبه مستحيلة وأمنياتنا تحتاج عصا سحرية , قتلتنا الظروف وخنقتنا الفرص المعدومة والتناقض اللامنتهي والتقليد الأعمى فأتاحت مواقع التواصل الاجتماعي أن نشارك يومياتنا المزيفة وطعامنا المفضل وروتيننا اليومي ومراحل نمو أطفالنا ومشترياتنا الخاصة وسذاجتنا ونحن نلاحق التريندات حتى باتت الخصوصية والانسانية معدومة بعض الشيء وكل هذا قد لا يكون حقيقي أو ربما مساحة ( لفشة غل ) ليس إلا , ينقصنا الوعي فمن المفترض أن كل هذه الأحداث الجارية تعلمنا دروس لا ننساها لكننا مع الأسف ما زلنا على الهاوية ,يحتاج كل منا وقته ليرتب أفكاره ويمضي بأثر جيد كنسمة هواء رقيقة مؤذنة برحيل الصيف وقد ينتهي صيفنا هذا لكنها الحرارة ستبقى تنهش بأرواحنا حرارة الألم والفقدان ولن يضمد جرحنا النازف بل سنبكي على أيامنا هذه ونستذكر أن أعظم همومنا كانت أن لا ننسى شرب كوب الحليب صباحاً

لست ناقمة بكلماتي أعلاه بما يكفي لكنني بت أرى عالماً مشوشاُ فوضوياً صنعناه بأيدينا عبر الفضاء الالكتروني هذا غير مكترثين بالأثر الصعب الذي حل بنا , علنا نفتح قلوبنا الصافية ونعيش حياتنا الحقيقية بلا أقنعة بلا فلاتر مضيئة ! ونقطف زهراً ملوناً يعيد لنا معنى الحياة

بقلم : شذا برهوش




شذا برهوش

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات شذا برهوش

تدوينات ذات صلة