إلى روحك قبسٌ من الدعاء يُهديك السلام والوئام.♥️♥️♥️♥️♥️
رسالة إلى أمّ زوجي
لك سيدتي أخطُّ رسالتي، والتقدير بإجلالٍ يختلجُ مشاعري، ويلفُّها بطوقِ امتنانٍ يُحني هامتي، منْ قال أنّ الأموات يرحلون، من قال أنّ مخاطبة الفاني ضربٌ من الجنون، إنّها وقوفٌ على أطلال ذكرى الخالدين، ذكرى أخيلةٍ تجزّأتْ صورًا من حلمٍ ورديٍّ راقَ لفتاةٍ عشرينيّة، أدخَلْتِها مُدُنَك البهيّة وأوصدْتِ البابَ لحبٍّ كان مَقضيًّا، وسحرُ ابتسامتِك لا يُفارقُ مُحيّا وجهك الرقيق. أيُّ نظرةٍ حانيةٍ تلك التي تُبدِّدُ الشكّ وتقطع الرّيب، أيُّ نورٍ يفيضُ في وجنتيك موصولًا بنور القمرين، أيّ حنانٍ يشُبُّ في عينيك ويُنبِتُ الزّهر مُمتَدّا بين الأصغرين ليفوح عطرا كلّما نطق لسانك.
مازال صدى مداعبتك يتردّدُ في ذهني واضحا : ما طلبناك للتأنيب، إنّما جئتِ زهرةً نرتجي عبَقَها والأريج، كنتِ إذا تكلّمْتِ طاب الحديث بأزكى الحروف، وفاح شذاه يحتضن الحضور، ونطقت العينان بكل ما في سحب السماء من صفاء وشجون.
ولقد أيقنْتُ بالتقاء الأرواح وتآلُفِها رغم اللحظاتِ اليسيرةِ التي جمعَتْنا معًا، قبل أن يتّسع أحضانُ القبرِ لجسدك الطاهر، وينثر ضحكاتِك وأثيرَ كلماتِك نجماتٍ توهّجتْ في صفحة السماء ليستأنسَ بها الناظر.
يا سيدتي، هذه كلماتي تزدلفُ إليك ولا تَفيكِ، غِبْتِ وكلّما انقَضَتْ الأيّامُ لاحتْ سجاياكِ في شريكي الذي نشَّأْتِ ليكون الكتفَ الرّحيم والعضد المتين.
غيّبَكِ الثرى ولكنّك يا سيدتي حقيقةٌ ماثلةٌ أمامي كلَّ يومٍ، والبقيّة مَحضُ توهُّم، أرتمي في حضنك الرّؤوم، وأرتشفُ الحكمة شهدًا من وريثِك الرّاسخ في صميم فؤادي. إنّه الأثرُ الطّيبُ الذي يجعلنا نتعلّقُ بزوارق الراحلين، الحنين الذي يُنصِفُ الدموع الحرّى ويشجب النسيان، وإنه النداء يُعزّينا أنّ الحياة ماضية وإنْ كانت غير مكتملة .ما أجلَّ الأمّ تختصرُ بهاءَ روحِها في أبنائها، فإنْ رحلتْ كانوا الشاهدَ على بعض رياحينها.فإمّا عبورٌ يتوارى بالثرى وينتهي، وإما عبورٌ خالدٌ لا يمّحي.
إلى روحك ترانيم دعاءٍ معتَّقةً بالسلام والوئام ومختومة ب(آمين) .
♥️♥️♥️♥️♥️
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات