خواطر أم يقين

إنْ لم تُعلق صورة وجهك المضيء في لوحة المتفوقين فقد رَسَخَتْ في أفئدة الملايين،

ندى حزيران 😢

بقم سهى أبو الرب

أصواتُ ذعرٍ مختنقة جلجلت في الأنحاء، وأنفاسٌ حرّى تقطّعت بالبكاء، وبنظراتٍ زائغةٍ مذهولةٍ قرأْنا نبأ الوفاة، قرع الفقدُ أبوابَنا ولفَّتْنا سحابةُ حزنٍ معتَّق، ليسكننا فراغٌ واسعٌ من الوحدة.

أحقّا غادرتْنا ندى؟! نعم، غادرت ندى في صمتِ العابد المُتنسِّك في ملكوت العلم، سَهَتْ عيناها وهي تتفرّسُ بنهمٍ سطور الكتب، فمن كان يدري أنّها تحتجب في غرفتها ترسم طريقها نحو الجنّة، ويُقْضى أمر الملك في غفلةٍ من العباد وتكون ممّن اصطفاهم في غُرّة العمر.

رحلت ندى إلى دار البقاء وخلّتْ كُرَبَ الدنيا نُصارعها في عناء، وصورة ثغرها الباسم عالقة في الأذهان، مع بقايا رسائل هي تلويحةُ وداعٍ يختفي خلفها مشهد الفراق. وقيل الكثير عن سبب الرحيل، وما نفعُها فقد غاب الحبيب، ولكنّها ساعاتٌ نُسائلُها وأخرى تُعطينا الجواب، إنّه السّقم تغلغل عُنوة على غير ميعاد، هو الألم يتسلّل لصاحبه حدّ الإشباع، وبين الأولى والثانية لفظت ندى أنفاسُها الطاهرة، وغرق الوجدان بالعَبَرات السّهام .باغَتَكِ المرض ولم يُبسط لك الوقت لاستئصاله، إنّها العلل ياغاليتي أضنتْنا بواقعٌ مخزٍ يلطخُ مجتمعاتنا!! أصابتْ علاقاتنا بالآخرين فبتَرْناها، دبّتْ في قلوبِ العبادِ فسادَ الضّيمُ والإجحاف، ووصلت لأبنائنا فغَدَوا طيورا مهاجرة تخفق بأجنحتها بعيدا وتزعق حزنا لفراق موطنها؛ لتقبع تحت سطوة الغرباء.

وكيف السبيل لبتْرِ الأيادي النجسة التي امتدّت لأراضي الوطن؟! كيف، نوقف ألمَ القرحةِ الدامية في أدمغتنا لننسى أوجاع كلّ ساعة.

أنت يا صغيرتي الطاهرة وإنْ لم تُعلق صورة وجهك المضيء في لوحة المتفوقين فقد رَسَخَتْ في أفئدة الملايين، وإن لم تركبي سفينة نوحٍ مع الناجين، فقد ارتقيت على أجنحة من نور عند ربّ رحيم .رقدْتِ رقدتك الأخيرة ورسالتُك للغير صريحة " ما من مُقيم إلّا على موعدٍ بقافلة الرحيل" ،سُقيا لقبرك الذي ضمّ الروح والريحان في جنباته، وتعطَّرَ بروحك الزكية، وإنْ كان الدمعُ شاهدا على محبّتِنا فالدّعاءُ أعمقُ الأمنيات والرجاءِ وأصدقُها أن يُحسن المولى وفادتَك عليه ويُسكنك فسيح جناته. (بلسان كل مُحبّيك)