اصبحت التنمية المستدامة من المفاهيم الجوهرية في القرن الحادي و العشرين، و مفهوما يمس الجميع: أفرادا ومؤسسات ودول.
هنالك مقولة معروفة تشجع الناس على التفاؤل و النظر الى العالم من خلال "نظارات وردية اللون"، كأن اللون الوردي بنعومته يحرك فينا الشعور بزهو الحياة وجمالها، كما تفعل أزهار شجر اللوز الزهرية التي تملأ المشهد جمالا في الربيع.
لقد باتت التحديات التي يواجهها العالم في القرن الحادي والعشرين تفرض علينا واقعا معقدا يتطلب منا فهم الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لكل قضية للتصدي لها بأكثر شمولية. على عكس ذلك، فإن الدول في أوج نشاطها الصناعي في القرن التاسع عشر كانت تقود عجلة التنمية دون الالتفات للأثر البيئي والاجتماعي لأنشطتها مما أدى الى استنزاف الموارد الطبيعية، و تراكم انباعاثات غازات الدفيئة، و تعريض العديد من الأنواع الحيوانية والنباتية الى التهديد أو الانقراض.
في مؤتمر قمة الأرض الذي عقد في ريو دي جا نيرو في 1992، أقرَت معظم دول العالم التزامها بمفهوم التنمية المستدامة و المتمثل بـِ "التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة أجيال المستقبل على تلبية احتياجاتها أيضا"ما يشهده العالم اليوم من أثار سلبية للتغير المناخي -والمتوقع أن يؤثر على دول الشرق الأوسط و شمال أفريقيا على وجه الخصوص من خلال ارتفاع درجات الحرارة وانحسار الأمطار والزيادة في الظواهر الجوية المتطرفة- ما هو الا انعكاس لاختلال توازن محاور التنمية نحو الجانب الاقتصادي على حساب الأبعاد البيئية و الاجتماعية. لا نحتاج لأن ننظر بعيدا لنرى تطبيقات عملية لمفهوم الاستدامة، الذي يبرع به أفراد المجتمعات ألأصيلة في بلاد الشام، أو ديلتا النيل، أو مرتفعات شمال أفريقيا.
هنالك أصوات تعلو لأفراد ومؤسسات وحكومات أصبحت تضع الاستدامة نصب خططها و مشاريعها التنموية، موقنة العواقب الوخيمة التي تتنظر البشرية اذا ما تم الاستمرار في النهج الاستهلاكي البحت دون احترام محدودية الموارد والخدمات التي تقدمها الأرض للانسان والتي لا تقدر بثمن (هل سبق أن و صلتك فاتورة من الأرض مقابل الهواء النظيف الذي تستنشقه؟)أصبح اليوم لا مفر من أن نضع جميعا نظارات بلون الاستدامة، ترشدنا في قراراتنا كأفراد، أو اولياء أمور، أو معلمين، أو أصحاب شركات، أو نشطاء مجتمعيين، أو أصحاب قرار في القطاع العام. هذه لغة القرن الحادي والعشرين التي اذا اتقنَاها معا، و ترجمنا مفاهيمها في حياتنا اليومية، ضمنَا صون هذه المعمورة للأجيال القادمة.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات