افتح قلبك للجميع وتعلم منهم، تحلى بالصبر وقوة الإرادة ،فما أجمل أن تسمع دعوات جميلة من أشخاص لاتعرفهم
سنة الامتياز وما أدراك ما سنة الامتياز ...
بالبداية في الفصل الدراسي الأخير كان الضغط قاتلا والوقت يطير ويختفي ، لاوجود لوقت كاف لأي شيء، اجتماعات مع المرشدات الطلابيات لترتيب رغبات سنة الامتياز.
سنة الامتياز هي عبارة عن سنة كاملة ، 12 شهرا تقضى في أحد المستشفيات ، الخيار لك أن تكون مقسومة على أكثر من مستشفى أو أن تقضيها كاملة في مستشفى واحد، ويسمح لك بإجازة لمدة 14 يوما في السنة ككل.
حقيقة لم أرى نفسي في أحد المستشفيات الكبيرة التي لها فئة معينة من المرضى ، كالمستشفيات العسكرية أو مراكز المتخصصه في الأطفال من ذوي الهمم، أردت شيئا مختلفا لم أرد أن أتقيد بفئة معينة .
بعد ترتيب الرغبات سيزداد التوتر والتساؤلات أين ستذهب ؟ ماذا لو تم رفضك؟ بالمناسبة كانت تختلف آلية القبول ، إما أن تكون مقتصرة على معدلك الجامعي أو مقتصرة على مقابلة شخصية تجرى من قبل المستشفى أو اختبار بالإضافة للمقابلة .
أحد المستشفيات التي تقدمت لها وأجريت المقابلة ، لم أشعر أبدا بالمهنية أو أن المكان صالح لأن أقضي فيه سنتي الجميلة ، بل مازلت اذكر وأسمع قهقهاتهن قبل أن أسمع صوت ارتطام الباب خلفي ، شعرت بخيبة أمل ولكن أخفيتها بداخلي وكتمتها وعلمت أن هذه آخر مرة تطئ قدمي هذا المكان.
لم أيأس فقد آتى قبولي في اللحظات الأخيرة في أحد المستشفيات المزدحمة والتي كان الجميع يهرب منه.
الأسابيع الأولى كانت مجرد إشراف وفهم طريقة الفحص والتعامل مع المرضى ، لايوجد الكثير لتقوم بعمله.
كسب الثقة ليس بالأمر السهل ، في سنة الامتياز ستكون في اختبار دائم ، اسئلة مفاجئة ، عروض تقديمية يجب أن تبرع فيها وتقدمها بشكل يليق بمرحلة الامتياز ويدل على أنك ناضج كفاية وقادر على الإمساك بدفة القيادة .
ستقابل جميع ومختلف أنواع وفئات الناس ، المتصالح الذي لاتفارقه الابتسامه ، خفيف الظل ، المرضى الغاضبون ، والذي يرى أنك لاتفعل شيئا لأنه وصل للتو ولا يعلم كيف كان يومك.
رأيت الكثير وتعلمت الكثير ولست نادمه أبدا على خياري أن أكمل سنة كاملة في نفس المكان المزدحم ، حقيقة كنت أسمع وأرى قرابة ال20 قصة في اليوم ، كنت أظن أني في تخصص لايوجد فيه الكثير من المرضى ولكن الواقع كان مختلف تماما.
ضغط العمل كل يوم ابتداءا من قبل الساعه الثامنة صباحا حتى ال4 عصرا تقريبا ، يوازي الضغط من بعض الأطباء والاستشاريين الذين احتضنهم الغرور وأصبحوا لايرون الطلاب شيئا أمام خبرتهم ومعرفتهم العلمية وخبرتهم العملية.
في سنة الامتياز رأيت الكثير ، حالات لمرضى أرهقتهم الحياة نفسيا ، ومرضى من ذوي الهمم ومرضى من قضايا وسجون ، وكبار سن ، وأشخاص تفتقر للصبر ، وكذلك أولئك الأشخاص الذين يحتقرون معرفتك والمكان الذي وصلت له وتعب السنين بسبب جنسيتك ويرى أن الغرب أفضل منك وإن كنت تستخدم ذات التقنيات، لم أكن أمزح عندما أقول أني رأيت الكثير .
بالمختصر كنت شخصية قادرة على آداء مهام متعددة ، حضرت عملية جراحية ، كما قمت بدور المعلم بالنسبة لطلبة الطب في مرحلة الامتياز في تخصص الأنف والأذن والحنجرة.
لألخص ماتعلمته من هذه التجربة في نقاط:
- سنة الامتياز ستطوع شخصيتك وستكسبك مهارات إما أنها ستكون جديدة عليك أو لم تحتج يوما أن تكون في موقف يستدعيك لاستخدامها.
- لاتبحث عن راحتك ، لأن سنة الامتياز مؤقتة ولا تعلم مالذي كتبه الله لك فيما بعد وفي أي مكان ستكون.
- لاتخجل من أن تقول لا أعرف ، كنت أظن تلك المقولة خاطئة ولكنها هي من أوصلتني إلى هذا المستوى من الثقة بالنفس.
- لاتخف ولا تخجل من أن تخطئ ، هي مرحلة للتعلم .
- لاتظن أن ماتدرسه في الكتب سيطبق تماما فلكل حالة استثناءات .
- ولا تحاول أن تؤثر المعلومة لنفسك فقط شاركها مع من حولك حتى وإن لم يتم التطرق لمعلومة ما ابحث واسأل ولا تتردد.
- وحتى إن لم تكن تحب جزء من تخصصك لاتحاول تجنبه ، فالتطبيق العملي يختلف عن المعرفة العلمية.
- وحاول قدر المستطاع أن تنشر الطمأنينة والابتسامه ، كن خفيف ظل ومازح مرضاك ، لاتعلم ربما لحظة ترسم فيها ابتسامة على مريض تبدد خوفه وتنسيه مشاكله وسيأتي من يرسم الابتسامة على وجهك ايضا.
هذا باختصار ما توصلت إليه وربما هناك الكثير لم أتطرق إليه تجنبا للإطالة .
مازلت أحمل مكانة لسنة الامتياز في قلبي بالرغم من المواقف المختلفة التي واجهتها وبالرغم من التعب الذي كان يتوج أيامي.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات