"Into the wild": فيلم صدر عام 2007 عن كتاب يحمل الاسم نفسه,ومستوحى من قصة حقيقية للشاب كريستوفر ماكندليس.

شاهدتُ منذ مدَّة ليست بقليلة فيلماً يحمل اسم "Into the wild" أو"إلى البريَّة" ,والفكرة التي ظلَّت تلحُّ عليَّ طوال مدَّة الفيلم الممتدة على أزيدَ من ساعتين ,هي في كم أنَّ محتوى الفيلم صحيح و يمس قلبي لكنَّهُ بعيدٌ عن أن يتحقق ,لأفاجىء بعد آخر مشهدٍ في الفيلم بظهور عبارةٍ تُشير إلى أنَّ هذا الفيلم مقدَّمٌ لروح الشاب";كريستوفر ماكندليس" ومستوحًى من قصة حياته,وهو ما شكّل لي صدمة مبهجة في تلك اللحظة على الرغم من النهاية المأساويّة للفيلم,إلا أن فكرة أنَّ هذا التمرد كان حقيقياً كانت أمراً يستحق أن أقف عنده وأفكِّر فيه.



في عام 1968 وبعد مرور اثني عشر يوماً من شهر شباط ولد كريستوفر ماكندليس لأسرةٌ تعدُّ من الأسر الثرية حينها ,لكن التي يغلب عليها التفكُّك ,وقد أتمَّ دراسته الجامعية بناءً على رغبة والديه لكنّهُ كان دائماً يحمل في داخله تفكيراً تحرريَّا ثائراً على القوانين و على متطلبات الحياة المدنية الحديثة من التعليم و العمل و الالتزام ,كان بريَّاً بطبعه وحاملاً لروح حرَّة,لذا قرَّر بعد إنهاء دراسته الجامعية أن يترك الحياة المدنية وراء ظهره و يمضي للطبيعة في رحلة كان مقصدها "ألاسكا".


يترك كريستوفر كل شيء وراءه بادئاً باسمه حيث يطلق على نفسه اسم"ألكسندر الرحالة الخارق",ويتخلَّص بعدها من أوراقه الثبوتيَّة وأمواله,ويبدأ رحلته في البحث عن الذات.

كريستوفر كما ستشاهدونه في الفيلم كان باحثاً عن الساعدة في المقام الأوَّل وساعياً لفهمها ,فالحياة التي كان يحياها لم تكسبه مفهوماً واضحاً للسعادة و كلَّ الشذرات التي كان يتذكرها كانت شذراتٍ تعيسة رغم ظاهرها المختلف,اكتشافه لحقيقة العلاقة بين والديه وهشاشة ارتباطهما,ثمَّ اصطدامه بالواقع الرأسماليِّ والحياة الماديَّة,دفعاه للبحث عن السعادة في أماكن أخرى غير التي كان يألفها ,أو بتعبيرٍ آخر البحثُ عن السعادة في العودةِ إلى الجذور ,إلى الحياة البدائيَّة,حيثُ الأرض هي كلُّ شيء.وحيثُ الناسُ جميعاً متساوون ومتشابهون وراضون لأنهم يمتلكون أنفسهم.


هل وجد أليكس الرحالة الخارق السعادة أخيراً؟

كانت كلمات أليكساندر الأخيرة التي تركت إلى جانب جثته تقول إن الساعدة تصبح شيئاً حقيقيّاً حين نتشاركها.


عاش كريستوفر أو أليكساندر الرحالة الخارق حياةً قصيرة لكن كثيفة ,حياةً اختار مسارها بنفسه بحثاً عن نفسه و رغبةً في أن يكون الإنسان الأوَّل الحرَّ من كل القيود مجدداً ,أربعةٌ و عشرون عاماً قضاها كريستوفر في هذه الحياة,لكنَّها تركت لنا أثراً سنظلُّ نتذكره سنواتٌ كثيرة,وسيظلُّ يلهمنا بأنَّ الحياة أشدُّ اتّساعاً و بساطة من كلِّ ما خلقناه فيها و وضعناه لها من حدود و قواعد.


هذا الفيلم ملهم بحق,ربَّما سنشعر جميعاً برغبة في العودة إلى البرية و التحرر من المجتمع و الرأسمالية و القوانين المادية والرفاهيات بعد مشاهدته ,لكننا لن ننسى أن السعادة تحتاج إلى من نشاركها معه,لذا اختاروا رفيقاً لطيفاً تشاهدون معه الفيلم ثم تخططون معاً للمضي في رحلتكم.


صفاء حميد

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات صفاء حميد

تدوينات ذات صلة