جددت حبك ليه,بعد الفؤاد ما ارتاح,حرام عليك خليه,غافل عن اللي راح.
يقولُ الشاعر اليمنيُّ عبدالواسع السقاف:
لا تغضَبي مني ألَستُ فتاكِ
أهواكِ يا قَدري ولا أَهواكِ
لا تحسَبي أني عشِقتك طائعاً
قَدرٌ لعَمرُكِ زارني ونسيكِ
قد كنتُ أحيا خالياً مُتَحفِّظاً
واليومَ شُغلي في الحياةِ رضاكِ
ماذا صَنعتِ بهامَةٍ لم تنحني
فحَنيتها وكَسَرتها بِحلاكِ
حتى إذا ما صِرتُ خَلفكِ حالماً
أيقظتني من غَفلتي بقساكِ
وتركتني خلفَ الرَّجاء مُذبذَباً
أتحَيَّنُ الالفاظَ عِندَ لِقاكِ.
لوعة المحبِّ حين لا يبادله المحبوب الحبّ, وحاله مع الصدِّ و الهجر , قد كان صورتها الأمثل في نظري هو الشاعر المصريَّ أحمد رامي الذي كتب كثيراً من أغنيات أم كلثوم.
فحين تعتلي كوكب الشرق المسرح وتبدأ بالغناء, ستغدو في لحظةٍ عاشقاً ولهاناً أو محباً مجروحاً وإن تكن في الحالتين بدون حبيب, ولا أنكر أنَّ الصوت القادم من عمق حنجرةٍ مصريَّةٍ لا تقارن بالذهب, يأسرُ القلب ويمضي بالروح إلى علياءِ السمو و الرغبة و يعلِّم الحواس كيف تبتهل صلواتٍ وتختلق حكايات , وتستدعي منك جملةً طالما سمعتها من غيرك, دون أن تشعر بها حتى إذا أنصتَّ للست وجدت نفسك تنطقها دون وعي منك : "عظمة على عظمة يا ست".
لكنَّك في منتصف إحدى الأغنيات لا بدَّ وسألت نفسك ,كيف فهم الشاعر كلَّ هذا عن الحبّْ كيف سكب اللوعة في قالب الكلمات, وصنع من العشق قصوراً منحك مفاتيحها على مدار ساعة أو يزيد , وجعلك منك عاشقاً أو جعل منك ضحية حبْ.
وهنا سترى سحراً آخر وقف خلف كثير من أغنياتِ الستّْ, سحراً ينتمي لساحرٍ نعرِفه اسماً ورسماً ويجهلُّ كثيرٌ منَّا سرَّ سحره.
حيّرت قلبي معاك وأنا بداري وبخبي
قلّي أعمل ايه ويَّاك ولا أعمل ايه ويَّا قلبي
يكتب أحمد رامي , وتغنّي الستْ.
يا ظالمني يا هاجرني وقلبي من رضاك محروم
تلوعني وتكويني تحيرني وتضنيني
ولما أشكي تخاصمني وتغضب لما أقولك يوم
يا ظالمني
يكتب أحمد رامي أيضاً وتغنّي الست, وفي كلّ كلمة من الكلمات ,ينساب سحرٌ صادقٌ مملوءٌ بالعشق , وفي كلِّ أغنيةٌ يقدِّمها أحمد للست, تتجلَّى روحه أكثر, روح العاشق الذي أغرمَ بالستِّ حدَّ التقديس, والذي كتب الأغنياتِ كلِّها فيها قبل أن يكتبها لها.
قلبٌ لوَّعه حبٌّ من طرفٍ واحد, فأخرج أرقَّ وأعذب ما فيه, من صدود الستِّ صنع أحمد رامي "يا ظالمني", ومن رغبةٍ ملحَّةٍ في البوح يعاندها رفضٌ من طرف المحبوب صنع "حيّرت قلبي معاك".
وبينهما صنع أكثر من مئةٍ وعشر أغانٍ تفرَّدت و تسامت وصنعت لنا منها الستُّ ملاحم.
ولمَّا قرر أحمد أن يترك هذا الحبَّ الذي أثقل كاهله, ومضى في حياته بعيداً عنه ,هاتفته الستُّ قائلة: يا أحمد ,أريد كلاماً أغنيه.
فصنع أحمد جددت حبك ليه , بعدما أحيا صوت الصوتِّ فيه كلّ ما اعتقد أنَّه قد مات.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات