الكثير من الهراء المغلف بالعسل الذي يُباع لنا يوميا عبر وسائل التواصل الاجتماعي
هناك الكثير من الهراء المغلف بالعسل الذي يُباع لنا يوميا عبر وسائل التواصل الاجتماعي خاصة
سمٌ مغلف بكلمات لطيفة ونصائح من المفترض أنها مهمة لتطوير الوعي والصحة النفسية، وغالبا تأثيرها عكسي تماما، على الواقع المهني، العلاقات وخاصة العاطفية.
في عصرنا الحالي هناك انتشار واسع لكتب التنمية البشرية وما يتم تسميتهم بمدربين الحياة life coach والمختصين في "علم الطاقة" وغيرها من المعارف التي تبدو من الخارج هدفها أن يأتي أحدهم ليعلمك كيف عليك أن تشعر وتعيش،
شخص يدعي انه أكثر خبرة منك في قدرته على ترتيب حياتك وإمدادك بالنصائح الإيجابية والنصائح غير الواقعية، يدعي أنه قادر على مساعدتك لتصبح حياتك مثالية ويساندك في تطوير واقعك ونفسيتك، دون علمه بتفاصيل طفولتك وتاريخك وحياتك ومعناتك وسعادتك الحقيقية.
طبعا من المهم جدا نشر الوعي أكثر حول العلاقات، استحقاق الذات، الثقة بالنفس، مساعدة الأشخاص في الخروج من الاكتئاب، تحسين العلاقات بالنفس والأفراد من أصدقاء وغرباء.
نشر الوعي حول تحسين الواقع والنفس بشكل عام جميل، ويؤدي حتما للتطور والانتقال لواقع واحتمال أفضل، لكن هل ما يروج له من "معرفة بالتنمية البشرية وما يسمى علم الطاقة ونصائح مدربين الحياة" تأثيره واقعي وحقيقي أم لحظي وسطحي؟
كلامي ليس إساءة "لمعرفة" أو "مجال" أو "أشخاص"،
لكن .. كثرة الهراء وكثرة مدعيين الاختصاص والمعرفة بات مزعجا جدا بالنسبة لي.
أحيانا من المهم أن يساندك أحدهم بكلمات إيجابية، أن يستمع لك أحدهم، محاولا إلهامك بحل جذري لحياتك، أن يريك النور بدلا من الظلام، لكن ما يحدث اليوم هو كالتالي،
ترويج لكلام لا يُناسب الواقع والحياة العملية وتحدياتها في كثير من الأحيان، نصائح لا تتماشى مع معطيات وظروف أغلب الناس.
هؤلاء من يدعون أنهم قادرين على شفاء الناس ليسوا قادرين على شفاء أنفسهم في كثير من الأحيان.. ويقتاتون على مشاكل الناس النفسية ويأسهم وروتين حياتهم المدمر، وحاجتهم لسماع ما يريدون سماعه من نصائح وكلام لو كان تاثيره مؤقت.
أفكارهم ما هي إلا السلعة التي يبنون من خلالها مستقبلهم الخاص، يمدوك بوهم الشفاء وببعض الإرشادات التي من الممكن ان تدمر حياتك، مقابل جنيهم لمال أكثر، وحياة أفضل.
أنت تجلس في منزلك يائس تستمتع لنصائح غير عملية وليست قادرة حرفيا على الارتقاء بحياتك، وهم يسعدون بتكريماتهم ونجاحهم المبني على ألمك ويأسك.
ومع عدم قدرتنا على ضبط مصادر المعرفة، وبسبب تراكم المعرفة واللبس بين العلم الزائف والصادق،
عليك أن تعي أنت أكثر من يعرف نفسك وحيثيات حياتك وظروفك، قدراتك واحتياجاتك.
أنت وحدك من تستطيع تحديد ما القرار المناسب لك، أو اترك الأيام تحدد لك المناسب إن كنت تائها ضائعا، عليك أن تقرر مصيرك لوحدك، أن تعرف سقف قدرة تحملك واحتياجاتك، ان تتعلم من ظروفك وحياتك وتجاربك أنت وحدك.. لان قوتك تكمن أن لا أحد مثلك، ولا أحد في مكانك، ولا أحد قادر على أن يرتدي مشاعرك ونفسيتك ونفسك.
لا أحد قادر على أن يكون قائد لحياتك أفضل منك.
وإن احتجت المساعدة، أطلبها من عائلتك .. شخص مقرب تثق به ، وإن احتجت أطلبها من طبيب مختص، حتى من مرشد روحي أهل ثقة، لكن لا تُخدع ببعض المدعين الذين قد يعبثون في حياتك أكثر ويستنزفوك ماديا أكثر.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات