لنحسن استخدام عقولنا في الأشياء الصحيحة و لنتفكر في أصلنا قبل إنشغالنا بما نحب و نرتاح في فعله .

الوعي ، المعرفة ، التفكير ، التخيل ، التمييز ، الحكم ،... قِوَى إدراكية اِجْتُمِعَتْ في ما نسميه عقل ، مَلَكَة فكرية إدراكية لدى كل منا ، ومن دونها لا نستطيع متابعة حياتنا بالطريقة الصحيحة ولا أن نتخذ القرارات السليمة ، مَلَكَة مسؤولة عن معالجة مشاعرنا و انفعالاتنا ، تمكننا من إدراك سبب وجودنا والغاية منه ، تمكننا من ابتكار و إبداع مختلف الوسائل التي تؤدي إلى عمارة الأرض ، تمكننا من تحليل القضايا و الأمور بطريقة منطقية لكي تصبح ذات معنى ، تمكننا من تأمل و ملاحظة ما يحيطنا ، تمكننا من ربط الأشياء بأصلها ومن تم التعرف عليها ، تمكننا من النظر لأنفسنا من مختلف الزوايا ، تمكننا من فهم العالم و فهم ما يدور حولنا ،...


مَلَكَة خصصت للإنسان فقط ، ولما الإنسان بالضبط ؟ سؤال لك يا من لازلت لم تفكر قط في هويتك الأصلية ، يا من لازلت تتهرب من حقيقتك و تبحث عن الراحة النفسية ،... أخبرني ما الحياة في نظرك ؟ أ هي أن تعيش بما يروق لك ؟ و هل حقا استطعت أن تعرف ما يروق لك ؟ هل الحياة أن تضحك من كل قلبك ، وهل استطعت أن تعرف ما يضحكك بصدق ؟ هل الحياة أن تكون مع من تحب ؟ و هل تعرف من تحب حقا ؟ هل الحياة أن تكَوِّن صداقات كثيرة ؟ و هل تعرف معنى الصداقة ؟ هل الحياة أن تكون محبوبا لدى الجميع ؟ و هل حقا أنت محبوب لدى الفئة الصحيحة ؟ هل الحياة أن تنجح و تحقق ما تريد ؟ وهل تعرف بما يرتبط النجاح الصحيح و الوصول إلى القمة ؟ ... أسئلة كثيرة لن تنتهي أبدا ، و أجوبتها تختلف من شخص لآخر ، لأن الجواب سيكون حسب استثمار تلك الملكة ، فقد كنا سنتفق لو أننا جميعا نحسن إستثمارها ...

مَلَكَة صنعت الفرق بين الإنسان وبين مختلف الكائنات الأخرى ، كرمته و ترفعت به إلى درجة الخلافة ، هاته الأخيرة التي وجبت عليه الإستقامة في الحياة الدنيا لأنه مسؤول عن استقامتها بأفعاله ، وجبت عليه العلم بكل ما يجهله ، وجبت عليه السؤال و الإستكشاف ، وجبت عليه الصلاح و الإصلاح ، وجبت عليه التشبت بالعقيدة التي هي الأصل و التحقق من كل ما يأتي بإسم العقيدة ، وجبت عليه الإستشارة من الخبراء وهذا من بعد التحقق من خبرتهم ، وجبت عليه البحث الذي يزيد من علمه ،... و في نفس الوقت نهته عن الخمول و مؤالفة الكسل لما في ذلك من ضرر لها و لمالكها ، نهته عن التقليد و الإتباع ، نهته عن الإكتفاء بما لديه و عدم السعي إلى المعرفة ، نهته عن كل ما لم يجتهد فيه ولم يبذل فيه أي شكل من أشكال الجهد ...

العقل ملكة فكرية إدراكية ، ملكنا لها لم يكن عبثا ، فله أبعاد عديدة ، لن ندركها حتى نسعى لإدراكها ، ناهيك عن الحوار والنقاشات ، ناهيك عن إعطاء الجواب الصحيح داخل الفصل ، ناهيك عن إيجاد الحلول وقت الشدة بين الأصدقاء ، ناهيك عن حل معادلة استعصى أمرها عن الزملاء ، ناهيك عن كتابة نص دون أخطاء إملائية ، ناهيك عن فهم الدرس جيدا ، ناهيك عن تناسق اللباس و الألوان ، ناهيك عن الإبداع في الرسم أو الكتابة ، ناهيك عن التفوق في الدراسة ، ناهيك عن إعطاء تفسير منطقي لظاهرة في مجال علمي معين ، ناهيك عن ترتيب الجمل بشكل صحيح ، ناهيك عن القراءة دون ارتكاب أي خطأ ، ناهيك عن أي شيء ثانوي منبثق من حقيقة لم يسلط عليها الضوء حتى الآن ،...

المسألة هي أنه علينا أن نستخدم عقولنا في الرجوع إلى الأصل ، يجب أن نستخدمها في حقيقتها و أصلها ، أولسنا نحب الحقائق و ننفر الكذب ؟ هكذا نقول جميعا ، فكيف لنا أن نتجاهل الحقيقة العظمى التي تشملنا و تشمل جل ما في الكون ؟ الحقيقة التي تصفنا و تصف وجودنا ، الحقيقة التي لا مهرب منها إلا إليها ، الحقيقة التي شئنا أم أبينا فهي الأصل ، الحقيقة التي بُرْمِجَتْ عليها كل العقول ، حقيقة ربانية نشأنا عليها بالفطرة ، فكيف تحاول الهروب من الفطرة ، كل ما يدور بنا و نعطيه أهمية كبرى هو فقط فرع من فروعها ، الحقيقة هي الأصل ، فمتى نعود إلى الأصل بأنفسنا لا حتى تأخذنا إليه الموت ، حينها لن نجد عذرا ، فعقولنا التي وُهِبْنَا إياها لم نتفكر بها ، بل رضينا بما لن ينفعنا ... ، قبل فوات الأوان حاول إيجاد أخطائك ، دع في عقلك أنه في هذه الحياة هناك من يصارعك كي لا تعود إلى أصلك هناك من عصى من قبلك فأُنْزِلَ إلى الأرض هدفه أنت ، ليفتنك ويشغل عقلك الذي هو أقوى أداة لتتفكر بها بالمعاصي والفتن ، فلا تدع أعظم ما في الكون ، تلك القوة العظمى التي تحبك بدون مقابل و تتلذذ بالأشياء الآنية ، فقد وُعِدْتَ بخلود ما بعد هذه الدنيا ، فكيف سيكون هذا الخلد ؟ إما جنة إما عذاب، لك الإختيار ...

المعذرة ! إن لم تتحرك فيك ذرة شك في نفسك حين قراءتك لكلماتي هاته ، فلا تنسى فقط أنك في زمن ما مضى قد قرأت مقالة كان عنوانها " لنوقظ ذاك العقل " من ريا 💛


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

😍 شكرا لك

إقرأ المزيد من تدوينات كلمات ريا - Ria's words

تدوينات ذات صلة