مقال أدبي يتعرض لظاهرة اجتماعية وهي القلق وطرق التعامل معها لنعيش حاضر هادئ ومثمر في نفس الوقت
فن القلق بقلم / عـلا خضير
القلق فن نجيده جميعا بل وأري أننا كشعوب عربية مبدعون فيه فيما عدا القلة القليلة التي لا تهتم ولا تبالي .
في رأيي أنه إلي حد كبير يتحدد مقياس سلام العقل بمدي قدرة الشخص علي العيش في الحاضر بغض النظر عما حدث أمس وما قد يحدث أو لا يحدث غدا فان اللحظة الحاضرة هي حيث تكون أنت الآن .
ويعتبر بعض الباحثين أن القلق عنصر إيجابي كحافز وباعث للنجاح والتقدم فطبيعي أن تشعر بالقلق عندما تنتقل إلي مدرسة جديدة أو عمل جديد أو علاقة جديدة ولكنه يصبح سلبيا عندما يتحول إلي هلع أو فزع من أشياء طبيعية تحدث لك ولغيرك بينما تعتبرها أنت نهاية العالم .
من الصعب أن نعيش دون قلق وسط كل المتغيرات والمستجدات الكثيرة والسريعة التي تحدث حولنا ولكن كلمة السر هي " عش حاضرك " نعم دع ماضيك خلفك واجعل مستقبلك أمامك واعمل لحاضرك .
بعض الأشخاص يبقون أسري للماضي فلا يعيشون حاضرهم الذي من الجائز أن يكون أفضل من ماضيهم إلا أنهم يحنون للماضي ويترحمون علي أيامه علي قناعة بأنه كان دائما الأفضل والأجمل والأحسن والأرخص وكل أفعال التفضيل التي نعرفها أو لا نعرفها .من منا لا يحن للماضي فنحن جميعا نحب أن نعيش حالة النوستالجيا Nostalgia وهي حالة جميلة أن تترك حاضرك بكل مشاكله وهمومه وتحلق كالفراشة في الماضي الجميل بتفاصيله التي تريد فقط أن تتذكرها فتبدأ في استدعائها ... الطفولة البريئة بين تدليل والديك ، شبابك وماصاحبه من مغامرات مضحكة أحيانا ومتهورة في أحيان كثيرة ، أبناءك ، نجاحاتك التي حققتها في حياتك العلمية والعملية والاجتماعية ، رحلاتك ، عملك ، عائلتك ....أنت تخدع نفسك ... ماضيك ليس كله جميلا فأنت لا تستدعي الاخفاقات والانكسارات والطموحات التي لم تحققها ... لا تستدعي ذكريات المرض والخوف والحزن و...... أشياء كثيرة أخري .فالماضي ليس كله جميلا فلماذ تعيش فيه ؟ !! وتصر علي استدعائه في حاضرك .
أرجوك إبق في حاضرك ... اعمل من أجله .. لاتدع مشاكل الماضي وهموم المستقبل تسيطر علي حاضرك إلي الحد الذي يجعل الأمر ينتهي بك وأنت قلق ومحبط ومكتئب وبلا أمل .لماذا نؤجل رضانا وسعادتنا بما لدينا من نعم يمن الله بها علينا كالصحة والستر والمال والأبناء وغيرها لا يعد ولا يحصي ونقنع أنفسنا دائما أن يوما ما سيكون أفضل من اليوم لدرجة أن يوما ما هذا يمكن أن ننتظره إلي أن ينتهي العمر ولا يجيئ .
فبينما ننشغل بالتخطيط لأشياء أخري نعتقد أنها مهمة يكبر أطفالنا ويتركونا ... ويبتعد عنا من نحبهم وكنا نؤجل وجودنا بجانبهم بحجة انشغالنا فيخطفهم الموت . تتحول أجسادنا دون أن نشعر إلي الشيخوخة وتذهب الصحة باختصار إننا نفقد الحياة التي من المفروض أن نحياها من أجل مستقبل في علم الغيب .
في الحقيقة لا أحد يضمن أنه سيكون هنا غدا . فاللحظة الحاضرة هي فقط الوقت الذي نملكه ولدينا القدرة علي التحكم فيه .لا تقلق وركز في الحاضر فقط .لا تقلق واترك مستقبلك بيد الله وارضي بما قسمه الله لك في حاضرك فالرضا هو سر الحياة وسر السعادة التي نبحث عنها جميعا .
وتحضرني العبارة الرائعة للإمام ابن القيّم رحمه الله : "الرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، ومستراح العابدين، وقرة عيون المشتاقين، ومن ملأ قلبه من الرضا بالقدر؛ ملأ الله صدره غنىً وأمناً، وفرَّغ قلبه لمحبته، والإنابة إليه، والتوكل عليه، ومن فاته حظُّه من الرضا امتلأ قلبه بضدِ ذلك، واشتغل عما فيه سعادته وفلاحه". اللهم ارضنا وارضي عنا يارب .
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
كلام جميل جداً، بالفعل لماذا القلق وكل مايخفى علينا ونجهله بيد المولى عز وجل🙏🏽❤️
صدقتِ في كل كلمة👏🏼👏🏼👏🏼