مبادرة طلاب علم النفس في مكافحة الأثر النفسي السلبي لأزمة انتشار وباء كورونا


لطالما تحدث الفلاسفة عن علاقة النفس بالجسد، وهناك دراسات نفسية كثيرة تجمع بين الأسباب النفسية والعضوية للأمراض التي يسمونها سايكوسوماتية، لذلك كان لا بد من وقفة عند المتابعة النفسية ودورها في مواجهة ما يسببه فايروس كورونا من أزمات نفسية يعبر عنها الناس بالهلع والخوف ومظاهر القلق والوساوس المرضية.


مبادرات إنسانية في الجامعة اللبنانية

ولا بد أن نذكر هنا طلاب الجامعة اللبنانية الذين تطوعوا في مبادرات تدعمها كلية الصحة وكلية الهندسة للمساهمة في مكافحة المرض كما ورد في نشرات الأخبار والصحافة اللبنانية، وكذلك نريد أن نضيء على مبادرة طلاب قسم علم النفس في الجامعة اللبنانية للدعم النفسي الاجتماعي للمصابين بالفايروس وأهاليهم ولعموم المتأثرين نفسيا بالأزمة الصحية.


أطلق حسين حمية (اختصاصي نفسي) حملته بالتنسيق مع قسم علم النفس وعمادة كلية الآداب والعلوم الانسانية، فانضم إليه ما يقارب 300 من طلاب علم النفس والاختصاصيين والمعالجين النفسيين من جميع المناطق اللبنانية، وكان الهدف تقديم الدعم النفسي للحد من القلق والأثر النفسي السلبي للأزمة الصحية بالتعاون مع الرسمية في وزارة الصحة.


وقد أيد هذه المبادرة ودعمها عدد كبير من أساتذة الجامعة اللبنانية، وأشاروا إلى ضرورة اتباع الخطوات التالية في المرحلة الأولى:

· القيام بحملة الإرشاد والتوعية عن طريق تعميم إرشادات وزارة الصحة اللبنانية ومنظمة الصحة العالمية.

· التأكيد على ضرورة الاستعانة بوسائل التواصل الالكترونية وعدم حصول لقاءات مباشرة.

· تشكيل لجان من الأساتذة المتخصصين لدراسة سبل تقديم المساعدة النفسية في هذه الظروف.


وهنا تقول دنا الخياط الصبوري (معالجة نفسية ومشاركة بالحملة) أن علم النفس لطالما كان هدفه إنسانيا بامتياز، فأتت هذه المبادرة من أشخاص مسؤولين ومهتمين بصحة الإنسان ككل، ليقدموا وسائل عديدة لتفريغ الشحنات السلبية والاسترخاء للحد من موجات الخوف التي طالت شريحة كبيرة من اللبنانيين، وبالتالي فالعملية الوقائية والإرشادية تساهم بالسلامة العامة على المستوى النفسي والصحي.


نشاطات الحجر الصحي

ومع التزام معظم الناس بالحجر الصحي تكاثرت الفيديوات والنكات عبر وسائل التواصل لتثير موضوع الملل والضجر والقلق حول الأزمة، لذلك سألنا د. أنطوان الشرتوني (أستاذ علم النفس في الجامعة اللبنانية) عن النشاطات التي يمكن الاستفادة منها لمعالجة هذه المشكلة خلال الحجر الصحي، فأرشد الأهالي بما يلي:


"من واجبات الوالدين القيام بنشاطات مفيدة ومسلية للأطفال في البيت أثناء الحجر الصحي، وذلك وفق برنامج معد بالتعاون بين الوالدين وتكون فقراتها مطابقة للشروط التالية:

· مفيدة ومسلية ومفرحة.

· تريح الطفل ولا تتعب الأهل.

· لا تشدد فيها بالانضباط بل يسمح بالحركة والصراخ".

وأضاف د. الشرتوني: "من أنواع النشاطات التي يمكن التخطيط لها:

· نشاطات رياضية حركات بسيطة ويمكن الاستفادة من التلفزيون والموسيقى.

· نشاطات فنية كالرسم والتمثيل والأشغال اليدوية.

· نشاطات هادئة مثل مشاهدة الأفلام والحديث عنها وسرد قصة قبل النوم.

· نشاطات النظافة والترتيب شرط عدم المبالغة حتى لا يصاب الأطفال بوسواس النظافة.

· نشاطات المطبخ وإعداد الطعام والحلويات للصبيان والبنات على السواء".

أما بالنسبة للمراهقين يقول د. الشرتوني: "من المهم القيام بجلسات حوارية بين الأهل وأولادهم بسن المراهقة، لا سيما الأم مع ابنتها والأب مع ابنه، ويمكن أن تكون على شكل إعادة تعرف على ذات المراهق وما يحب وما يكره من دون إصدار أحكام أو توجيهات مباشرة".


الأزمات ومعنى للحياة

إن كان للأزمات إيجابيات وفوائد فمنها إمكان المقارنة بين المرض والصحة، والبحث عن معنى للحياة ودافع للتعافي والنضال ضد المرض وفراق الأحبة والمعاناة التي تنتج عنها الأمراض والأوبئة. كما إن تخطي الأزمة فرصة للتقدم بالحياة بوجه جديد وبداية جديدة، بعد محاسبة الذات ومراجعتها وتصحيح أسلوب العيش، وتحسين مستوى الوعي تجاه الذات والحياة والآخرين لاسيما أسرته.


خاتمة أمل

فلنتأمل خيرا بتعاضدنا ونضالنا واتباع الإرشادات كما هي، من دون تهور أو إنكار أو تجبر على المرض، والأهم من كل ذلك فلنسامح ونملأ قلوبنا بالحب والرحمة.

مهند سراج

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مهند سراج

تدوينات ذات صلة