نحن نحتاج أن نتصل بالخالق قبل أن تصعد روحنا إليه ومعرفته تتطلب إزالة الشوائب العالقة بعقولنا وهذه الشوائب هى الدين
الله يعرف بالتجربة.. وليس بالدين
انتقلت النصوص الدينية عبر أجيال خلال آلاف السنين, وعي الإنسان ومستوى إدراكه وطريقة فهمه للدين والمسائل الروحانية مؤكد تختلف في كل مرحلة تاريخية تأثرا بعوامل عديدة مثل التطور البيئي والعمران والصناعة والزاعة والتكنولوجيا حديثا ومدى استيعابه للكون من خلال تأملاته وبحثه الدائم عن المعرفة, ومع كل شئ جديد يكتشفه حتى لو كان صغيرا, يتغير شيئا في وعيه ويعرف شيئا جديدا عن نفسه وعن الكون الذي خلق من أجله, ولأن هناك مجموعة يشتغلون بالدين, يسمونهم الناس رجال الدين, يدعون الناس بالتمسك بالدين, الدين تحديدا, وليس الإيمان, أي النصوص التي تتضمن قواعد وأحكام وتعاليم يجب على من يتبع دين ما الالتزام بها وإلا ذاق عذاب الجحيم وأنه إن اتبع مجموعة القواعد الدينية سيمكنه ذلك من دخول الجنة.
الدين - والذي هو أصله الإيمان بالله ومعرفة الخالق- بعد أن سمي دين وأصبح مجموعة أحكام تضمن بها دخول الجنة, هو عبارة عن نطاق محدود, حاجز كبير يفصل بين الإنسان والخالق, ومعرفة الخالق لا يمكن أن تختبر من خلال المحدودية لأن الخالق لا محدود وحتى نعرفه بالتجربة لابد أن نعبر الحاجز الذي وضعنا الدين خلفه..
شخصنة الخالق
أوجد الدين أناس اسماهم متدينين وهم لا يمكن أن يعرفوا الخالق, فالمتدين يشخصن الله أي يري الله شخص له قوى خارقة بالغ القوة, بالغ الذكاءو بالغ الحكمة, لكنه رحيم وحنون, إلا على من يكفر به, لكنه يسمح للناس ببعض الأخطاء لا بأس, لكن لابد أن يتوبوا حتى يصفح ويشطب أسماءهم من كشف سكان جهنم الخالدين.
الإنفصال بين الله والإنسان
بسبب الدين تراجع الإنسان روحانيا مما أحدث فجوة رهيبة بين الله والإنسان وتصل في بعض الأحيان للكراهية, البعض يظن أن خالقهم لا يحبهم وأتي لهم بالحظ السئ والمرض والفقر, وأحب البعض الآخر فأتي لهم بالحظ الوافر والمال والصحة والجمال في كل شئ في حياتهم. فقد صور الدين للإنسان أنه يبتلى بالأقدار السيئة لثلاثة أسباب الأول أنه لا يعبد الله كثيرا ولا ينهك نفسه في العبادة لذلك الله لا يعطيه شئ من خزائنه التي لا تفنى، والثاني أنه يفعل خطأ معين تسبب له في غضب الله وحرمانه من خيره, والثالث أنه يختبره بهذا الابتلاء ويشقيه ويعصره به حتى يتأكد من صدقه وإخلاصه لخالقه وأنه سيرضى بأي قدر من الله بل سيشكره على أي حال, وعندها قد يفرج الخالق كربه وينعم عليه أو قد لا يفعل فإذا اشتد البلاء فالله يحب هذا العبد المبتلي أكثر من الآخرين المنعمين ,الدين جعل الشقي أكثر قربا من الله من ذلك المنعم... محض هراء.
ولعل سبب فشل الانسان في الاتصال بخالقه هو التزامه بالدين وذلك لأن الإنسان لم يخلق حتى يوضع في قالب اسمه الدين لينفصل به عن خالقه, هذا انحراف واضح عن المسار, الدين (التعاليم والأحكام) هو قمة الانحراف عن المسار الذي أراده الخالق للإنسان.
محدودية الدين والتدين
لا ينفع الإنسان أن يوضع في قالب لأن بداخله روح أبدية غير محدودة من روح الخالق غير المحدود فكيف تريد لغير المحدود أن يوضع في قالب محدود اسمه الدين, الانسان هو صورة الله على الأرض, فكيف توضع في قالب محدود هو جزءمن الكل, لا يصح أن ينفصلا , وقام الدين بفصلهما.
آدم لم يحتاج لدين
كيف عاش آدم, هل كان لديه دين؟ أم عرف الله وكفى؟ هل نحن أفضل من آدم لأن الله أنزل علينا دينا؟ لا أظن أبدا أننا أفضل من أول إنسان خلق, هذا هو أول بشري صنعه الله, كأول طفل تنجبه...آدم يتميز عنا كثيرا باتصاله بالخالق, لأن حينها لم يوجد شيئا مثل الدين ليفصله.
المصير المجهول واستخدام الدين للسيطرة على العقول
أرى أنه تدريجيا عندما أراد البعض أن يسيطروا على البشر استغلوا شعورهم بعدم الآمان والخوف من المجهول بعد الموت فاستبدلوا المجهول بالدين, فارتاح الناس من الغموض الذي أخافهم فيما يخص مصيرهم الأبدي, فقدسوا هؤلاء الأشخاص وقدسوا ما يقولونه إلى حد بعيد لدرجة أن الدين أصبح هو البطاقة التي ستدخل بها من بوابة الجنة .أما الإنسان المتدين الذي معه البطاقة يشعر بالتميز مقارنة بالآخر الذي ليس معه بطاقة, ويتنفس الصعداء لأن هناك من حباه بهذه البطاقة, بل قد ينسى الله ويمتن لرجال الدين على أنهم أصحاب الفضل في حصوله على البطاقة الذهبية, انفصال تام, وخضوع بائس لبشر لا حول لهم ولا قوة.
إن الخضوع لرجال الدين وتقديس اختراعاتهم الذين يسمونها دينا يجعل الإنسان يتضائل حجمه أمامهم وأمام نفسه حتى ينكمش تماما ويختفي.. وفي ذلك عدم احترام لذاته وروحه المقدسة, باع تجربته الروحية من أجل مخاوف وهمية.
هؤلاء الذين اخترعوا الدين يعانون من سيطرة الإيجو, النقص في داخلهم خلق فيهم عطش شديد للسيطرة على الأخرين والتسلط فوق رؤسهم ورؤية الخوف والخضوع في أعينهم, حتى تتضخم ذواتهم ويشعرون بقيمة أنفسهم, قيمة مزيفة بالطبع, خاصة هؤلاء الذين يتمتعون بتخويف الناس من مصيرهم وحثهم على جلد ذواتهم.
الإيمان لا يحتاج لدين
الانسان لا يحتاج لمجموعة قواعد دينية حتى يتصل بخالقه, الله حاضرا فينا في كل لحظة في جميع أنفاسنا, كل شهيق وزفير يلتقطه الإنسان منذ ولادته وحتى مماته يحضر الله فيه, هكذا هو بهذا القرب, هو فينا, لمسته فينا, روحه فينا, فلماذا إذن نضع الدين بيننا وبينه, عندما نتدين ننفصل عنه, نحن من وضع الحاجز بأيدينا, ويمكننا إزالته بأيدينا.
الأحكام المجحفة
لا أظن أن إمرأة إذا شذبت حاجبيها عليها أن تشعر بالذنب وتنتظر العقاب, أو زوجة لم تطع زوجها في أمر ما أو رفضت معاشرته فهي ملعونة, وإذا خرجت من بيتها سافرة فهي عاصية تستحق غضب الله, وإذا خرجت متعطرة فهي في حكم الزانية وكأن العطر وكشف الشعر وتشذيب الحواجب يمنع الاتصال بالخالق, لكن إذا تعطر الرجل هذا جيد جدا وليس عليه من حرج.. ونلاحظ أن النساء لهن الحظ الأوفر من الذنوب, بل وهم أكثر أهل النار (هذا ما يقوله الدين).
لاحظ المفردات الدينية التي تشعرك بالقيود بمجرد سماعها مثل أحكام- قواعد- تعاليم- التزام تجعلك تتخيل صورة الرب وهو رافعا سبابته في الهواء تهديدا ووعيدا, والسؤال الأشهر: ما حكم الدين في كذا؟ في كل تفاصيل الحياة علينا أن نعود لمراجع دينية ونتبعها ونعرف الله من خلالها رغم أن تلك المراجع خطت بأيادي بشرية كانوا لهم فهم مختلف للدين, ووعي مختلف بفكرة الإيمان والذات الإلهية.
مصدر الحب لا يعذب
الدين جعلنا نتصور أن الخالق يستمتع بتعذيب مخلوقاته, فيخلق نارا رهيبة مستعرة, ليلقي فيها بالناس ليحترقوا, بل ومن قسوته – حاشاه- تنضج جلودهم, ويبدلها جلودا أخرى حتى يمكث في العذاب أبدا. بل والأنكد من ذلك أن النار تتكلم وتقول "هل من مزيد", حتى النار تتشفي فيمن تعذبهم, الشخصنة طالت النار كما طالت الإله, أظن أن الآيات التي تتحدث عن هذه الأشياء لها تأويل آخر غير وصف الخالق بهذه الصفات, الله رحمن رحيم وليس قاسيا.. فقد تكون النار وتبديل الجلود رموز تشير إلى العذاب الروحاني الذي سيقع على من كفر, فإن الله لا يعنيه عذاب إنسان جسديا, هو –جل جلاله- لم يكن بحاجة لأن يؤمن به هذا الإنسان أصلا.
الفطرة هي الحل
لا سبيل للإنسان للإتصال بالخالق غير الرجوع للفطرة, وهي أن ينفض يده من كل الإضافات والاختراعات البشرية عديمة الفائدة, الفطرة أن يظل الإنسان ببساطة في حالة الكينونة, ويزيل أي مخاوف يأججها عقله من مصيره ورضا الله عنه, بالطبع الله يرضى عنك, ليس هناك شك, هذا الخالق العظيم بلا حدود لا يريد منك سوى الاتصال به, كل الأعباء التي وضعها الدين, أخذت الإنسان إلى شرود وضياع لا نهاية له حتى تتباعد المسافة بين الإنسان وخالقه, فيفقد مصدر قوته وينكسر وتكن اليد العليا لمخترعي الدين. هذا من شرور أنفسهم.
علينا أن نفرق بين الدين والإيمان سئمنا من الانفصال.. علينا أن نزيل الحواجز بيننا وبين الله بعد أن تذوقنا مرارة الإنفصال عنه..
بدون أحكام دينية
أنا أعشق خالقي حد البكاء, عندما أتصل به أبكي من تأثري , طاقة الحب في قلبي تفيض, أبكي من فرط قوتها.. ولم يحدث ذلك بعد أن تفكك برنامج الدين بداخلي وتحلل .. أنا طلبت منه وعدا أن يبقيني معه متصله وقد صدق وعده.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات