مارتن لوثر وحركته الإصلاحية..أو الإصلاح الديني والبروتستانتية اللوثرية نموذج
اسس مارتن لوثر الراهب المنشق علي الكنيسة الكاثوليكية (التقليدية) كنيسته الجديدة الثورية في القرن الخامس عشر , كانت دعوة لوثر بسيطة ولهذا قبلها جميع المسيحيين ببساطة , العودة الى الانجيل (كلمة الله) والتخلى عن كل تعاليم الاباء المقدسين في الكنيسة الكاثوليكية ليعود المسيحي يرتوي من كلمة يسوع فقط ولا انسان اخر .
انه عاد فقط لوصية (لا تدعوا لكم اباً علي الارض) التي قالها يسوع لتلاميذه , وكانت وسيلته لهذا ان يترجم الانجيل الي اللغة التي يفهمها الشعب وليس الللغة اللاتينية الخاصة بالكنيسة والتى يفهمها فقط كهنة واكليروس الكنيسة , فصار الكل كهنة تماماً كما اراد يسوع في رسالته الاولي ..
كان الانجيل بعد ترجمته اساس الدعوة الاصلاحية لمارتن لوثر المسماة بالبروتستانتية او فيما بعد بالانجيلية , ومن هذا المنطلق المنطقى جداً انتشرت الدعوة البروتستانتية كالنار فى الهشيم في كل ارجاء العالم حتي انها ذهبت الى معقل المسيحية الارثوذكسية المتعصبة في الشرق وانتصرت عليها بأن تمكنت من كسب ابناء الارثوذكسية الي كنيستها وصار ابناء الجيل الجديد منهم هم حملة المشعل البروتستانتي في بلاد الشرق .
ذهب المبشرون البروتستانت وراء وصية المسيح بتبشير جميع الامم وتمكنوا من تنصير الافارقة الوثنيين والقبائل البدائية , الامر الذي لم يفعله ولم يتمكن منه الارثوذكس او الكاثوليك (اي الكنائس التقليدية القديمة)
ان ما يثير اعجابك في البروتستانت حبهم للانجيل وتمسكهم به كمصدر واحد وحيد للتعليم , ان صادفت يوماً وزرت كنيسة بروتستانتية لن تري صليباً (الا في طوائف معينة) ولا مذبحاً ولا تمثالا او ايقونة , لن ترى الا مكاناً يضعون فيه نسخ من الكتاب المقدس ومنبر خشبي للواعظ - ان وجد - لا بخوراً ولا اجساد قديسين للتبرك ولا ايماناً بالامور الغير الملموسة مثلما يؤمن الارثوذكس والكاثوليك.
ان علاقة البروتستانتي بالانجيل تبدأ منذ طفولته يعلمونه في كنائسهم ان هذا الكتاب هو فيه كل ما يحتاجه وهو ما يجب ان يحمله ويقرأه ويفهمه طوال حياته , اذكر ان كان في مدرستي وانا في المرحلة الاعدادية صبي بروتستانتي في نفس الصف الدراسي كان يأتى بأنجيله الصغير الازرق الغلاف ويقرأ فيه في وقت الراحة , لم يكن يفعل هذا باقي المسيحيين الارثوذكس بل لم ارى ارثوذكسي في طفولتي يحب قرأة الانجيل او حتي يحترم حصة الدين المسيحي في المدرسة ولا حتي الكنيسة (في الاغلب)
يذكرني امر البروتستانت بالمسلمين الملتزمين الذين ياخذون المصحف الخاص بهم ويقرأونه بينما يستقلون القطار او الباص او في اي مكان .
ان هؤلاء جميعاً احبوا كتابهم ووجدوا فيه الكتاب الوحيد الذي يحتاجونه ويحتاجون ان يتعرفوا عن كلمة الأله فيه .
بغض النظر عن رأيي الشخصي ان القرآن يحمل بلاغة وحكمة افضل من الانجيل .
لكن هل مقالى هذا عن التمسك بكتبنا المقدسة؟ صدقنى يا اخى لأجيبك عن هذا الامر فأنا من خلفية مسيحية واحب قرأة القرآن وتعاليم كونفوشيوس وحتى كتب لينين وماركس.
لكن ما هو قصدى من هذا المقال ... ان الكنيسة البروتسانتية ببساطة حطمت مقدسات تم التسليم لقرون انها اسس المسيحية ولا مسيحية غيرها , البروتستانت رفضوا كل هذه الممارسات المقدسة بالاوامر البابوية واسسوا كنيسة لا يمارس فيها الا قرأة الانجيل ومع ذلك لم يتخلوا عن ان يكونوا مسيحيين , البروتستانت بسطوا المسيحية لتكون مقبولة للناس في قرون بعيدة بعيدة عن بداية المسيحية الاولي لتكون رسالة خلاص المسيح مستمرة ومفهومة لأجيال ترفض او لنقل لا تفهم ما الجدوي من البخور واجساد الميتين وقصص (القديسين) الشبه اسطورية , البروتستانت خلعوا عن المسيحية كل ما هو ميثولوجي ووثني وجعلوا الانجيل (المنظم الى حداً ما) كتاباً هو اساس الايمان لديهم وعمود كنيستهم التى لا تحفل بالايقونات ولا المذابح والتماثيل.
الانجيليون صاروا فقط انجيليون ومن عبائتهم خرجت حركات سياسية عظيمة في تاريخ العالم الغربي علي الاخص وعن طريقهم انتقلت الحضارة الغربية الي مجاهل افريقيا.
القس الانجيلي (الذي ليس هو كاهن علي الاطلاق) لا يرتدي زي ديني بل قميص وبنطال كأى شخص عادي , هو ليس بدرويش او كاهن قبيلة , هو سيد مثقف راعياً لكنيسة الله وخادم للأنجيل (هذه المسميات البروتستانتية بالفعل للقسيس).
لقد خرجت الاناركية في البدء (حركة الحفارون) من رحم البروتستانتية , ولأن البروتستانتية حركة تحررية في الفكر المسيحي ارتعد منها كهان الارثوذكس والكاثوليك ورفضوها , واعتبروها كنيسة مهرطقة كما اعتادوا دائماً.
لماذا علينا جميعنا ان نحمل انجيلنا ؟ لاننا ان ارتكنا الى الوثنية والكهنوتية فقدنا بساطة الانجيل , الانجيل بسيط وقوى ولكن الكهنوتية والوثنية اساسهما الخرافة بكل صورها.
اننا نحتاج الي البروتستانتية في الاسلام , لكي لا يعود المسلمين فيما بعد صماً بكماً امام الحركات السلفية والاخوان وجماعات الجهاد وغير قادرين علي التلامس مع الصوفيين , اننا نحتاج الي البروتسانتية الفكرية في كل الاديان ليصبح الحق بسيط والطريق الي الله ممهد لكل من يريد ان يعرفونه ., فلا ننسي ابداً ما قاله المهاتما غاندي وسبقه لقوله مارتن لوثر ومن قبلهم جميعاً المسيح : اننا جميعاً ابناء الله..
ان هذه المقالة بذرة لفكرة التحرر في كل الاديان وسلوك الطريق البسيط المفهوم اليه , ان الدين قبل ان يكون حقيقة هو احتياج للمجتمعات والجماعات قبل الفرد , لهذا في عصر الحداثة هذا يربح القميص والبنطال امام الجلباب التقليدي , والترانيم العصرية امام الالحان الكنيسة العتيقة , والانجيل امام تقاليد اباء الكنيسة.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات