التدوين في الميزان كفعل يساهم في التعافي النفسي من الأزمات.
تجتمع الهموم وتجثم على صدورنا ليلا البعض لديه من يتحدث معه ويشاركه همومه أفراحه وأتراحه والبعض لا يملك سوي صدره ولكل صدر سعة واحتمال تماما كما حال خزان المياه يكون فارغا ثم مع الوقت يمتلئ حتى يختنق ويضيق ذرعا بما فيه.
نبحث نحن مثلما تبحث المياه المحصورة بالخزان عن مخرج وسيلة للتنفيس وبحكم الدراسة الأكاديمية تعلمت أن سلوك المياه دوما هو أن تبحث عن أضعف نقطة أو ثغرة لتنفذ من خلالها وكذلك الإنسان حينما تحاصره المخاوف والهموم والقلق والشكوك ينفجر مرات غضبا ومرات أخري بكاء وذلك ربما يكون لأتفه الأسباب.
ومع مرور الوقت يطور كل منا نظاما نفسيا دفاعيا خاصا به للتفريغ تفريغ تلك الشحنة أو لنقل الحمولة الزائدة الثقيلة على النفس من الهموم والأحزان والإحباطات والأوجاع.
البعض يجد صديقا مخلصا أو حبيبا مؤنسا أو يقرر أن يصنع له صديقا أخر من غير جنس البشر كالسيجارة أو الكأس أو غيرها من وسائل التنفيس الفاسدة المفسدة فاسدة في ذاتها مفسدة لأنها متعدية الضرر فهي ضرر ولا تكتفي بذلك فحسب بل تجلب أضرارا أخري وبالطبع لا يوجد وسيلة أفضل من تخير من ترتاح لرأيه وتثق بمشورته وتشعر بأنك تستطع أن تتعري أمامه ولو جزئيا لتخرج له ما بصدرك من هموم ويكن ناصحا أمينا وباحثا معك عن حلول.
في بعض الأوقات لسبب أو لأخر يكن الأمر مستعصيا ولا تجد صديقا مخلصا ولا حبيبا مؤنسا فلا يوجد إلا ورقة وقلم وهم من أعظم الأدوات لو تعلم لتفريغ كل ما يكمن في دواخل النفس الإنسانية من مشاعر وبمجرد أن تشرع في الكتابة لن تتوقف أبدا للتدوين مفعولا كالسحر في الاستشفاء وهو أفضل وسيلة للتفريغ.
إن للكلمة قوة بالغة الكلمات حقا أقوي من صاحبها بكثير وأقوي حتى من الرصاص بل وأطول عمرا منا جميعا كتابا أو قراء على الأغلب يموت الكاتب الجيد قبل أن تموت كلماته أنصحكم جميعا بالتدوين كوسيلة للتعافي لا تكتب الكلمات لتقرأ لا تكن مصطنعا بل أكتب ودون لتخرج ما بداخلك لتسمع الأخرين صوت قلبك وما يحتويه عقلك من فكر.
صدقني ستشعر براحة لحظية فورية من مجرد كتابة ما يضيق به صدرك على الورق سوف تتخلص من النصيب الأكبر من الحمل وسوف تحصل كلماتك على ميزة أن تحي وتنبض على الورق تنبض حية بما تشعر وبما تحس وربما تلامس أعين قارئ أخر يتألم مثلك ويشاركك همك فيشعر بما تشعر وتكون ها هنا اكتسبت صديقا أخر وما أجمل الصداقة بين الكاتب وقراءه.
التعليقات