خبرة تطوعية مختلفة في التدريس , الاولى لمحو الأمية , الثانية عن بعد مع متلازمة داون .

أعطيتهم، فزادوني!

مع القليل من العلم، كثيرٌ من المحبة. متعة الدراسة الجامعية تكمن في الرحلة الغنية بالمحاولات والتجارب، الأخطاء والعِبَر، العثرات والنهوض ،والعديد العديد من المعارف والخبرات.في كل مرة كانت ترنو الأعيُن نحو مرحلة الجامعة كانت التساؤلات البريئة تنتظر الإجابة من أيام المدرسة، قمة المعرفة آنذاك كانت تقتصر على الحدود الدنيا للمعدلات والقبولات الجامعية ،لم ننتظر من دراسة المرحلة الثانوية سوى مجموع مؤهِّل لدخول كليات عليا للفروع الأكاديمية المختلفة، لم يترائى لتلك العيون المتمسّكة بالقادم - أو لم يكن متاح لها - ما ينتظرها من فرص و ربما صدف قد تفتح أمامها آفاق غير مألوفة لمخيّلتها، تصنع بدورها وتساهم في الوصول لأفضل نسخة من المرء عينه بعد أقرب الأوقات أو أبعدها .

ليست فرصة طموح أو مسؤولية أو حتى لقب فحسب، بل فرصة أن تنمو بحُب، أن تعطي فتُزاد، أن تمنح فيكثُر ما لديك، عن التعليم تدريس الحالات الخاصة و المبادرة العفوية أتحدّث.

طالبة هندسة الحاسوب ،و كغالبية خرّيجي الثانوية العامة ربما، لم تكن رؤيتي لمساق دراستي الجامعية القادمة واضحة المعالم، على العكس كانت اهتماماتي مهنية أو أكاديمية مختلفة عما أنا حقيقةً عليه اليوم، إلّا بروح التطوّع التي تلازمني حتى قبل أن تعلّمت اسمها والتعبير عنها.

كانت ضمن أول مشاركاتي في الجامعة في السنة الثانية بمبادرة لتعليم اللغة العربية قراءةً وكتابة للعاملين في الجامعه هي مبادرة "أمل"، و قد عهدت لنفسي مرةً أن أدرس، أتعلّم وأتمكّن لذاتي، وانتقاما لكل من حُرِمَت الفرصة على اختلاف أسباب الحرمان، وجدتُني يدُ خدمة الفرصة - المتأخرة ربما- في نقش الأمل بالتعليم على حجر نفوسٍ فقدته.شاركت كمعلّمة متطوعة مع طالبات مبدعات أخريات، لنخرّج خلال فصل دراسي جامعي واحد، ثماني سيّدات من العاملات في الجامعه متمكّنات من اللغة قراءةً وكتابة. قد تخدمهن هذه المعرفة الجديدة في أبسط المواقف العابرة أو أعقد الأوقات حاجة، لا أعلم، لكنه حلم وهو الآن يقف على أقدامه بهممهنّ، ورغبتهن الجادّة في التعليم، وجدت فرحتهم في تعلم حرف جديد تُهدىٰ لي أنا، وأن الفرحة تكررت مع حروف الأبجدية ثماني وعشرين مرة وحجمها بسعة كلمات اللغة المُعجزة.

ومن بعدها وجدتني مهتمة بقضايا تعليم الحالات الخاصة وتبسيط التعليم ، أنا التي لم تتوقع لها نجاحًا في هكذا مجال صعب ومتعب ، وكانت ثاني مشاركاتي في مبادرة صعوبات وتأخر التعلم وعن بعد، في فترة الحجر الصحي الأخير استجابة لظروف جائحة فيروس كورونا ، ضمن مبادرة "حقي" ، حيث سبقت خطوة تقديم التعليم وبناء المهارات مع الطلبة المتلقّين، بناء معرفة ومهارات واسعة لدي بتعاون من معلمين وأساتذة جامعات أصحاب خبرة طويلة في مجال التربية الخاصة، فأصبحت الفائدة مضاعفة، وكذلك أيضًا نلت من العلم الجديد أفضله وأصعبه، ومن المحبة أنقاها و أضعاف ما منحتُ، من طلبة متلازمة الحب، داون، قمة الذكاء والنقاء والسلام الداخلي، كانت طالبتي ،بل صديقتي، تقدّر أدق تفاصيل عملية التعلّم المتبادل بيننا بكل تفاصيلها وبكافة الوسائل المتاحة، فإذا بادرنا بصنع وسيلة تعليمية أو حرفة يدوية ،دائما ما كانت النتيجة النهائية تحمل اسمي، واذا تعلمنا كتابة الحروف ،فتكتب اولا اسمي، واذا تعلمنا القراءة، تهمّ تبحث عن اسمي لتهجّئ حروفه. تناديني "مس ليان" ،وأنا أصرّ أننا صديقات، لكنها تحب أن تقدّرني كما تقدّر معلماتها الخبيرات السابقات، وتضعني بقائمتهن الصعبة الوصول حقيقةً.

شُكرًا لكل من سرت معه ميلًا فسار معي ميلَيْن ، من شاركني صنع الذكريات، وتحسين صورة لزوم وحتمية المرحلة الجامعية، وأكّد على جودة ثمارها.

أنا لم أصل بعد لكَوني ناجحة ، أنا نجحتُ بكوني شاكِرة لله على كل التفاصيل، وثمار الأتعاب ، نجحت بتحويل الصدفة في كل شيء لفرصة ، لعلني اعطي من طاقتي المزيد في هذا المجال كما في غيره بإذن الله .


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات ليان سواقد

تدوينات ذات صلة