ستعيش حياتك ببساطة مختبراً وجودك على كوكب يلفّ حول نفسه في اللامكان - مايكل سينغر .

" I did not complain for 24 hours and it completely changed my life "


طريق أخّاذ في قلب الطبيعة ، يتماهى ضياء الشمس معه بطريقة يستحيل لوعي بشري تحمل مدى حُسنه ، تحفّ الأشجار


جانبيه ، روحٌ وعقل يمشيان سويّاً في هذا الطريق الفاتن ، تتأمل الرّوح جمال الطريق ، تنظر للأشجار مُلقية تحيتها الحيّة على


أوراقهن ، تتعجب الرّوح من رسوخ الشجرة ، تسقط أوراقها وتنبُت ، تذبل زهورها وتتفتح ، وهي على حالها باسقة شامخة ، لا


يُضعفها سمود عابر ، ولا يهزها لئيمٌ ماكر .


تمشي الروح الخفيفة بطرب ، باغتها العقل يتشكّى :


_ نحن تائهان ، مللت المشي .


_ لكن انظر لما يحيطك من جمال ، يشحنك بسلام غامر .


_ لقد تعبت وتنقُصني الطاقة ، أزعجني صوت السّنونو ، وآلمني شوك الطريق ، الحرّ قاهر هنا .


شعرت الروح بالثقل ، لكنها سرعان ما أزالت آثار كلمات العقل ، وعادت مسرورة متفائلة ، غامت السماء ، وأسقطت المُزن


الماء ، فرقصت الروح ابتهاجاً ، وأغمضت العينين إجلالاً ، فاشتكى العقل الحال :


_ يا روح قِي نفسكِ البرد وإلّا تمرضي ، وستتكبدين عناء تجفيف الملابس بعد إشعال نار هذا إن استطعتِ ، سيحلُّ الظلام قريباً ،


وانا أكره الظّلام ، أين سننام ؟


_ يا عقل كُفَّ عن الشكوى ، لن أمرض من غيث ربي ، وإن مرضت فأيام معدودة وسأعود كالنّسمة أخف حِملاً وهذا من رحمة ربي ،


سنجد مكاناً للمبيت ، فقط كُف عن بث الرَوْع في الطريق .


تمشّت الروح على العشب النديّ ، اقترنت الروح بالأرض ، اتصلت بمنبتها ، فجاءها صوت تذمر العقل :


_ لا أحبُّ العشب ، فماذا لو كانت بين أوراقه نملة ، أو حشرة كبيرة ، أو ربما أفعى مختبئة ، ماذا لو كان هناك زُجاج مكسور ! .


ضاقت الروح بالعقل ذرعاً ، لم تلتفت إليه ، حل الظلام ، واستلقت الروح فوق العشب تراقب النجوم في هدوء حتى قاطعها العقل :


_ انا أشعر بالبرد ، ولم نستطع إشعال النار ، ولم نجفف الملابس ، سنموت حتماً هنا ، أشعر بالتّعب ، ولن أستطيع النوم هنا


مُطلقاً ، انا جائعٌ أيضاً ، وحتى لو استطعتُ النوم هنا ، ماذا عن الغد ؟ ، أين سنذهب ؟ ، وكيف سنصل ؟ ، و إلى ما سنصل ؟ ، أين


المُخلِّص ؟ .


_ المخلِّص هو صمتك ، أنتَ أحمق كبير .


لقد ثقُلت الروح كثيراً واختلط صوت العقل بصوتها ، حتى ظنّت بأنها العقل ، أصابها الكسل والتّعب ، لم تعد مرحة ، وانطفأ نور


الحياة فيها .



أضاعت الروح الحُبُك ، فتاهت أكثر ، حتى قطعت طريقها هالة منيرة ، روح متحررة من صوت العقل ، فقالت لها :


_ ما الذي أخمد نيران الحياة فيكِ يا روح ؟


_ لا أعلم ، لكنني ما عُدت أحب الحياة ، إنها ثقيلة ، يصعب فهمها ومملة .


_ كلامك لا يشبه روحانية مكنونك ، وكأنه كلام العقل !



أضاءت فيها وهجاً ، تذكرت الروح هُويتها ، وأدركت وجود العقل وتأثيره عليها ، لكن كيف الخلاص منه ، فهو رفيق دربها الأبدي ،


فلا روح بلا عقل !


سألت الروح روح الهالة البرّاقة :


_ أيتها الرّوح السّامية ، كيف سَموتِ والعقل رفيقك ؟ ، كيف تجلّى نورك وصوت العقل لا يرحمك ؟


_ يا روح أخبري عقلك بأن يكفّ عن الشكوى ، ويستبدلها بانتقاء الأفكار ومراقبتها ، أخبري عقلك بأن الحياة لطيفة ، وبأن كل


فكرة تراوده هي أيضاً تراود غيره من العقول ، لكن الحكمة تكمن في عدم الالتفات للمزعج منها ، فقط ليدعها تمرُّ بسلام ،


بهدوء ، حتى تختفي ، إن للعقل قوة فقط تعلّمي التعامل مع عواصفه ، وتذكري أنتِ لستِ العقل يا روح ، وأنتِ لست الأفكار .




_ ملك نادر .




ملك نادر

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات ملك نادر

تدوينات ذات صلة